عبد المجيد شيخي في ”سجالات ومعنى” بمناسبة 19 مارس:

اتفاقيات ايفيان لم ترهن جزائر ما بعد 1962

اتفاقيات ايفيان لم ترهن جزائر ما بعد 1962
  • القراءات: 1578
مريم . ن  مريم . ن

تناول الأستاذ عبد المجيد شيخي المدير العام للمركز الوطني للأرشيف، خلال استضافته أمس في موعد ”سجالات ومعنى” بنادي الإذاعة الوطنية، جوانب مهمة من اتفاقيات ايفيان بجميلها ومؤلمها، حيث حرص على التأكيد بأنه ”لم تكن هناك تنازلات علنية تذكر من الطرف الجزائري المفاوض رغم قلة خبرته.. ومن ذلك ما يشاع حول تمكين فرنسا من استغلال النفط (كمنطقة أدرار) لسنوات طويلة”، موضحا بأن ”ما تم بعدها، يندرج ضمن عقود مع الدولة الجزائرية المستقلة”.

وشبه ضيف ”سجالات ومعنى” هذه الاتفاقيات ”بالحجر الذي تحته عقربا، لكنها، تبقى انتصارا للشعب الجزائري ولجيش التحرير”، حيث أوضح أن هناك مسائل تركت لما بعد الاستقلال حتى تكون الجزائر دولة تتعامل مع الطرف الفرنسي ندا لند، في إطار نزاع قانوني تجب تصفيته..”، كما كانت الاتفاقيات برأيه، ”خلاصا وإنهاء لعلاقة أليمة دامت 132 سنة” .

في المقابل، أكد المتحدث أن ثمة أمور أضمرت بعد الاستقلال ”وهي رهان بقيت إمكانية تحقيقه محل تساؤل وارتبطت أساسا بالتزام من خاضوا هذه المفاوضات من الطرف الجزائري، لكنهم بعد الاستقلال أزيحوا عن الساحة السياسية ولم يبق منهم إلا القليل ممن رافقوا هذه الاتفاقية وكان منهم مثلا الراحلين عبد الحميد مهري ورضا مالك”.

فرنسا تملصت من معاهدة سلام مع الجزائر

وقدم شيخي بعدها، كتابا يحوي محاضر اتفاقيات ايفيان، مترجما عن الكتاب الأصلي لهذه المحاضر (طبعة فرنسية ضخمة) كان قد اطلع عليه رغم ندرته، حيث كان هذا الكتاب حسبه، موجها للموظفين الفرنسيين السامين وممن يعملون في السلك الدبلوماسي، ”واتضح أن النسخة العربية كانت ناقصة وغير ملمة بما جاء في النسخة الفرنسية الأصلية”.

وهنا أكد شيخي أن الجزائر ممثلة في مركز الأرشيف، لا تملك نسخا من هذه المحاضر الموجودة في 60 صفحة. واستشهد المتحدث بمقولة للراحل الهاشمي هجرس عندما قال ”إننا لا نعتبر توقيف القتال في 19 مارس نهاية الحرب، بل إنه مرحلة قد توصلنا إلى نهاية الحرب”، وبالتالي أكد شيخي أنه ”إلى اليوم لا توجد اتفاقية سلام تنهي الحرب بيننا وبين فرنسا، حيث بقيت على إثر ذلك الكثير من المسائل معلقة منها الأرشيف والأملاك ومسائل الهوية”.

كما أشار في نفس الصدد إلى أن عبارة ”تقرير المصير” صيغت بما يوحي أن الجزائر انسلخت عن أمها فرنسا، ولم تخض حربا لاسترجاع سيادتها، ناهيك عن استفتاء الاستقلال الذي لم يستسغه الجزائريون على اعتبار أن الحرب انتهت واعترفت فرنسا بالهزيمة ”وبالتالي الاستقلال تحصيل حاصل لا يحتاج للاستفتاء، الذي لا يجري إلا في الدول التي وقع فيها الانفصال عن الوطن الأم”.

عبارة أخرى خطيرة تطرق إليها المدير العام للمركز الوطني للأرشيف، وهي أن هذه الاتفاقيات تسميها فرنسا ”تصريحا حكوميا” وليس اتفاقيات، ”على خلفية أن الجزائر شأن فرنسي داخلي.. لكن ديغول تحدث عن صلاحيات السيادة التي اغتصبتها فرنسا وتمت إعادتها للجزائر ليكرس واقع الاستقلال” .

وبالنسبة لمسألة الأرشيف قال السيد شيخي، أن ”فرنسا لا تزال تمانع في تسليمه، عكس باقي بلدان العالم، وتضرب برجلها القانون الدولي الذي يؤكد أن الأرشيف تابع للإقليم الذي نشأ فيه”، موضحا أن الجزائر لم تتوقف عن المطالبة به منذ 1964 وأنها قطعت في ذلك أشواطا. ”علما أن الأرشيف ما قبل 1830 ليس من حق فرنسا وعليها تسليمه، كما أن فرنسا تتحايل في تعريف هذا الأرشيف وتصنفه بالخاص بالسيادة الفرنسية وآخر خاص بالتسيير، والهدف من ذلك هو إخفاءه لتخفي جرائمها في القتل ونزع الملكيات وغيرها”.

أما بالنسبة لاتفاقية السلام مع فرنسا، فأكد المتحدث أن القيادة الجزائرية وعلى رأسها السيد عبد العزيز بوتفليقة اشترطت تصفية كل الملفات، كما أوضح أن الراحل مهري قال له ذات يوم ”تلك الفترة من تاريخ الثورة لم نكن مؤهلين لخوض المفاوضات مثل الوفد الفرنسي المؤهل، وبالتالي لم يكن مطلوبا التدقيق في التفاصيل.. وابتداء من سنة 1964 تأكدت الجزائر عدم جدوى اتفاقيات إيفيان بعدما احتالت فرنسا وأجرت التجارب النووية، التي كانت تقول عنها في الاتفاقية أنها مجرد تجارب وكفى وتم فهمها على أنها تجارب مخبرية”.

الجزائر لا تخجل من اتفاقيات ايفيان

وأشار السيد شيخي أن مدير الأرشيف الوطني الفرنسي قال له وهو يحاوره ”عندي أسرار تضر بمجتمعكم”، ليوضح شيخي أن ”الرخصة لفتح الأرشيف متعلقة بمضمون الوثيقة وليس بالوثيقة في حد ذاتها، إلا أنه للباحثين المختصين الحق في شطب الأسماء والأماكن والتواريخ حتى لا تكون حجة للفرنسيين”.كما طالب المتحدث بضرورة تكاتف الجهود من أجل عمل علمي قيّم في هذا المجال.

وسألت ”المساء” الضيف عن مساعي استرجاع الأرشيف من دول أخرى غير فرنسا، ليرد أن ”هناك الكثير”. فالبنسبة لتركيا فقد أبدت استعدادها لتسليم كل ما لديها علما أنها قدمت، حسبه، ”الخير والبركة” ، كذلك الحال بالنسبة للدول العربية ومنها المغرب وكذا المتوسطية كمالطا وايطاليا واليونان وكذا مع الولايات المتحدة وغيرها. في المقابل أوضح شيخي أن إمكانيات المركز محدودة وعدد الموظفين المختصين في الأرشيف لا يتعدى الـ50 موظفا، في حين أن العدد المطلوب للعمل في مجال الثورة التحريرية وحده هو 5 آلاف أرشيفي .

وردا عن سؤال ثان لـ«المساء” متعلق بمساهمة الخواص في استرجاع الأرشيف، ثمن المتحدث كل المبادرات، متمنيا أن يتعزز بها المركز .