مؤكدا بأن الجيش بحاجة إلى شعب واع ومجند

رئيس الجمهورية يبرز فضائل الاستمرارية في تدارك الإخفاقات الهامشية

رئيس الجمهورية يبرز فضائل الاستمرارية في تدارك الإخفاقات الهامشية
  • القراءات: 457
مليكة.خ مليكة.خ

أبرز رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس، فضائل الاستمرارية في الحفاظ على «سداد الخطى وتدارك الإخفاقات الهامشية»، مشيرا إلى أنها تسمح للبلاد بمضاعفة سرعتها في منافسة بقية الأمم في مجال الرقي والتقدم، فيما لفت في سياق متصل إلى مواجهة الجيش الوطني الشعبي الباسل عدم الاستقرار وآفات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود المسجلة في جوارنا المباشر، مؤكدا بأن الجيش يبقى «في حاجة إلى شعب واع ومجند ويقظ لكي يكون سندا ثمينا ودرعا قويا للحفاظ على استقرار البلاد».

وأكد رئيس الجمهورية في رسالته بمناسبة الاحتفالات بالذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات التي جرت فعاليتها الرسمية بولاية أدرار، أهمية إضفاء المزيد من الفعالية الاقتصادية لضمان دوام العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني، مبرزا أن الجزائر تزخر بقدرات وإمكانيات تسمح لها بكسب معركة البناء والتقدم.   

واغتنم الرئيس بوتفليقة للمناسبة ليبرز الخطوات التي قطعتها البلاد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا أن الجزائر عرفت خلال العشريتين الأخيرتين كيف تمزج ثروة المحروقات مع الإرادة السياسية المستقلة وكذا سواعد وإرادة أبناء الجزائر المخلصين.

وإذ أشار إلى خروج البلاد من المأساة الوطنية ومن ويلات إعادة الهيكلة الاقتصادية والاجتماعية، أكد رئيس الدولة انطلاق البلاد في مسار البناء والتشييد «مرحلة تلو مرحلة»، مشيرا إلى تحررها من أخطبوط المديونية الخارجية ودحرها لشبح البطالة الذي كاد يخنق الشباب.

كما نجحت الجزائر إلى حد بعيد، وفقما جاء في رسالة رئيس الجمهورية، في إزالة مظاهر البؤس والفقر، فضلا عن إنشاء آلاف المدارس ومئات المستشفيات وعشرات الجامعات وملايين السكنات عبر ربوع البلاد. 

وأرجع رئيس الجمهورية نجاح هذا المسار، لاستقلالية القرار السياسي والاقتصادي، «الذي سمح باجتياز المصاعب المالية للسنوات الأخيرة»، مضيفا أن ذلك أضحى ممكنا بفضل السلم الاجتماعي وتجند العمال في الاتحاد العام للعمال الجزائريين.

ورغم إقراره بقدرات الجزائر في تنويع الاقتصاد «والتي لا تعد ولا تحصى»، مثل الخيرات المنجمية والقدرات الفلاحية والكفاءات العلمية، أشار القاضي الأول في البلاد إلى أنها تنتظر منا «استغلالا أفضل وبنجاعة أعلى وبجودة أوفى لكي تصبح مصدر مداخيل إضافية لبلادنا».

وفي معرض حديثه عن الذكرى المزدوجة، أوضح رئيس الجمهورية أن الذكرتين مرتبطتين في مصدرهما وفي غايتهما، مضيفا أن عمال الجزائر البررة قرروا تحت قيادة الشهيد عيسات إيدير» تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين لتأطير وتجنيد شغيلتنا لكي تتقوى بها صفوف ثورة نوفمبر المظفرة».

وأوضح في سياق متصل، بأن العمال «شكلوا عاملا قويا لفرض استقلالية قرار ثورتنا، كونهم قاموا بتمويلها في الداخل وفي المهجر، مزودين جيش التحرير الوطني بالمال لشراء الأسلحة ومزودين جبهة التحرير الوطني بالمال الضروري للتكفل بعائلات الشهداء وبأبنائنا اللاجئين خارج ربوع الوطن».

وإذ أشار إلى أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين كان في الموعد، كلما كانت الجزائر تناشد أبناءها لحمايتها من المخاطر، ذكر الرئيس بوتفليقة بأن «الاتحاد كان مرة ثانية في طليعة الوثبة الشعبية التي أسهمت في بقاء الجزائر عندما هبت عاصفة المأساة الوطنية».

واغتنم الرئيس بوتفليقة المناسبة للترحم على روح الشهيد عبد الحق بن حمودة وعلى أرواح جميع شهداء  الواجب الوطني «من عمالنا وعاملاتنا من مختلف الأسلاك، الذين استشهدوا لكي تستمر الحياة في الجزائر وتظل المدارس تفتح والمصانع تنشط والمستشفيات تعالج حتى جاءت ساعة النصر المبين بنور الوئام وقوة المصالحة»، مسهبا في إبراز الدور الفعال للاتحاد في تحرير وتأميم المحروقات يوم  24 فيفري 1971، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن الشركات الأجنبية للمحروقات «ظنت أنه من غير الممكن لأبناء وبنات الجزائر التحكم في حقولنا ومركباتنا النفطية والغازية، غير أنه تزامن القرار السياسي الشجاع مع الإرادة القوية للعمال والإطارات وتمكنت الجزائر من  فرض سيادتها على ثروتها من المحروقات ومن الاستمرار في تنشيط هذا القطاع الذي أصبح وما يزال قاطرة للاقتصاد الوطني».

وبعد أن أشاد باختيار مدينة أدرار عاصمة «توات» لاحتضان هذا الاحتفال الرسمي بالذكرى المزدوجة، أشار الرئيس بوتفليقة إلى أن ذلك يحمل جملة من الرموز والدلالات، حيث ذكر في هذا الصدد بالاحتفاء قبل أيام قليلة بيوم الشهيد، لافتا إلى أن المنطقة تستحضر هذه المناسبة اليوم وهي التي عاشت المحرقة «التي أكلت ـ كما أضاف رئيس الجمهورية - المئات من أبناء شعبنا شهداء وضحايا التجارب النووية التي أجراها المستعمر الغاشم، قبل أن يخلص إلى أن تلك التجارب ما تزال آثارها سببا لمعاناة الكثير من أبناء ولاية أدرار التي أحيي سكانها».

وبالمناسبة، وجه الرئيس بوتفليقة تحية الإسلام إلى زوايا المنطقة، مضيفا أنه على «مر تاريخنا الحافل كانت ربوع أدرار محطة مشهود لها، منها ينطلق الدعاة لديننا الحنيف نحو أعماق إفريقيا لنشر رسالة خالقنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم».


نص رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات

بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، رسالة بمناسبة الذكرى الـ63 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين و كذا الذكرى الـ48 لتأميم المحروقات هذا نصها الكامل:

«بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين

أصحاب الـمعالي الـوزراء،

السيد الأمين العام لاتحاد العام للعمال الجزائريين،

أيتها السيدات، أيها السـادة،

دعوني بداية أهنئ منظمي هذا الاحتفال الذين اختاروا أن يقام بمدينة أدرار، أدرار عاصمة توات. والاختيار هذا تكمن فيه جملة من الرموز  والدلالات.

بالفعل، إذا كنا قد احتفلنا، قبل أيام قليلة بيوم الشهيد الأغر، فإننا اليوم  في مكان المحرقة التي أكلت مئات من أبناء شعبنا، شهداء وضحايا التجارب النووية التي أجراها المستعمر الغاشم، تلك التجارب التي ما تزال آثارها سببا لمعاناة الكثير من أبناء ولاية أدرار التي أحيي سكانها.

من هذه الولاية العـزيزة علينا، وفي فصل الذكريات التاريخية، نترحم كذلك على أرواح شهدائنا الأمجاد الذين سقطوا في معركة تيميمون البطولية الشهيرة، كما نحيي مجاهدي هذه الـمنطقة الذين كان لي شرف معاشرتهم إبان الجهاد في أيام فتح جبهة الجنوب من هنا إلى أراضي جمهورية مالي الشقيقة.

بأدرار الحبيبة، أتوجه بتحية الإسلام إلى زوايا هذه الربوع العامرة بذكر الله، الزوايا التي كانت مثل نظيراتها في جميع ربوع الجزائر قلاعا للدين والحفاظ على الإسـلام السليم، وتدريس تعاليم القرآن الكريم و صون وحدة شعبنا الأبي.

على مر تاريخنا الحافل كانت ربوع أدرار محطة مشهود لها منها ينطلق الدعاة  لديننا الحنيف نحو أعماق إفريقيا لنشر رسالة خالقنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلـم.

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السـادة الأفاضــل،

التأم جمعكم الكريم في أدرار اليوم بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة والستين لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين والذكرى الثامنة والأربعين لتأميم المحروقات، وهي في الواقع ذكريين مرتبطتين في مصدرهما و في غايتهما.

بالفعل، قرر عمال الجزائر البررة، تحت قيادة الشهيد عيسات إيدير، تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين لتأطير وتجنيد شغيلتنا لكي تتقوى بها صفوف  ثورة نوفمبر الـمظفرة.

نعم، كان من بين شهداء ومجاهدي ثورتنا الـمجيدة عشرات الآلاف من العمال طوال كفاحنا التحرري، كما شكل العمال الجزائريون عاملا قويا لفرض استقلالية قرار ثورتنا كونهم قاموا بتمويلها في الداخل  وفي الـمهجر، مزودين جيش التحرير الوطني بالمال لشراء الأسلحة  ومزودين جبهة التحرير الوطني بالمال الضروري للتكفل بعائلات الشهداء وبأبنائنا اللاجئين خارج ربوع الوطن.

ذلكم هو الاتحاد العام للعمال الجزائريين النبيل الذي كان في الموعد كلما كانت الجزائر تناشد أبناءها لحمايتها من الـمخاطر. وكعهدنا به كان الاتحاد العام للعمال الجزائريين، مرة ثانية، في طليعة الوثبة الشعبية التي أسهمت في  بقاء الجزائر عندما هبت عاصفة الـمأساة الوطنية.

فلننحني اليوم ترحما على روح الشهيد عبد الحق بن حمودة وعلى أرواح جميع شهداء الواجب الوطني من عمالنا وعاملاتنا من مختلف الأسلاك الذين استشهدوا لكي تستمر الحياة في الجزائري وتظل المدارس تفتح والـمصانع تنشـط والمستشفيات تعالج حتى جاءت ساعة النصر المبين بنور الوئام و قوة المصالحة.

ذلكم هو الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي قاد كذلك، طوال عقود من الزمن الجهاد الأكبر في الجزائر، جهاد البناء والتشييد، بشق الطـرق حتى في الصحاري وبناء السدود وإنجاز الـمصانع وكل مرافق الحياة، الجهاد الأكبر الذي جعل جزائر القرن الـواحد والعشرين تقترب من مستوى التنمية للدول المتقدمة بعدما كانت، نصف قرن قبل اليوم، حقلا للبؤس والفقر والتشريد تحت ظلام الاستعمار الغاشم.

لقد كان للاتحاد العام للعمال الجزائريين دور فعال في تحرير وتأميم محروقات بلادنا يوم 24 فبراير 1971.

بالفعل، لقد ظنت الشركات الأجنبية للمحروقات أنه من غير الـممكن لأبناء وبنات الجزائر التحكم في حقولنا ومركباتنا النفطية والغازية، غير أنه تزامن القرار السياسي الشجاع مع الإرادة القوية للعمال  والإطارات وتمكنت الجزائر من فرض سيادتها على ثروتها من الـمحروقات ومن الاستمرار في تنشيط هذا القطاع الذي أصبح وما يزال قاطرة للاقتصاد الوطني.

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السـادة الأفاضــل،

لقد عرفت الجزائري خلال العشريتين الأخيرتين كيف تمزج ثروة المحروقات مع  الإرادة السياسية الـمستقلة، و كذا سواعد وإرادة أبناء الجزائر المخلصين.

فبعدما خرجت البلاد من المأساة الوطنية ومن ويلات إعادة الهيكلة الاقتصادية و الاجتماعية، انطلقنا في مسار البناء والتشييد مرحلة تلو مرحلة، فتحررت الجزائر من أخطبوط الـمديونية الخارجية ودحرت شبح البطالة الذي كاد يخنق  شبابنا، وأزالت إلى حد جد بعيد مظاهر البؤس والفقر، وعمّرت ربوع البلاد بآلاف المدارس، ومئات الـمستشفيات، وعشرات الجامعات و ملايين السكنات.

وما كان هذا الـمسار ليكون ممكنا إلا بفضل استقلالية قرارنا السياسي والاقتصادي الذي سمح لنا باجتياز الـمصاعب المالية للسنوات الأخيرة، وهو أمر أصبح ممكنا بفضل السلـم الاجتماعي وتجند العمال في الاتحاد العام للعمال الجزائريين.

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السادة الأفاضــل،

ونحن نحتفي اليوم بالملحمة الوطنية هذه والإنجازات التي رافقتها، ندرك تماما أنه ما زال أمامنا العديد من التحديات.

فعلى الصعيد الأمني يوجد عـدم الاستقرار وآفات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في جوارنا الـمباشر ويواجهها الجيش الوطني الشعبي الباسل الذي نحييه مرة أخرى، غير أن جيشنا في حاجة إلى شعب واع ومجند ويقظ لكي يكون سندا ثمينا ودرعا قويا للحفاظ على استقرار البلاد.

صحيح أننا نتمتع بتقدمنا الاقتصادي والاجتماعي، غير أننا واعون كل الوعي بضرورة الـمزيد من الفعالية الاقتصادية لكي نضمن دوام خيارنا الـمقدس الـمتمثل في العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني.

وإن للجزائر قدراتٍ وإمكانياتٍ لكسب هذه الـمعركة، معركة البناء والتقدم، وهنا يمكن لنا التمعن في مثال ولاية أدرار.

إذ يُؤكد باطن هذه الـمنطقة، سنة بعد سنة، كل ما يزال لنا من إمكانيات هائلة في مجال الـمحروقات على غرار الحقول الغـازية لرقـان وتيميمون و قـدرات اكتشفت أو من الـمحتمل اكتشافها.

وفي هذه الولاية دائما أصبحت الصناعة واقعا ملموسا من خلال مصنع الإسمنت جنوب هذه الـمدينة الذي أصبح اليوم يصدر إلى جوارنا الجنوبي.

إن قدرات تنويع اقتصاد الجزائر لا تعد ولا تحصى من مثل الخيرات الـمنجمية، والقدرات الفلاحية والكفاءات العلـمية، وهي كلها تنتظر منا استغلالها استغلالا أفضل  و بنجاعة أعلى وبجودة أوفى لكي تصبح مصدر مداخيل إضافية لبلادنا.

أيتها السيدات الفضليات،

أيها السادة الأفاضل،

من خلال هذا العرض الوجيز لـمراحل متتالية من تاريخ الجزائر المعاصر في مجالي الكفاح والتشييد، تبرز رسالتي بكل قوة، فضائل الاستمرارية، الاستمرارية التي تجعـل كل جيل يضيف حجرة على ما بُني قبله، استمرارية تضمن الحفاظ على سداد الخطى وتسمح بتدارك الإخفاقات الهامشية، استمرارية تسمح للجزائر بمضاعفة سرعتها في منافسة بقية الأمـم في مجال الرقي والتقـدم.

تلكـم هي العبرة التي يجب عليـنا جميعا أن نستخلصها من الاحتفاء بهاتين الذكريين الخالدتين، وتلكم هي الطريقة التي يتعين علينا الوفاء بها لشهدائنا الأمجاد والسهر بها على أجيالنا الصاعدة وصون وطننا الـمفدى الجزائر الحبيبة.

الـمجد والخلود لشهدائنا الأبرار،

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».