اجتاحت مبادرات تنظيف الأحياء السكنية والطرق والشوارع وحتى الشواطئ، ”الفضاء الأزرق” وشبكات التواصل الاجتماعي مؤخرا، في صورة حضارية تعكس وعيا كبيرا للمواطنين بمجتمعنا، حيث جاءت هذه المبادرات العفوية المتنامية، عقب الحراك الشعبي الأخير المطالب بالتغيير على جميع الأصعدة، للتأكيد على أن قلب الجزائري على وطنه.

صادفنا مؤخرا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صورا كثيرة لشباب ومواطنين من مختلف مناطق الوطن، وقد شملتهم موجة تغيير من نوع آخر، تتعلق بتنظيف وتنقية المحيط من كل النفايات والأوساخ، هذه الالتفاتة الحضارية جاءت عقب المسيرات السلمية التي رفع فيها المتظاهرون شعارات تطالب بالتغيير السياسي والاجتماعي، فأبهرت المسيرات الجميع سواء في الخارج، من خلال التعاليق التي سمعناها عبر الفضائيات العربية والغربية، مشيدة بالمستوى الراقي للحراك الشعبي في الجزائر، أو داخل الوطن، فكانت المطالب تتغير وفق تغيّر المعطيات، ومنه جاءت موجة المطالبة بتنظيف المحيط عبر صفحات اجتمعت كلها على هدف واحد ”نقي أرضك”، لتؤكد على أن الجزائري قلبه على وطنه ،يريد له الازدهار لا الدمار، مثلما قد يبدو للبعض.

منذ أزيد من أسبوع، أخذت درجة الوعي بتنقية المحيط تزداد وتزداد، لتبلغ مداها دون أن يوقفها أي مضاد حيوي، كونها حمى جزائرية لم تجد لها المخابر العالمية بعد أي لقاح، لأنه بكل بساطة غير موجود، تماما مثل الشعب الجزائري الذي ليس له مثيل عبر المعمورة.

الأكيد أن جميع رواد ”الفضاء الأزرق” لاحظ حجم اتساع رقعة ”نقي أرضك” أو ”نقي محيطك” أو ”الأيادي البيضاء”، أو صفحات التحدي التي اتخذت هدفا واحدا ”تنظيف أرض المليون ونصف المليون شهيد”، مثلما اصطلحت عليه بعض الصفحات، في صورة قد تختلف بين منطقة وأخرى، لكن هدفها واحد، فهؤلاء طلبة كلية الطب قاموا مؤخرا، بتنظيف وتنقية مستشفى الأمراض العقلية بولاية عنابة، وصفحة أخرى من ولاية سيدي بلعباس أطلق عليها ”الأيادي البيضاء” لتبييض المحيط، وحملات أخرى عبر عدد من الشواطئ عبر صفحة ”الجزائر نظيفة”، وكذا ”نقي قدام دارك.. يتبعك جارك” التي تمت الدعوة عبرها لتخصيص نصف ساعة فقط عبر كل ولايات الجمهورية،  من أجل العيش في جزائر نظيفة، دون إغفال حملة ”اجعل كيس في سيارتك وضع فيه المهملات ولا ترمها من نافذة السيارة” عبر صفحة ”قادرون”، كلها مبادرات عرفت مشاركتها أزيد من مليون مرة عبر صفحات ”الفيسبوك”، تهدف إجمالا إلى تنظيف المحيط والمحافظة على البيئة بما ينعكس على الواقع المعيشي للسكان.

دون إغفال الإشارة إلى أنها حملة اجتاحت أيضا بعض المؤسسات التربوية، من خلال طلاء السلالم بطريقة ذكية وعملية، بتدوين جدول الضرب من أجل السماح للتلاميذ بمراجعته كلما استعملوا السلالم.. إنها الإمبراطورية الجزائرية بكل ما تحمله من معنى، كيف لا وقد علق البعض بأن الثورات خلفت في بلدان أخرى الخراب، لكنها في ..الجزائر ولدت الورود والأزهار.