الدكتور عبد العظيم بن الصغير (أستاذ العلوم السياسية بجامعة بومرداس) لـ”المساء”:

حل الأزمة سياسيّ وبن صالح سيجبر على الاستقالة

حل الأزمة سياسيّ وبن صالح سيجبر على الاستقالة
  • القراءات: 701
 حاورته: حنان.س حاورته: حنان.س

يرى الدكتور عبد العظيم بن الصغير أستاذ العلوم السياسية بجامعة بومرداس، الخروج من المأزق الذي تعيشه الجزائر منذ أزيد من شهرين سياسي بالدرجة الأولى، داعيا رئيس الدولة وبقية ”الباءات” إلى التنحي ما دام الشعب يرفضهم، والسماح بالتأسيس لمرحلة انتقالية تكفل تنظيم انتخابات رئاسية في أقل من سنة، معتبرا ندوة المشاورات التي دعا إليها رئيس الدولة قد ”ولدت ميتة”.

* كيف تقرأون المشهد السياسي العام حاليا؟

● أعتقد أن الوضع السائد لا يمكن وصفه إلا بكونه مأزقا سياسيا بأتم معنى الكلمة، كما أن الحل لا يكون إلا سياسيا، مع كل ما يحتاج ذلك إلى وقت وإلى تدخل كافة الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية، والأهم من ذلك أن يتنازل الجميع سواء أكانوا في السلطة أم في المعارضة، ما دام الهدف الأسمى يتلخص في إنجاح تسيير المرحلة الانتقالية.

* إذا كان حل الأزمة يحتاج إلى وقت، ألا يزيد ذلك من تعقيد الأمر؟

● إذا تم إتباع الإجراءات الدستورية، فإن حل الأزمة يكون عاجلا بالنظر إلى الخطوات المنصوص عليها في الدستور، أما إذا اتبعنا الحلول السياسية فالحل يحتاج إلى وقت أطول، حاليا يتم العمل بما جاء في الدستور، والدليل تولي رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة وإعلانه إجراء الانتخابات الرئاسية في الرابع جويلية القادم.

ولكن في ظل استمرار الحراك في مقاطعة مختلف المقترحات التي جاء بها بن صالح، ومنها الندوة الوطنية المنعقدة يوم الاثنين التي ـ باعتقادي ولدت ميتة بالنظر للمقاطعة الكبيرة لها حتى من أحزاب المولاة ـ يبدو أن الوضع سيبقى على ما هو عليه حتى بعد 4 جويلية، بل قد يكون ـ أعقد ـ إذا استمر التعنت الحاصل حاليا، فالواقع يشير إلى أن اتساع رقعة المقاطعين لهذا الموعد الانتخابي ومنهم ”الأميار” الذين يقاطعون مراجعة القوائم الانتخابية. وبالتالي فمن المؤكد أن الحل هنا سياسي بامتياز ويتطلب في بادئ الأمر اتفاقا قبل المرور إلى الحل الدستوري، أي لابد من جلوس كل الأحزاب والسلطة الفعلية بمرافقة المؤسسة العسكرية حول طاولة المفاوضات للاتفاق على تسيير المرحلة الانتقالية لمدة 6 أشهر إلى عام.

* .. والمخرج؟

● المخرج واضح وحل الأزمة سياسي، الشرعية الشعبية أسقطت دستورية بن صالح وبالتالي لا نتصور بأن تقوم السلطة وتؤدي مهامها وهي فاقدة لأهم ركائزها وهي الشرعية الشعبية، لذلك فتنحي بن صالح وباقي الباءات أصبح حتميا.

نرى اليوم أن هناك تعنت ممن هم في السلطة بالرغم من قناعتهم برفض الشعب لهم، وبالمقابل فإن رفض الحراك لهذه الوجوه يُبقي المأزق قائما، غير أن الحل في اعتقادنا يكون أيضا دستوريا لأن القانون الدستوري يقر بأنه في حالة ”ثورة شعبية” يجب وقف العمل بالدستور وبالتالي فإن الحل موجود فعلا.

وأعتقد أن بن صالح سيجبر على تقديم استقالته.. أقول سيجبر، لأن ضغط المسؤولية كبير مقابل الرفض الشعبي المتزايد لشخصه ولباقي رموز النظام. كما أنه إذا استقال، فإن التساؤل سيطرح حول خليفته لأن الدستور واضح وهو أن يتولى رئيس المجلس الدستوري رئاسة الدولة لمرحلة انتقالية، لكن السرعة التي تم بها تعيين كمال فنيش خلفا للطيب بلعيز تطرح تحفظات كثيرة، ولكن نحن لا نتسرع ونطلق أحكاما مسبقة ونؤكد أن أحسن حل في كل هذا يكمن في التعجيل بتعيين رئيس توافقي يقبله الحراك، ولمَ لا مجلس تأسيسي انتقالي.

* هل تتوقعون تدخلا للمؤسسة العسكرية لحسم الموقف؟ 

● ذكاء المؤسسة العسكرية يجعلها تسير بخطوات ثابتة وتنحاز للإرادة الشعبية دون أن تتخذ قرارات توحي بتدخلها المباشر في الحياة السياسية، لذلك فإن المؤسسة العسكرية تسير بحذر شديد وتساير هذه المرحلة الحرجة بذكاء ووفقا للدستور حتى لا تتصادم بالإرادة الشعبية.

أذكر هنا المادة 28 من الدستور التي تنص على أن المؤسسة العسكرية تحمي السيادة الوطنية، والإرادة الشعبية هي جزء من هذه السيادة، وإذا تعرضت هذه السيادة لأي شكل من أشكال الانتهاك داخليا أو خارجيا يمكن للجيش التدخل دستوريا لحمايتها.

وبما أنه في كل جمعة نشهد استفتاء يتكرر يرفض هذا النظام والوجوه الموروثة عنه، معناه أن الإرادة الشعبية مع ذهاب هذا النظام برمته، والمؤسسة العسكرية هنا تبقى المؤسسة الدستورية الوحيدة ذات الشرعية. ومن منطلق التوافق الحاصل بين الطرفين، فإن قيادة الأركان فهمت الرسالة وتعهدت بالمرافقة، بدليل تسع جمعات كاملة ولم نسجل أي مشهد من مشاهد العنف الذي تشهده عدة بلدان، ما يجعلها ثورة سليمة وواعية.