طبعتها الثلاثون تنطلق اليوم تونس

قمة عربية وسط طوفان من الرهانات

قمة عربية وسط طوفان من الرهانات
  • القراءات: 853
م. مرشدي م. مرشدي

تنطلق اليوم، بالعاصمة التونسية أشغال القمة العربية العادية الثلاثين والموقف العربي يزداد تدهورا بسبب حالة الفرقة والتشتت التي تميز بلدانه وبلغت حد العداء المطلق، ولم يعد باستطاعتها حتى اتخاذ قرار موحد إزاء أبسط قضايا الراهن العربي التي لم تعد تستدعي الانتظار.

ويلتقي قادة الدول العربية وقد ألقى قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي اعترف بـ«سيادة إسرائيل على هضبة الجولان السوري بظلاله على أجواء هذا الموعد السنوي في انتظار ما ستكشفه الأيام من مفاجآت بخصوص مضمون صفقة القرن التي تريد الإدارة الأمريكية فرضها على الفلسطينيين خدمة لإسرائيل.

وتعود القمم العربية وتتوالى دون أن يتمكن الملوك والرؤساء العرب من التوصل إلى توافقات بخصوص الكثير من قضايا بلدانهم المشتركة التي لا يجب الاختلاف بشأنها، على اعتبار أنها من البديهيات التي لا يختلف فيها عربيان من أقصى الخليج الى أقصى المحيط.

ورغم هذه الحقيقة فإن قمة تونس وعلى غرار القمم العربية التي سبقتها تأتي وقد بلغت الفرقة العربية حد العداء والاقتتال والحروب بالنيابة ضمن مشهد سياسي قاتم السواد، بل أن هذه الاجتماعات الدورية التي تعقد بنية البحث عن حلول جذرية لمختلف القضايا الخلافية تحولت هي الأخرى الى مواعيد لتعميق الشرخ العربي وتباين مواقف بلدانها.

وكان يمكن لقضية هضبة الجولان أن تشكل قضية أخرى لرص الصف العربي، ولكن مواقف الدول العربية  المستنكرة ستكون ظرفية، كما حصل قبل عام مع قرار الرئيس الامريكي بنقل سفارة بلاده الى القدس الشريف، حيث تعالت الأصوات العربية الرافضة والمنددة ولكنها ما لبثت أن خفتت وفتحت المجال أمام الرئيس دونالد ترامب، لنقل سفارة بلاده إليها قبل أن تحذو دول أخرى حذوه ضمن قائمة مفتوحة أمام المزيد من دول العالم.

ولأن الوهن العربي بلغ حد النخاع ـ كما يقال ـ فإن رد الفعل العربي لن يخرج عن دائرة التنديد أيضا  بخصوص قضية هضبة الجولان وهو ما عكسته تصريحات الأمين العام للجامعة العربية، احمد أبو الغيط، الذي اكتفى بالقول إن القرار الأمريكي باطل شكلا ومضمونا كونه يعكس حالة من الخروج على القانون الدولي روحا ونصا، وبما يؤثر على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وكل العالم، مضيفا أن هذا الإعلان لن يغير من وضعية الجولان القانونية شيئا. والمؤكد أن هذا الموقف أملاه تزامن القرار الأمريكي وموعد انعقاد القمة العربية ليجعل منه مجرد تصريح إعلامي لن يغير في واقع الحال شيئا، إذا أسقطنا تجربة تحويل السفارة الأمريكية الى القدس الشريف على تطورات الموقف الأمريكي على هذا الجزء من الأراضي السورية، والذي عكس توجها أمريكيا جديدا يعزز موقف إسرائيل في وجه الدول العربية، حتى وإن حاولت الإدارة الأمريكية القول إنه قرار فرضه تموقع إيران وحزب الله في سوريا.

وحتى وإن أخذنا بجدية الموقف العربي فماذا بإمكان العرب فعله لمنع تكريس الخطوة الأمريكية وهم الذين فشلوا في اتخاذ موقف يمنع  تهويد مدينة القدس ومعالمها الإسلامية، رغم أنها القضية التي وحدت الصف العربي طيلة سنوات قبل أن يتفتت هذا الموقف في سياق  الطوفان الذي ينتظر أن تخلفه صفقة القرن على الفلسطينيين وكل العرب وحتى المسلمين.

وسيجد العرب أنفسهم حينها أمام أمر واقع سيكونون مضطرين الى الاعتراف به مكرهين، وقد تراجع فيه دور الأمم المتحدة التي أصبحت عاجزة عن الدفاع عن قراراتها ولوائحها تماما كما هو حال بالنسبة للقوى الكبرى التي فقدت هي الأخرى كل تأثير في صيرورة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، خاصة إذا تعلق الامر بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين. وبسبب ذلك فإن دعوة صائب عريقات، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية أمس القمة العربية لوضع خارطة طريق للتعامل مع الإدارة الأمريكية في قمة جامعة الدول العربية عبر ما أسماه بـ«لغة المصالح التي لا تفهم غيرها ستبقى مجرد نداء دون وقع صدى.

ويمكن إسقاط مثل هذا الوضع على كل القضايا العربية الأخرى من اليمن الى ليبيا مرورا بالصومال ووصولا الى السودان التي تعرف تعقيدات كبرى بمناسبة انعقاد كل قمة عربية رغم الإجماع العربي القائم بضرورة تسويتها، ولكن ذلك بقي مجرد أماني كثيرا ما اصطدمت مع المصالح الضيقة لهذه الدولة العربية أو تلك ليبقى العرب في متاهة حالة فرقة نهايتها ليست غدا.