حسينة زكراوي أخصائية في علم النفس العيادي:

البرامج العلاجية المبنية على قوة الإيمان ضرورة

البرامج العلاجية المبنية على قوة الإيمان ضرورة
حسينة زكراوي أخصائية في علم النفس العيادي رشيدة بلال
  • القراءات: 2224
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

يبني بعض الأخصائيين في علم النفس قاعدتهم العلاجية عند التعامل مع مرضى السرطان، على قوّة الإيمان ومدى رضاهم وتقبّلهم لهذا "الابتلاء"، وهو التوجّه العلاجي الجديد الذي بدأ ينتشر في المجتمع الجزائري، مؤخرا، وتبنّته الأستاذة حسينة زكراوي، أخصائية في علم النفس العيادي واختارته ليكون رسالة دكتوراه فحواه محاولة الربط بين الجانب الديني والروحي في دعم وتحسين جودة الحياة لدى مرضى السرطان.

السؤال الذي انطلقت منه الأخصائية النفسانية خلال مشاركتها مؤخرا في ملتقى بالعاصمة حول "دور الأخصائي النفسي في علاج مرضى السرطان" كان "إلى أيّ مدى يمكن للجانب الديني أن يساهم في تسيير تجربة الإصابة بسرطان الثدي؟".

وتجيب في حديثها مع "المساء" أنّ البحث في العلاقة بين الجانب الديني والمرض، جاء بعد أن تكوّنت لديها قناعة مستمدة من تجربتها التي تزيد عن سبع سنوات في التعامل مع مريضات السرطان بالمستشفى الجامعي بسطيف، مفادها أنّ الاهتمام بالجانب النفسي للمريضات متدن ولا يلقين الاهتمام  المطلوب، خاصة ما يتعلّق بالجانب الديني والروحي كبعد جوهري في التكفّل بالمصابات بسرطان الثدي.

وتظهر أهمية الجانب الروحي، حسب الأخصائية، منذ اللحظة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن الإصابة بالداء وهي لحظة الصدمة، تقول "نلمس لدى البعض منهن ردود أفعال متشابهة تعكس تشبعهن بالقيم الدينية تترجمها عبارات مثل "الحمد لله"، "ابتلاء من الله"، "هذا قضاء الله"، وغيرها من العبارات التي تعتبر بمثابة الأرضية التي تمهّد لعلاج ناجح وتكفّل بدون مشاكل" ومن هنا يظهر، حسب الأخصائية، الفرق بين المريضات، حيث نجد من يرفضن فكرة الإصابة بالمرض ويجدن صعوبة في تخطي صدمة التشخيص، وعادة ما يرفضن مواصلة العلاج، ولا يتقيّدن بما يقدّم لهن من علاجات، لأنّ الوازع الديني لديهن ضعيف أو مهتز، بينما تكون المتشبّعات بالجانب الروحي محصنات نفسيا ومؤهلات لتخطي الصدمة بنجاح، انطلاقا من هذا يجري اليوم المراهنة على ما تملكه المريضات من رصيد ديني يجعلهن يتقبلن المرض، ومن ثمة يستجبن للعلاج، وهو ما يجب العمل عليه عند الفئة غير المتشبّعة دينيا.

وردا عن سؤال لـ«المساء" حول الرصيد الديني لدى المريضات اللواتي تعاملت معهن، أشارت محدثتنا إلى أنّه من خلال أكثر من 300 حالة تمت معاينتها على مدار سبع سنوات، تبيّن لها أنّ الوازع الديني والتشبّع بالقيم الدينية موجود لديهن، رغم أنّ مستوياتهن الثقافية والتعليمية مختلفة، غير أنّ هذا التشبع الديني أو قوّة الإيمان عادة لا تظهر في السلوك، وبالتالي تظهر اليوم الحاجة إلى تفعيل الرضا بالقضاء والقدر في العملية العلاجية وعدم التركيز فقط على الجانب العلاجي.

وتتطلّع الأخصائية النفسانية من خلال تجربتها الميدانية إلى السعي لبناء برامج علاجية، تأخذ بعين الاعتبار، الجانب الروحي والديني لمريض السرطان، عموما لتعزيز العملية العلاجية، مشيرة إلى أنّ التكفّل بمريض السرطان لم يعد محصورا فقط في الطبيب والأخصائي النفسي أو الاجتماعي وإنّما يحتاج إلى تدخّل الفاعلين في العملية العلاجية كالأئمة، وتقول "خاصة وأنّ الإنسان عبارة عن كينونة متعدّدة الأبعاد حيث نجد الكينونة النفسية والاجتماعية والجسدية والروحية، التي لا تلقى الاهتمام المطلوب بالدول العربية عموما رغم أنّ الأبحاث في الدول الغربية تعتبرها البعد الرابع فيما يخص الأمراض المزمنة وتراهن عليها لتعزيز عملية التكفّل".