محمد مصار محرك عرائس القاراقوز:

أحاول إحياء التقاليد بالاعتماد على التكنولوجيا

أحاول إحياء التقاليد بالاعتماد على التكنولوجيا
محمد مصار محرك عرائس القاراقوز ت: نور الهدى بوطيبة
  • القراءات: 759
❊حاورته: نور الهدى بوطيبة ❊حاورته: نور الهدى بوطيبة

يعتمد كل فنان من خلال ما يقوم به على خشبة المسرح، بالتعبير عن وقائع وظواهر اجتماعية، يحاول من خلالها سرد رواية، مستغلا بذلك مختلف الطبوع من الدراما والفكاهة، حيث تحمل تلك القصص معاني كثيرة يستفيد منها الحضور كبارا وصغارا، ومن بين تلك الفنون التي اختفت قبل سنوات، دمى القاراقوز أو ما يعرف بتحريك العرائس أو "الماريونيت"، وهي عبارة عن دمى يحركها الفنان ويبدو للحضور أنها تقوم بالأمر من تلقاء نفسها.. في هذه الأسطر، كان لـ«المساء" حوار مع الفنان الشاب محمد مصار، الذي اتسعت شهرته وسط جيله بفضل الفيديوهات الممتعة التي أطلقها عبر موقعه في "الانستغرام"، وحاول إحياء التقاليد الجزائرية من خلال تلك الدمى التي يجعلها ترقص على أنغام موسيقى تقليدية جزائرية.

كيف تقدم نفسك للقارئ؟

❊❊ أنا فكاهي أبلغ من العمر 22 سنة، دخلت هذا العالم منذ كان سني ثماني سنوات، مما يجعلني اليوم أزاول فنون المسرح منذ 13 سنة. منحدر من ولاية سيدي بلعباس، تعلمت على يد الأستاذ عبد الحق مداني، خريج مدرسة الفنون الجميلة بالخارج، ومتحصل على بطاقة فنان بختم منظمة "اليونيسكو" العالمية، الذي جعلني منذ صغري متمرسا، حيث أنه يصنع الدمى ويقدمها لي من أجل تحريكها، وبعد أن اكتشف الموهبة التي منحني الله إياها، حاول زرع خفايا المسرح لدي، ونقل لي كل ما يعرفه عن ذلك.

يبدو أن متتبعيك عبر صفحة "الانستغرام" يعشقون ما تقوم به من خلال تعليقاتهم، كيف روجت لهذا الفن من خلال ذلك التطبيق؟

❊❊ العالم اليوم يسير وفق أحدث التكنولوجيات، وبسبب سرعة الحياة التي تتزايد وتيرتها من سنة لأخرى، أصبح الفرد لا يلتفت كثيرا إلى شاشة هاتفه النقال، الأمر الذي حوّل عالم الأعمال بمختلف أشكاله نحو تكنولوجيا الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فلا وقت للناس، أو بالأحرى لا يمنح اليوم الفرد لنفسه فرصة التنقل للمسرح أو لقاعات العرض من سينما ومختلف الفنون الأخرى، للاستمتاع بمسرحية أو فيلم، فالأحسن هو التنقل إليهم، وبذلك وجد الفنان نفسه هو الآخر يحاول التعريف بنفسه وما يقوم به من خلال الشاشات، وقد نجح الأمر بالنسبة لي، والدليل على ذلك الفيديو الذي منحني الشهرة، كان أحد فيديوهات عروس باللباس الشاوي ترقص على أنغام بنت البارود الشهيرة، الذي فور تنزيله على "الانستغرام" بعد ساعة، حصل على ما يزيد عن مليون مشاهد، ورفع عدد متابعي الصفحة في ظرف قياسي لم أشهده من قبل، الأمر الذي شجعني أكثر على الاستمرار.

هل تعتقد أن هذا الفن موهبة أم نتاج تجربة 13 سنة على خشبة المسرح؟

❊❊ بشهادة أستاذي، أعتقد أنها موهبة أكثر، لأن أول مرة قمت بذلك كان بعفوية مطلقة، ولم أشعر أبدا أنني مجبر على تعلم تقنية محددة، وهذا ما أكده لي معلمي، مشيرا إلى أنني أستطيع تحريك أي عروس أو دمية بالطريقة التي أريدها، ومن هنا حاولت ابتكار لمستي الخاصة، من خلال إعطاء تلك العرائس الطابع الجزائري بألبسة تقليدية من مختلف ربوع الوطن.

هل هناك أنواع مختلفة في هذا الفن؟

❊❊ نعم، يمكن تمييز العديد من أنواع العرائس، فهناك "اڤين اتيش" و«اطابل الأولى والثاني" لهما تقريبا نفس المبدأ، تحريك العروس دون أن يظهر الفنان أو الفكاهي، أما الأخيرة فيمكن للفنان أن يراه الجمهور، ولكل منها مبدأ واحد، وهو تحريك الدمى بحركات بسيطة، كالتعبير بالأيادي خلال الكلام، أو الرقص أو غير ذلك، بهدف التواصل مع الجمهور بطريقة بسيطة وعفوية.

هل تعطي لنا نبذة عن تاريخ عرائس "القاراقوز" التي لا زالت تذكر في معجم تراث أجدادنا؟

❊❊ أصل الكلمة يعود إلى تركيا، وتقصد العين السوداء، نظرا لسواد الحياة حينما كانت تمارس، حيث كانت الشعوب تستعين بها في أزمنة قديمة للتعبير عن قساوة الحياة في ظل حكم الملوك، حيث كان يصعب على عامة الشعب الشكوى للملك، فكان الفرد يستعين بالدمية في ذلك، وكان الملك يتلقى التنديد من خلال تعابير فكاهية، وبعدها حافظت الجزائر على الفكرة ومارستها خلال الاستعمار الفرنسي، حيث كانت تستغلها لوصف المستعمر وبشاعته، بعدها بقيت مجرد دمى تلعب بها البنات بهدف الاستمتاع، لكن بعد سنوات، اختفت كليا وأخذت معها كل ما تحمله من تاريخ أجدادنا القديم.

ماذا تحاول كفنان، التعبير عنه بتحريك تلك الدمى؟

❊❊ لدي هدفان أساسيان، أولهما حمل رسائل للشباب والأطفال، من خلال معالجة بعض القضايا الاجتماعية، الأسرية، كالطلاق، بر الوالدين، أهمية العمل أو الدراسة وغيرها، لإبراز أساسيات الحياة للمتفرج ومساعدته على فهم مستقبله، فضلا عن محاولة المحافظة على تقاليد وعادات الوطن، من خلال الألبسة التي نختارها للدمى، حيث أحاول في كل مرة رفقة أستاذ وزوجته، العمل معا على اختيار الألبسة وتصميمها، وتقوم الزوجة بكتابة المسرحيات التي نستعين بها لبعث تلك الرسائل، آخرها كانت مسرحية "جحا والترياق" التي تبيّن أهمية تعلم حرفة يدوية، شعارها كان "يروح مال جدي وتبقى حرفة يدي".

هل لديكم برنامج أنتم بصدد التحضير له؟

❊❊ نعم، سوف تكون لي بعض الحصص التلفزيونية خلال شهر رمضان، سأحاول فيها تكثيف المواضيع واختيار أفضلها، خاصة المتوافقة مع الشهر الفضيل، وستكون هناك العديد من المفاجآت، كما لدينا برنامج لتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة التي يميزها ذكاء لا يستخف به، ويمكنها أن تبدع في عالم الفن، بتعليمهم طريقة صنع العرائس وتصميم أزيائها وتحريكها، لخلق فنانين مستقلين يمكنهم العمل في المجال دون الاعتماد على أحد.

بماذا نختم؟

❊❊ لا أزال أطالب بالحصول على بطاقة فنان التي ستساعدني على العمل بأريحية، حتى وإن كان بطريقة نسبية، إلا أنها تبقى محفزة على العمل والإبداع، فالبقاء بصفة الهواية يثبط الإبداع الذي يميز الفنان وعشقه للعمل الذي يقوم به.