المصاب بسرطان الدماغ

التشخيص المبكر يحمي المكتسبات المعرفية

التشخيص المبكر يحمي المكتسبات المعرفية
الأستاذة مريم بن بوزيد رشيدة بلال
  • القراءات: 1475
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

توجه تخصص الأرطفونيا في السنوات الأخيرة، حسب الأستاذة مريم بن بوزيد، إلى الاهتمام بكل ما هو قدرات معرفية ممثلة في الذاكرة و«الانتباه و«التركيز، بالنظر إلى أهميتها في الحفاظ على قدرات ومكتسبات الفرد، بعدما كان هذا التخصص منصبا حول النطق والاتصال اللغوي وغير اللفضي، انطلاقا من هذا، صبت الأخصائية دراستها في مجال الأرطفونيا على المصابين بسرطان الدماغ، للتأكيد على أهمية هذا التخصص في الحد من تأثير المرض على مكتسبات المريض، والتي عرضتها مؤخرا، بمناسبة مشاركتها في ملتقى بالعاصمة.

تتمحور فحوى الدراسة، حسبها، في محاولة الحفاظ على بعض المكتسبات التي تكونت لدى مريض السرطان عبر مراحل مختلفة من حياته، بالنظر إلى أهميتها في جعله متصلا بالبيئة التي يعيش فيها، لأن أي اختلال قد يحدث في هذه المكتسبات يعرضه للعديد من المشاكل، ومنها مثلا، أن المصاب بسرطان الدماغ يكون معرضا للنسيان، بالتالي يصعب عليه تذكر حتى أقرب الناس إليه أو حتى من يكون أصلا. ومن آثار هذا العرض، أن يكون المريض معرضا للضياع، ومن هنا تقول يبرز دور هذا التخصص في الحفاظ على بعض هذه المكتسبات التي تمكّنه من البقاء متكيفا مع بيئته، وقادرا على حماية نفسه على الأقل من الضياع”.

حسب الأخصائية الأرطفونية، فإن المصاب بسرطان الدماغ عادة ما يبدأ في فقدان مكتسباته المعرفية بصورة تدريجية، وإن حدث وخضع مبكرا بالنظر إلى تفشي الداء للعلاج الكيماوي، يكون معرضا لفقدانها بصورة سريعة، ومن ثمة يتطلب الأمر ـ حسبها ـ الإسراع في التكفل بالمريض، خاصة أن النتائج التي أثبتتها الدراسة الميدانية التي قامت بها، تكشف عن أنه كلما كان التكفل الأرطفوني مبكرا كان فقدان المكتسبات المعرفية قليلا، الأمر الذي يدعونا ـ تقول ـ إلى إخضاع المرضى لبرامج علاجية علمية، ومنها ـ مثلا ـ الاعتماد على الصور لإبقاء الذاكرة نشيطة، إخضاع العقل لنوع من الرياضة من خلال مرافقة المريض عبر طرق مختلفة من وإلى منزله، حتى يتعوّد عليها ولا يضيع، ناهيك عن القيام ببعض الألعاب اليدوية الفكرية لمحاربة النسيان”. في ردها عن سؤال المساء حول ما إذا كانت البرامج العلاجية تشمل كل المصابين بمرض السرطان الدماغي، أوضحت الأخصائية أن مثل هذه البرامج، تخص المصابين بالداء من الذين كانت مكتسباتهم المعرفية متوسطة التأثير بالمرض أو خفيفة، بعد اكتشاف الداء، وقبل الخضوع للعلاج الكيماوي، أما إن كان التأثير عميقا على المكتسبات المعرفية، فإنه من الصعب استرجاعها، ومن هنا تؤكد الأخصائية أهمية التشخيص المبكر، بالتالي فإن الفئة التي انتشر لديها مرض السرطان، يتوجه الاهتمام نحوها فقط في كيفية إبقائها على قيد الحياة، وأن تعيش باقي حياتها سعيدة بعيدا عن الألم، لأن المكتسبات المعرفية في هذه المرحلة تفقد أهميتها أمام حياة المريض.

تظهر أهمية التشخيص المبكر للمصاب بسرطان الدماغ، حسب الأخصائية، في تمكينه من الاستفادة المبكرة من البرامج العلاجية الحديثة، التي تستهدف الحفاظ على مكتسباته المعرفية، لأن الغاية المنشودة من وراء هذه البرامج، ليس الوصول إلى شفاء المريض، إنما تمكينه من البقاء قادرا على الاعتماد على نفسه دون الحاجة إلى مساعدة، كتلبية حاجاته الشخصية أو الذهاب إلى الحديقة أو المسجد أو السوق، ناهيك عن القدرة أيضا على التعبير عما يحتاج إليه، والأهم من كل هذا، إبقاؤه متصلا بعائلته من خلال تنشيط ذاكرته لتكون قادرة على تذكر الأشخاص والتواصل معهم، مشيرة إلى أن تجربتها الميدانية من خلال الدراسة التي قامت بها على بعض المصابين بسرطان الدماغ في بدايته، أعطت نتائج جد إيجابية، مكّنت المرضى من الحفاظ على مكتسباتهم المعرفية، الأمر الذي يدعونا إلى ضرورة التأكيد في كل مرة، من خلال الملتقيات والأيام الدراسية، على أهمية التشخيص المبكر لكل أنواع الأمراض المستعصية في سبيل الحد من تفاقمها”.