رغم تمسك العائلات به خلال الأفراح وحفلات الختان

الطربوش العنابي بين الاندثار والنسيان

الطربوش العنابي بين الاندثار والنسيان
الطربوش العنابي
  • القراءات: 2543
❊سميرة عوام ❊سميرة عوام

لا يزال الطربوش العنابي، حاضرا في يوميات سكان بونة، إذ يرمز إلى ارتباط الرجل العنابي بتقاليده وتراثه وتاريخه العميق، حيث كان للطربوش حكاية جميلة تتناسق وقصص الملاية العنابية، التي تتزين بها عاصمة أبي مروان الشريف.

حكاية الطربوش تبدأ داخل الأزقة المتراصة القديمة، حيث تربط "مارشي الحوت" المؤدي إلى دكان عمي قدور البالغ من العمر 78 سنة، الذي مازال ماضيا في صناعة الطربوش ذو اللون العنابي الجميل المرصع بخيط الفتلة، أو كما يسمى في اللهجة العنابية بخيط الذهب، يقول هذا الحرفي، إنه أخذ الحرفة عن والده، رحمه الله، المعروف ببونة، كان سباقا لصناعة الطربوش الخاص بأعيان المدينة آنذاك، حيث كان يتباهى المسؤولون في وقت مضى بالطربوش، خاصة في المناسبات الدينية والأعراس وقعدات الحضرة وغيرها.

حسب بعض القدامى، فإن الطربوش العنابي يعود إلى سنة 1932، لما كانت صناعة الطرابيش وقتها رائجة وكان يلبسها الصغير والكبير، لكن مع تقدم الأيام، بات الطربوش مرتبطا بالفرق الموسيقية العريقة في عنابة، منها العيساوة، مع حضور قوي في حفلات الختان والأعراس، أين يتزين الحضور بهذا الأكسسوار الجميل.

لون العناب يطبع المكان

يعمد بعض أصحاب المقاهي الشعبية القديمة بعنابة لارتداء الطربوش، حيث يحاولون إدخاله في يومياتهم، حيث يتناسق هذا الزي التقليدي مع أغاني المالوف وبحة الراحل حسان العنابي، ليكون لفنجان القهوة في ساحة الثورة تأثير السحر في صورة جمالية يزينها النادل، الذي يرتدي الطربوش وبيده صينية فضية مزينة، حاملا بها أيضا كؤوس الشاي المعبق بالنعناع والحبق اللذان يوزعها بكل فرح على السياح والزوار، وهو يسلم على ضيوفه بلهجة عنابية، وهذا ما يعرف بتاريخ مدينة العناب، فاللون العنابي يوحي للزائر بأن عنابة تستمد جذورها من أشجار العناب الذي كان يحيط بالمدينة، ومنها انتشر اللون الأحمر العنابي الرائع، حيث شمل قندورة الفتلة والطربوش وغيره.

يحترف المتخصصون في صناعة الطرابيش بعنابة، منها خياطة الكبوس، كما كان يسمى قديما، والذي يستعمل عادة في حفلات الطهور، "العصملي"، "التركي"، "شوشنا الخاصة بالأعراس"، "طربوش اسطمبولي"، كلها أسماء تطلق على الطربوش سواء العنابي أو التلمساني أو القسنطيني، وغيرها من الولايات الأخرى التي عرفت انتشارا للطربوش خلال سنوات التواجد العثماني في الجزائر، والذي امتد إلى سنوات ما بعد الاستقلال. 

على صعيد آخر، يطالب أصحاب هذه الحرفة بضرورة الحفاظ على هذه المهنة القديمة من الاندثار، مع توفير محلات خاصة بصناعة الطربوش، إلى جانب المادة الأولية، لتلبية طلبات العائلات عليه في الأفراح المتنوعة.