أويحيى يحذر من الانزلاقات الأمنية ويؤكد:

ندوة الإجماع الوطني سابقة تستجيب لمطالب التغيير

ندوة الإجماع الوطني سابقة تستجيب لمطالب التغيير
  • القراءات: 549
شريفة عابد شريفة عابد

حذر الوزير الأول، أحمد أويحيى، الشعب الجزائري من مغبة الوقوع في ”انزلاقات أمنية خطيرة” خلال التظاهرات والمسيرات. ودعاهم لتوخي ”اليقظة والحذر”، كون مصادر تلك المظاهرات مجهولة، على حد تعبيره، ”ما يرجح إمكانية خروجها عن الإطار السلمي الذي ميزها يوم الجمعة”. كما أشار إلى أن رئيس الجمهورية استجاب مسبقا للمطالب التي رفعها المتظاهرون، بإعلانه عن تنظيم ندوة وطنية شاملة تعتبر سابقة، من أجل تحقيق التغيير”.

وإذ استشهد بمحاولة إخراج التلاميذ إلى الشارع، رد أويحيى بمناسبة عرضه لبيان السياسة العامة لعمل الحكومة أمس، بالمجلس الشعبي الوطني، على الرافضين للعهدة الخامسة بالقول إن ”الصندوق هو من يفصل في الأمر يوم الانتخابات الرئاسية القادمة”، مشيرا في سياق متصل، إلى أن الرئيس بوتفليقة ”استجاب للنداءات التي رفعها بعض المتظاهرين مسبقا، كونه أول رئيس دعا لعقد ندوة إجماع وطني، تشرك جميع الفعاليات السياسية والاجتماعية والشبابية لتحقيق التغيير والإصلاح والقيام بتعديل جذري للدستوري بعيدا عن المساس بالثوابت والنظام الجمهوري للدولة الجزائرية”.

مجهولون أطروا مسيرات الجمعة وقد تأخذ مستقبلا مجرى غير سلمي..

ودافع  الوزير الأول عن التظاهر السلمي، حيث قال إنه ”حق مكفول قانونيا ودستوريا، إذا كان سلميا وحضاريا”، معربا عن تخوفه من إمكانية انحراف تلك المسيرات عن هذا الإطار في المستقبل، حيث قال في هذا الخصوص ”الحمد الله أنها كانت سلمية، لكن قد تأتي هذه النداءات بطابع آخر”، مستشهدا في هذا المضمار بمحاولات إخراج التلاميذ للشارع أمس، والتي وصفها بالأمر الخطير.واغتنم السيد أويحيى الفرصة للرد على الطلبات التي رفعها المتظاهرون والمتصلة بـ«التغيير”، حيث قال إنه ”من حق أي شخص الاعتراض على مترشح والدفاع عن مترشح آخر، لكن الفيصل الأخير هو الصندوق عبر الانتخابات التي لم يعد يفصلنا عنها سوى شهرين فقط، وتعد فرصة لاختبار الحرية”.

وحيا الوزير الأول ”الحكمة والاحترافية التي أظهرتها قوات الأمن في تسيير النظام العام خلال المسيرات التي عرفتها ولايات الوطن، ”ولم ينجم عنها أي صدامات مع المتظاهرين” .

التغيير سيكون جذريا وبمشاركة الجميع

وفي سياق استعراضه للرسائل التي حملها المتظاهرون خلال المسيرات الأخيرة، والخاصة بالتغيير السياسي، أشار أويحيى إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، هو أول رئيس جمهورية منذ الاستقلال يدعو إلى عقد ندوة إجماع وطني، واعدا الجميع بالمشاركة في إثراء النقاش والحوار، مؤكدا في هذا الإطار بأن ”يد الرئيس ممدودة للجميع بدون استثناء وبإمكان الطبقة السياسية وممثلي المجتمع المدني والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمنظمات الشبانية والجميع المشاركة في الندوة بالاقتراح والطرح”.

وتوقع أويحيى إحداث تغيير عميق في إطار هذه الندوة، وأن يشهد الدستور تعديلا جذريا، دون المساس بالثوابت الوطنية والنظام الجمهوري للدولة الجزائرية، مؤكدا بأن ”أمل الجميع هو أن تكون الديمقراطية هي المنتصر الأساسي في النهاية”.

نحن ديمقراطيون شعبا ودولة

كما أكد الوزير الأول، أن المصلحة العليا للبلاد تبقى فوق كل اعتبار، فيما يبقى الاختلاف طبيعة البشر، مضيفا بأنه في النهاية ”نبقى كلنا أبناء الجزائر، شعب واحد..  ومن حق كل الشعب أن يعيش في السلم والاستقرار وأن لا يفقد ثمار الأمن مهما كان السبب”.

وفي سياق عرض بيان السياسة العامة، أكد أحمد أويحيى أن ”الجزائر تعيش في كنف السلم والأمن بفضل يقظة عناصر الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن، وجهودها وتضحياتها الجسام، مشيرا إلى تواصل مسار الإصلاحات لعصرنة قطاع العدالة والحكامة، السنة الماضية، مع تسجيل تحسن في الشبكة المالية ومناخ الاستثمار.

كما شهدت التنمية البشرية ـ حسبه ـ تقدما معتبرا في المنظومة التربوية، وفي قطاعي التعليم العالي والتكوين المهني وفي مجالي السكن وتزويد المواطنين بالماء الشروب وبالكهرباء والغاز.

التكفل بالتاريخ والهوية الوطنية

كما أكد أويحيى مواصلة الحكومة لجهودها الموجهة للتكفل بالمجاهدين وذوي الحقوق، لاسيما في مجال تقديم المنح والتغطية الطبية، مضيفا بأن مجال إحياء الذاكرة وثورة التحرير يحظى بعناية خاصة من خلال تدريسها وإنجاز المتاحف والتكفل بمقابر الشهداء وكذا كتابة التاريخ.

وعرج الوزير الأول على موضوع الشباب، الذي قال إنه في صميم انشغالات الحكومة، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة حريصة على أن تضمن له ”التكوين والتفتح، لاسيما من خلال النشاطات الترفيهية والرياضية وتوفير سبل الاندماج في المجتمع وفي مجال الشغل.

ولا تزال الحكومة الجزائرية ـ حسب أحمد أويحيى ـ وفية لهويتها الوطنية، ”حيث تسخر جميع الإمكانيات لحمايتها، مع ترقية الإسلام، الذي يعتبر دين الدولة، عبر تعزيز دور المساجد وتوحيد برامج التربية الإسلامية ونشر الثقافة الإسلامية”. وشهدت ترقية اللغة الأمازيغية، من جهتها توسيع تدريسها إلى 44 ولاية، وفق عرض الوزير الأول، الذي ذكر بإصدار القانون المتعلق بالمجمع الجزائري للغة الأمازيغية، الذي تم نشر تشكيلته، مشيرا إلى أنه سيتم تنصيبها قريبا، ”فيما تظل اللغة والثقافة العربيتين، في قلب اهتمامات الحكومة من خلال منظومة التكوين وكذا الفضاء الثقافي والإعلامي”.

إعادة الاعتبار للجالية الوطنية

وأكد السيد أويحيى أن الجالية الوطنية، استعادت مكانتها وحظيت باهتمام بالغ في برنامج رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن القنصليات شهدت تسهيلات في مجال إصدار الوثائق الرقمية، مع الاستفادة من إجراءات جديدة قررها رئيس الجمهورية، ذكر بخصوصها بمعالجة 21 ألف ملف للإستفادة من سكن ترقوي، فيما تم استكمال أكثر من 900 ملف للاستفادة من قروض مصغرة لصالح الشباب، وتمت معالجة عشرات المشاريع لفائدة هذه الشريحة من الجزائريين من قبل الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار، معلنا بالمناسبة عن التحضير لفتح فرع لبنك جزائري بفرنسا في السنة الجارية.

إصلاحات دستورية وقانونية ارتقت بالجزائر في الساحة الدولية

وتميزت العهدة الرئاسية الماضية، بعدة إصلاحات سياسية وقانونية، جاءت لترجمة التعديل الدستوري الذي توج الاستشارة الشعبية في سنة 2016، حيث تم في إطار مواصلة إصلاح العدالة ـ حسب السيد أويحيى ـ استكمال نشر شبكة واسعة من الهياكل القضائية عبر كافة الولايات، وتواصل مسار إصلاح التشريع خاصة لفائدة المتقاضين، لاسيما مع تبني نظام التقاضي على درجتين في المجال الجنائي، وقانون الدفع بعدم دستورية القوانين من قبل المتقاضين أمام المجلس الدستوري، ”وهو حق أساسي ومهم جعل الجزائر ترتقي إلى مصاف دول عريقة”.

أما بالنسبة للإدارة، فقد شهدت هي الأخرى استمرار عمليات العصرنة، وتم تعزيز هياكلها الإقليمية في الجنوب وبالمدن الكبرى، ورقمنة العقود والإجراءات والوثائق، مع تكريس التعامل بلامركزية القرارات في عدة مجالات لفائدة الولايات.

تحديات يمكن مواجهتها بالالتفاف حول ندوة الإجماع الوطني

وانتقل الوزير الأول في الفصل ما قبل الأخير من مداخلته للحديث عن التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الجزائر، حيث اعتبر ”ندوة الإجماع الوطني هي الحل الوحيد والأنسب لمواجهة تلك التحديات”، مشبها ما يمكن تحقيقه من خلال هذه الندوة بالإجماع والتضامن الذي ميز الجزائريين خلال العشرية السوداء، ”عندما التفوا حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي أعاد للجزائر مجدها وسمعتها بين الأمم”.

وخلص أويحيى، إلى أن التحديات التي لا تزال تواجه الجزائر على المستوى الداخلي ومنها المسائل المرتبطة بالتكفل بالطموحات المشروعة للأجيال الصاعدة، ترتبط بتجسيد كل متطلبات دولة الحق والقانون وكذا نظام الديمقراطية التعددية، فضلا عن بلوغ مستوى حقيقي من التنوع والمنافسة في المجال الاقتصادي، من خلال خلق حجم كاف من مناصب الشغل لتغطية احتياجات الشباب وضرورة خلق اقتصاد متنوع وقوي يمد الدولة بالموارد المالية الكافية لضمان ديمومة واستمرارية تطبيق العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني.

أما التحديات المطروحة على الصعيد الخارجي، فتتمثل ـ حسب السيد أويحيى ـ في غياب الاستقرار وبؤر التوتر والإرهاب والجريمة بدول الجوار، فضلا عن التقلبات والمخاطر التي تحوم بالاقتصاد العالمي وخاصة الرهانات التي تثقل آفاق السوق العالمية للطاقة في ظل تقلبات احتياطي الصرف.

ودافع الوزير الأول، في الأخير عما أسماه بفضائل الاستمرارية، خلال العشرية الماضية، مشيرا إلى أنها ”توجت بنقلة هائلة في جميع المجالات، لا يمكن جحدها تحت أي حجة كانت”،  قبل أن يختم عرضه بالتأكيد على أن كل التطورات والإنجازات المحققة، ”تعتبر اليوم مصدر إلهام وشحذ للعزائم أمام كل التحديات المتبقية في نهج بناء بلدنا”.