مرافقة اللجان الجوارية بالأحياء للحراك الشعبي

تجربة فريدة بحاجة إلى تثمين

تجربة فريدة بحاجة إلى تثمين
  • القراءات: 565
 م. أجاوت م. أجاوت

أظهرت ظاهرة الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر في إطار المطالبة بتغير سياسي جذري، ومزيد من الاصلاحات في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعيا ونضجا سياسيا كبيرين لدى مختلف فئات المجتمع، لاسيما الشباب الذين كرّسوا مبدأ سلمية التظاهر مع جعل أمن الوطن والحفاظ على سيادته فوق كل اعتبار. وقد صاحب هذا الحراك الشعبي الذي ميّز ولايات قطر الوطن، تجنّد منظّم للجان الجوارية للأحياء التي تساهم بشكل كبير بالتعاون مع مصالح الأمن في تأطير وتسيير وتأمين المتظاهرين، والسهر على منع أي انزلاق أو المساس بمبدأ السلمية الذي قد تنجر عن ذلك أمور لا تحمد عقباها.

وتعمل لجان العديد من الأحياء، حسبما رصدته «المساء»، أمس، على خلفية تظاهر الأطباء والصيادلة والطلبة بساحة البريد المركزي وساحة «أودان» للمطالبة بتغيير سياسي جذري، على مرافقة هذا الحراك السلمي من خلال متابعة ومرافقة جموع المتظاهرين الذين ساروا في أجواء سلمية وسط تأطير محكم لرجال الشرطة، حيث مثّلت هذه اللجان العديد من الأحياء والشوارع بالعاصمة على غرار الجزائر الوسطى وسيدي أمحمد وبابا الوادي وعسلة حسين وزيغوت يوسف وحسيبة بن بوعلي... وهذا الى جانب اضطلاع هذه الأخيرة بمهمة تأمين أحياءها من الدخلاء والغرباء والأشخاص الذين يحاولون تشويه هذه المسيرات والنيل من سلميتها- على حد تعبير بعض الأعضاء الناشطين فيها-.

ميلاد فرضه الطابع السلمي للمسيرات

وأوضح بعض ممثلي هذه اللجان في هذا الإطار، أن ميلاد هذه الأخيرة فرضته الطبيعة السلمية لهذه المسيرات التي انطلقت يوم 20 فيفري المنصرم، حيث أن الحراك الشعبي الذي عرفته كل الولايات، والعاصمة بشكل خاص لم يخرج عن طابعه السلمي والحضاري، وهذا رغم بعض المحاولات المتفرقة التي وصفت بالمعزولة التي سعت لتشويه هذا المنحى الوطني. كما أكد المصدر في السياق، أن هذه الفعاليات الجوارية التي تعتبر ظاهرة صحيّة في حد ذاتها لدى غالبية المواطنين والمتتبعين للشأن السياسي، أعطت ثمارها منذ بدء الحراك الشعبي، حيث استطاعت منع خروج هذه المسيرات عن نطاقها السلمي، وإفشال محاولات البعض التشويش على هذا الحراك وإخراجه عن مسعاه وهدفه المنشود.

لجان الأحياء يدا بيد مع مصالح الشرطة

وفي السياق دائما، أوضح محمد وهو أحد مؤطري لجان الأحياء بالعاصمة، أن هذه الأخيرة تعد شيئا جديدا بالجزائر ودليلا قويا على نمو الوعي المدني ونضج الإدراك السياسي بحجم المسؤولية تجاه الوطن وحمايته وصون قيمه، مشيرا إلى الدور الكبير الذي تلعبه هذه اللجان بالتنسيق مع مصالح الشرطة، منذ الشروع في المسيرات السلمية المتواصلة، حيث أكد أن التنسيق يجري مع أعوان الأمن المكلفين بتأطير وتأمين المسيرات وحماية ممتلكات العمومية والخاصة، وهذا من خلال التبليغ عن محاولات التجاوزات وتعكير الجو السلمي للمسيرات، ومحاولة المساس بالممتلكات وتخريبها والسطو... وغيرها. وأضاف المتحدث، أن عمل هذه «الخلايا الجوارية» يقتصر بشكل خاص على مرافقة هذا الحراك الشعبي، وتبليغ مصالح الشرطة بعين المكان عن كل تجاوز أو محاولة التأثير على الطابع السلمي لهذا الأخير، في سبيل الحفاظ على النظام العام، وعدم اخراج الأمور عن نصابها وأهدافها الأساسية.

الانتقال من المطالب الاجتماعية إلى الوعي السياسي

أجمع العديد المواطنين والمتتبعين لمستجدات الحراك الشعبي، على النضج الكبير الذي أضحت تتمع به لجان الأحياء على مستوى الجزائر العاصمة على وجه التحديد، وهذا على ضوء النشاط والدور الكبيرين اللذين أضحت تضطلع بهما في خضم هذه المسيرات الشعبية الحاشدة المطالبة بتغيير سياسي جذري للنظام، وهذا من خلال انتقال دور اللجان المذكورة الذي كان محصورا في المطالب الاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية والمطالبة بالتنمية، إلى تأطير ومرافقة وتأمين المسيرات السلمية جنبا إلى جنب مع مصالح الأمن، لتفادي أي انزلاقات محتملة، وتبقى هذه التجربة حديثة وفردية من نوعها بالجزائر، وتبقى في حاجة الى الاثراء والتثمين. حيث لم تشهد المسيرات السابقة مثل هذه التجربة الجوارية الصحيّة.

مرافقة مميّزة لمسيرات الطلبة وتلاميذ المدارس

لم ينحصر دور ونشاط لجان الأحياء في مرافقة مسيرات المواطنين فقط، بل تعدّى ذلك ليشمل متابعة حراك الطلبة وتلاميذ المدارس على وجه التحديد، وساهمت بشكل كبير في الإبقاء على طابع السلمية لمسيرات هؤلاء، حيث لم تسجل أي تجاوزات أو انزلاقات في صفوف هؤلاء المتظاهرين، ما عدا محاولات البعض خلال الفترات المسائية والليلية، والتي تمت السيطرة عليها من قبل مصالح الأمن.