محمد مليك لادي يعرض برواق «عسلة حسين»

24 صورة عن بهجة المحروسة.. وتعاستها أيضا

24 صورة عن بهجة المحروسة.. وتعاستها أيضا
  • القراءات: 1054
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

أحبّ الفنان المصور محمد مليك لادي، الجزائر العاصمة، فأخذ أكثر من صورة لها وعرضها برواق «عسلة حسين» بعنوان «ميراث المستقبل»، واختار لها أن تكون باللونين الأبيض والأسود، كما تناول من خلالها مواضيع عدة، مثل الحياة اليومية للعاصميين وأزقة العاصمة ومناظرها الطبيعية، علاوة على جانبها المظلم أيضا.

24 صورة عن العاصمة، التقطها الفنان المصور والتشكيلي، محمد مليك لادي، من أوجه مختلفة، عبّر من خلالها عن نظرته للمحروسة التي وان اعترتها الغبرة وزاحمتها الهموم، تبقى جميلة في عين كل محبيها، وفي هذا السياق، يدعو الجميع إلى اكتشاف أسرار البهجة والارتماء في حضنها الدافئ.

ولم يشأ الفنان أن يلتقط صورا بالألوان لحبيبته الجزائر، بل اكتفى باللونين الأبيض والأسود، عله يجذب الجمهور أكثر لاكتشاف المنطقة، وكأنّه يقول لهم «تعالوا إلى المحروسة وحاولوا اكتشاف أسرارها، والاحتماء بها، فطالما اعتدى عليها العدو أو حاول فعل ذلك إلا أنها استطاعت أن تنقذ نفسها وأن تظل شامخة رغم كل شيء».

وقد اختار الفنان أن تكون صوره باللونين الأبيض والأسود فقط، للتأكيد على التفاصيل التي يمكن أن تبرز أكثر من خلال هذين اللونين، سواء من ناحية موضوع العمل أو كل الدقائق التي تحيط به، واعتبر الفنان أن الصور الملونة قد لا تؤدي إلى غرضها وأن الألوان قد تأخذ بالأنظار إلى ما لا يريده الفنان.

والتقط محمد صورا عن القصبة وكنيسة السيدة الإفريقية وعن أحيائها التقليدية الشهيرة ومناظر من الحياة اليومية لسكانها، واستطاع أن يخطف اللحظة المناسبة لينتج عنها، صورا في غاية العمق، بعضها تنشر الحياة وأخرى تدل على الكآبة.

واختار الفنان أن يأخذ البهجة برمتها وأن لا يختار فقط بهجتها، فالتقط صورا عن جانبها العمراني التعيس، وأحيائها التي لا تنبض بالحياة، وسكانها الذين يركضون خلف أحلامهم التي هي في الحقيقة حقوق، مثل مسكن لائق وسيارة حديثة وعمل محترم.

وفي هذا السياق، اعتمد محمد مليك لادي على نظرته الفنية لتخليد الجزائر العاصمة، واختار عنوان «ميراث المستقبل» لمعرضه هذا كدليل على حرصه الشديد في أن تحفظ البهجة في ذاكرة الجزائريين عامة، لتكون النتيجة مجموعة معتبرة من الصور، تحقق بعضها الابتسامة وأخرى تضيق من خلالها النفوس.

صورة عن ما بعد صلاة الجمعة، حين تغرق البهجة في سبات عميق وتموت فيها الحركة تماما، وأخرى تظهر سلسلة من الحافلات تفسد واجهة العاصمة المقيتة، أما عن لوحة «ميراث»، فهي عن حي من القصبة الذي رغم اهترائه إلا انه يبقى تراثا ورثناه من أجدادنا وعلينا الحفاظ عليه من الزوال.

ووضع الفنان عناوين موحية لصوره، حتى انه اعتمد على الفكاهة في بعضها مثل الصورة التي عنونها بـ»سباك سباك» وهي عن «طاكسيفون» أي فضاء للهاتف، نسبة للمفتش الطاهر الذي كان يردد هذه الكلمة في فيلمه الشهير «عطلة المفتش الطاهر» وكذا صورة «ليغو»، نسبة إلى لعبة الليغو الشهيرة والتي قصد بها تراص البنايات الجزائرية.

بالمقابل، اختار عناوين أخرى لصوره مثل «ساحة الشهداء راهو رايح»، «صمت الليل»، «يا الرايح»، «ليمير في طونوبيل»، «حينما يتحدث الشارع»، «شوارع التاريخ»، «180درجة على الجزائر»، «عفوية».

وفي هذا، أراد الفنان أن يخلد مدينته المحروسة من خلال صور بالأبيض والأسود، وأن يتغلغل في خبابا المدينة ويكشف عن وجهيها الجميل والقبيح معا، بدون تردد ولا خجل، فكان هذا المعرض حميميا حقا.