مقتل 9 جنود من قوة «ساحل ـ 5» وسط مالي

الوعود الدولية رهنت المواجهة العسكرية

الوعود الدولية رهنت المواجهة العسكرية
  • القراءات: 596
م. مرشدي م. مرشدي

عكست حصيلة القتلى التي تكبدتها قوة «ساحل ـ 5» وسط دولة مالي أول أمس، حقيقة المتاعب والتحديات الميدانية التي تلاقيها هذه القوة في مواجهة الخطر الذي تشكله التنظيمات الإرهابية على أمنها وعلى أمن بلدانها.

لقي تسعة جنود من القوات المالية المنضوية تحت راية هذه القوة مصرعهم وأصيب عدد آخر بجروح بليغة في انفجار لغم أرضي وضع على طريق دورية كانوا على متنها في بلدة بولكسي النائية بولاية موبتي على الحدود الدولية مع دولة بوركينا فاسو.

وليست هي المرة الأولى التي تتعرض فيها هذه القوات لعمليات شبيهة سواء في دولة النيجر أو بوركينا فاوسو، وحتى في دولة تشاد التي شملتها هي الأخرى التهديدات الإرهابية في السنوات الأخيرة.

ورغم مرور أكثر من أربع سنوات على تشكيل هذه القوة إلا أنها لم تتمكن إلى حد الآن من فرض منطقها العسكري رغم تعدادها الذي قارب 5 آلاف عسكري، ولكنها افتقدت للأموال والمعدات وحتى للتدريبات التي تتطلبها مهمة بأهمية محاربة الإرهاب.

وتؤكد معطيات الميدان أن هذه القوة بدأت تدفع ثمن التسرع الذي أحاط عملية إنشائها بضغط من فرنسا التي حرصت على نفض يديها من مهمة محاربة الإرهاب  بعد أن تأكدت منذ سنة 2012، على فشل كل مخططاتها العسكرية في منطقة الساحل، وراحت تقحم قوات الدول المتضررة من تفاقم هذه الظاهرة في عملية لم تكن مهيأة لها.

فلم يكن من الصدفة أن يتم تنفيذ عملية أول أمس، على مقربة من نفس المكان الذي لقي فيه 17 مدنيا ماليا مصرعهم الثلاثاء الأخير، في انفجار جثة ملغمة وكان على قوة «ساحل ـ 5» أن تأخذ كل احتياطاتها الأمنية بعد تلك الحادثة التي أشرت على وجود مكثف للجماعات المسلّحة في تلك المنطقة.

وهو ما يؤكد أن تمويل هذه القوة لا يعد العقبة الوحيدة التي تواجهها هذه الوحدات، ولكن أيضا طبيعة تكوين عناصرها الذين لم يتمكنوا إلى حد الآن على الأقل في تكييف خططهم العسكرية مع طبيعة العدو الذي يعتمد على تكتيكات حرب العصابات المتعارف عليها في الحركات المسلّحة الشيوعية، التي تجعل من سرعة الحركة والتنفيذ أهم مقومات نجاح عملياتها، أو نصب الكمائن وعمليات الترصد المتواصل لقوات العدو والأكثر من ذلك معرفة تضاريس أرض المعركة  واستغلالها للهجوم والاحتماء في آن واحد.

وبقيت دول الساحل الخمس مجتمعة عاجزة بعد قرارها تشكيل هذه القوة  في توفير حوالي نصف مليار دولار لتجهيز جنودها، رغم أن السلطات الفرنسية التي بادرت بمثل هذه الفكرة عقدت ندوة دولية للمانحين بالعاصمة باريس، حضرتها أكثر من 30 دولة معنية ومهتمة بمحاربة الإرهاب قدمت جميعها وعودا لتوفير الأموال الكافية، والعتاد اللازم لهذه القوة ولكنها التزامات بقيت مجرد وعود على ورق.

والمفارقة أن التصعيد الأمني الذي تشهده مختلف دول منطقة الساحل، خلال هذه الأيام تزامن وأكبر مناورات عسكرية تحتضنها دولة بوركينا فاسو منذ أسبوعين برعاية قيادة القوات الأمريكية في إفريقيا «أفريكوم» ومشاركة وحدات من 33 دولة من إفريقيا وأوروبا وأمريكا، والتي نظمت خصيصا من أجل محاربة عناصر التنظيمات الإرهابية في المنطقة.

وبدلا من أن تردع مثل هذه المناورات الضخمة عناصر التنظيمات الإرهابية إلا أنها حفزتها على تنفيذ عمليات مسلّحة  ضمن حرب نفسية لتأكيد إصرارها على إتمام مخططاتها الإرهابية في كامل المنطقة، مع كل التبعات على حياة مواطني هذه الدول التي تبقى من أفقر بلدان العالم رغم الخيرات الطبيعية التي تزخر بها.