الطبقة السياسية تجمع على ضرورة رحيل النظام

محاربة الفساد لا يجب أن تميع أهداف الحراك

محاربة الفساد لا يجب أن تميع أهداف الحراك
  • القراءات: 772
زولا سومر زولا سومر

حذرت الطبقة السياسية من مغبة التحايل على المطلب الأساسي والجوهري الموحد للشعب الجزائري المتمثل في رحيل كل رموز النظام الحالي الذين تسببوا في الأزمة السياسية التي نعيشها اليوم، متفقين على أن الشعب يريد رحيل السلطة الحالية من رئيس الدولة عبد القادر بن صالح وحكومته، والدخول في مرحلة انتقالية تشرف عليها شخصيات تحظى بثقة الشعب لتنظيم انتخابات، وبعدها الشروع في محاسبة كل المتورطين في قضايا الفساد، تفاديا لتمييع أهداف الحراك.

واستنكرت الأحزاب أمس، بقاء وجوه النظام الذين طالب الحراك الشعبي بتنحيتهم في مناصبهم وإشرافهم على مشاورات وشروعهم في محاسبة بعض رجال الأعمال ”للتظاهر بمحاربة الفساد” في الوقت الذي يرفض فيه الجزائريون الذين خرجوا بالملايين داخل وخارج الوطن ”إشراف كل المسؤولين المحسوبين على النظام على هذه العملية، بعدما غضوا البصر عنها لسنوات”.

اعتبر السيد سفيان جيلالي رئيس حزب ”جيل الجديد” في تصريح لـ«المساء” بأن المشاورات التي عقدت أول أمس، كان مصيرها واضح منذ البداية بـ«الفشل”، غير أن الجهة التي دعت إليها ”تعنتت وعقدتها رغم رفض الشعب”، مشيرا إلى أن هذا الفشل كان متوقعا لأن الجميع يعلم أنه لا يمكن الذهاب إلى انتخابات رئاسية في ظل غياب كل الظروف التي تسمح بذلك في الوقت الحالي والاكتفاء بتطبيق المادة 102 من الدستور فقط، حيث تبحث السلطة حاليا عن مخرج للأزمة وتريد ربطه بالدستور ببقاء الوجوه القديمة التي تعد طرفا في الأزمة.

واقترح السيد جيلالي أن الحل للخروج من الأزمة الحالية هي الاستجابة لمطلب الحراك الشعبي واستقالة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الذي يرفضه الشعب ويرفض أي مبادرة أو اقتراح يأتي منه، وإلغاء الانتخابات الرئاسية التي دعا إلى تنظيمها في 4 جويلية المقبل. مضيفا أن حل الأزمة يكمن في تمديد المرحلة الانتقالية بإشراف وجوه تحظى بموافقة الشارع الجزائري تتمتع بكفاءة ونزاهة تقود المرحلة، وليس بفرض وجوه من النظام التي يرفضها الحراك الشعبي ويجهض كل محاولة تأتي منها.

أما فيما يخص شروع العدالة في فتح ملفات الفساد واستدعاء بعض رجال الأعمال وإيداعهم رهن الحبس المؤقت، فقال محدثنا إن العدالة يجب أن تتحرك لوضع حد للاختلاسات في إطار قانوني. غير أنه عبّر عن تخوف حزبه مما أسماه بـ«الدخول في مرحلة تصفية الحسابات، والدفع بالناس إلى السجن بدون تحقيقات معمقة تثبت تورطهم”، محذرا من مغبة حدوث انزلاقات خطيرة بمحاسبة بعض رجال الأعمال المعروفين بمعارضتهم للنظام وغض البصر عن الآخرين.

وفي هذا السياق، أفاد رئيس حزب ”جيل الجديد” أنه لا يجب استعمال محاربة الفساد كآلة لتغيير وجهة الحراك الشعبي، وإجهاض عملية التغيير السياسي بالعدالة. موضحا أن الأولوية حاليا لرحيل النظام كما يريده الشعب ثم الشروع في المحاسبة، وذلك باتخاذ إجراءات تحفظية بمنع رجال الأعمال المشتبه في تورطهم في قضايا الفساد من مغادرة التراب الوطني، ووضعهم تحت الرقابة القضائية إذا اقتضى الأمر ثم إحالتهم على العدالة بعد مجيء قيادة جديدة للبلاد، لأن الشعب يرفض إشراف القيادة الحالية على محاربة الفساد.

وهو الرأي الذي تقاسمه حزب ”العمال” حيث صرح القيادي في الحزب جلول جودي لـ«المساء” بأن مقابلة مطالب ملايين الجزائريين الذين يخرجون في مسيرات حاشدة بـ«آذان صماء” والتظاهر بمحاربة الفساد هو ”تغطية الشمس بالغربال” كما يقول المثل الشعبي.

وإن ذكر السيد جودي بأن حزب العمال لم يتوقف يوما عن التنديد بظهور الأوليغارشية والمطالبة بمحاربة الفساد الذي ضرب أطنابه ، حيث أصبحت الجزائر في يد مجموعة من رجال الأعمال، فقد دعا إلى أن العدالة مطالبة بمحاربة كل رموز الفساد على قدر مساواة مهما كانت مناصب مسؤوليتهم. موضحا أن هذه المحاسبة لا يجب أن تكون على حساب المطلب الأساسي للحراك الشعبي الذي يطالب برحيل النظام قبل كل شيء، ثم بعد ذلك التفرغ لفتح ملفات الفساد.

وفي تعليقه على المشاورات التي نظمتها رئاسة الدولة، أشار السيد جودي إلى أن الاقتراحات التي تمخضت عن هذه الندوة ”غير معترف بها” مادام الشعب رفضها وهي ”مشاورات تنافت مع الإرادة الشعبية التي لم تبحث عن ندوة، بل طالبت برحيل رموز النظام”.

وتقاسم القيادي عن حزب جبهة التنمية والعدالة لخضر بن خلاف هذا الطرح، مجددا موقف حزبه الداعي إلى استقالة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح وكل من تسبب في الأزمة التي تعيشها الجزائر بدل تقديم مقترحات والحديث عن تنظيم انتخابات، خاصة بعد المشاورات ”الفاشلة” التي دعا إليها بن صالح وغاب عنها بعدما قوبلت برفض شعبي كبير.

ويرى السيد بن خلاف أن الأصل للخروج من الأزمة يكمن في الحل السياسي والتوجه نحو التفكير في تسيير المرحلة الانتقالية. مضيفا أنه بالموازاة مع ذلك، يجب محاربة الفساد الذي مس عدة قطاعات من طرف جهات اقتسمت ثروات البلاد، حان الوقت لمحاسبتها في إطار عادل بفتح ملفات كل المتورطين مهما كانت مناصب مسؤوليتهم وليس الاكتفاء بمحاسبة ما أسماه بـ«الحوت الصغير” كما تم العمل به في عدة قضايا فساد سابقة نظرت فيها العدالة من قبل.