احتلال الرجال للمطبخ .. بين الرفض والاستحسان

احتلال الرجال للمطبخ .. بين الرفض والاستحسان
  • القراءات: 699
❊  نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

  تدفع حياة العزوبية بعض الرجال إلى تعلم أصول المطبخ، حيث تدفعهم الحاجة إلى تعلم العيش بمفردهم من دون الاعتماد على أحد في تحضير الأكل أو القيام ببعض الأشغال المنزلية. وقد يكتشف عدد منهم لمساتهم الفنية في المطبخ ولذة أطباقهم الأمر الذي يدفعهم إلى حب الطهي، وقد يوظف البعض منهم معارفهم لمساعدة زوجاتهم في الطبخ لاسيما خلال الشهر الفضيل.

يتعلم العزاب الذين يعيشون فترات بعيدين عن عائلاتهم العديد من المهارات التي تتيح لهم فرص الاعتماد على أنفسهم في أغلب مستلزمات الحياة اليومية، ومن بينها شؤون البيت والطبخ، ومنهم من يعرف أن لديه مواهب وهوايات في هذه المساحة من البيت وتسهل هذه المهارات التي يتعلمها الأعزب مساعدة زوجته في المستقبل على القيام بالأعمال المنزلية، وهو ما يجعله مثاليا في نظر بعض النساء و«الحنون الذي له قابلية على المساعدة دون تذمر، لكن كيف يرى المجتمع هذا النوع من الرجال الذين يقبلون مساعدة زوجاتهم في المطبخ خصوصا خلال الشهر الفضيل، حيث تكثر الأعمال ويكثر الضغط على الزوجة في تحضير الأكل قبل آذان المغرب.

روتين يومي ولكلّ دوره

اقتربت المساء من عدد من المواطنين الذين حملنا لهم سؤالين بسيطين أحداهما للرجل وآخر للمرأة، هل تساعد زوجتك في المطبخ؟، أو هل يساعدك زوجك في المطبخ؟، وكانت الأجوبة متباينة بين القابل للفكرة والرافض لها تماما، ولقد كان محمد من بين الذين لا يجدون حرجا في مساعدة زوجاتهم في أعمال البيت، لكن تبقى البسيطة منها فقط حيث قال أنتمي إلى عائلة تضمّ ذكورا فقط فلديّ 5 إخوة، الأمر الذي حث أمي منذ الصغر على تعليمنا بعض المهام المنزلية لمساعدتها وتحمل بعض الأعباء المنزلية كغسل الأواني أو تحضير الأكل من حين إلى آخر، وأشار إلى أنّ غالبية إخوته يتقنون مختلف المهام المنزلية كترتيب الفراش صباحا بمفردهم، وحمل الصحون إلى الغسالة أو تحضير الأكل عند غياب الأم وبعض المهام الأخرى، وأضاف أن سلوكياته لم تتغير بعد الزواج إذ أصبحت تدخل في روتينه اليومي، وهذا يشمل كذلك مساعدة الزوجة في المطبخ.

من جهته، قال عبد الوهاب (33 سنة متزوج حديثا) يدرك العديد من الشبان أعباء الأعمال المنزلية في فترة السكن المستقل عن الأهل، في حين يتعلم البعض الآخر تلك المهام خلال أداء الخدمة الوطنية، حيث يجبر النظام العسكري هؤلاء الشباب على الاعتماد عن النفس وخدمتها، الأمر الذي يجعلهم إيجابيين في حياتهم اليومية، وأضاف أنّهم غالبا ما يكونون بعد الزواج مختلفين عن أقرانهم الذين لم يمروا بتجربة الاستقلالية والعيش بعيدا عن بيت الأسرة، فهم من ناحية يجيدون الاهتمام بأنفسهم ويعرفون كيفية القيام بذلك، كما يدركون مشقة القيام بالأعمال المنزلية، وغالبا ما لا يجد هؤلاء الشباب صعوبة في تقبل فكرة مساعدة زوجاتهم على إنجاز أعمال المنزل لاسيما الطبخ.

على صعيد ثان، قال حمزة إنّه يرفض الفكرة تماما فلم يسبق له أن دخل المطبخ لتحضير الأكل، حتى وإن اضطر للمبيت وحده لفترة قصيرة، فدائما ما يفضّل شراء أكل جاهز وتناوله من دون تكبد عناء تحضيره في البيت، وأضاف أن الزوجة تختص فيها أكثر من الرجل فالعمل خارج البيت يحسنه، موضحا أنه يرفض أيضا فكرة أن المرأة تقوم بمهام الرجل مثل التبضع أو حمل المشتريات أو غيرها، وقال لن أرفض مساعدة زوجتي في حال ما إذا طلبت مني ذلك لكن تبقى في مهام سطحية خصوصا خلال شهر رمضان حيث تكثر عليها المهام، مثلا في ترتيب مائدة الإفطار أو تقطيع الخبز، أو الأجبان أو البعض من تلك التفاصيل”.

على صعيد آخر، أبدت عدد من النساء تبنيهم للفكرة وثمّن فكرة مساعدة أزواجهن لهن في مهام المطبخ حيث قالت مريم، يبدو ذلك أكثر من حلم حتى يكون حقيقة، فأكثر الرجال الذين يدخلون المطبخ ليس لكم أجل الأكل فقط، بل لمساعدة زوجاتهم هم من الرجال الشغوفين بالطهي، حيث تجدهم يقومون بالمهمة بكل حب ويرونها متعة أكثر من عبء إضافي، الأمر الذي يجعله يشارك زوجته في أعمال المطبخ للتخفيف عنها كما يراها آخرون وسيلة لإسعاد الزوجة وتقوية الانسجام بينهما.

رفض مطلق للاحتلال الرجالي

من جهتها، قالت سعاد 40 سنة إن الطهي إحدى المهام التي توكل للزوجة، لكن عندما يكون الزوج من هواة الطبخ يمكنه أن يطهو بعض الأكلات، وبالتالي يتمكن من مساعدة زوجته ولاسيما في الأوقات التي يتوجب عليه فيها القيام بذلك مثل ضيافة الأهل والأصحاب أو عندما تكون مريضة أو مرهقة، أو خلال الشهر الفضيل، لكن دائما ما ترفض فكرة مشاركة المهمة خلال نفس الغذاء لأن ذلك يزيد من أتعابها لاسيما وأن بعض الرجال يحوّلون المطبخ إلى ورشة بناء بعد دخولهم إليها، وتجد جبلا من الأواني تنتظر غسلها، على حد تعبيرها، تجعلها تتعب أكثر من تحضيرها للأكل، وعليه ليبقى الرجل بعيدا عن هذا المكان إلا إذا اضطر للمشاركة.

أما نسيمة، فأشارت إلى أن الرجل بطبعه يحب الدلال فبمجرد دخوله المطبخ تأخذ شهيته في التحكم وتجده يتصرف في مكونات المطبخ وقد يحضر ما لا يتناوله مطلقا خصوصا خلال شهر رمضان، كما أنه يبدأ في إلقاء التعاليق هنا وهناك عن المأكولات التي تحضر و«لا يعجبه العجب الأمر الذي يجعلنها تبقيه بعيدا عن المطبخ.