يوم طبي للمرأة العاملة ببومرداس

اكتشاف 15 حالة سكري في 650 تشخيصا

اكتشاف 15 حالة سكري في 650 تشخيصا
  • القراءات: 648
❊حنان.س ❊حنان.س

نظمت لجنة المرأة العاملة لولاية بومرداس، التابعة للاتحاد الولائي للعمال الجزائريين ببومرداس يوم الخميس المنصرم، يوما إعلاميا لتشخيص داء السكري وأمراض القلب لصالح النساء العاملات، في سياق الاحتفالات بالذكرى المزدوجة لتأميم البترول وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين الموافق لـ24 فيفري من كل عام، تم خلالها الكشف عن 650 امرأة عاملة واكتشاف حالات إصابة بالسكري دون علم مسبق للمريضات.

أفادت رئيسة لجنة المرأة العاملة لولاية بومرداس، مليكة مقراني، أن المبادرة إلى تنظيم يوم للتشخيص المبكر للأمراض المزمنة لصالح المرأة العاملة، جاء بهدف حث العاملات على الاهتمام أكثر بصحتهن النفسية والجسدية دون التحجج بانعدام الوقت، "حيث أرادت اللجنة من خلال اليوم التحسيسي، المساهمة في التوعية بمخاطر داء السكري، خاصة الفئة الثانية، وكذا خطر الضغط الشرياني"، تقول المسؤولة.

التظاهرة المنظمة بمقر الاتحاد الولائي، سمحت بتشخيص السكري لدى 650 امرأة، جلهن عاملات، واعتبرت السيدة مقراني هذا الرقم جيدا بالنظر إلى تنظيم الحملة في يوم عمل، مؤكدة أن اللجنة، بالتنسيق مع مديرية الصحة والسكان، تفكر في تنظيم قافلة للتشخيص المبكر تجوب الإدارات والمؤسسات، من أجل السماح لأكبر عدد من العاملات بالاستفادة من التشخيص.

تم اكتشاف 15 حالة إصابة بداء السكري، من بينهم "حالة خطيرة لعاملة عمرها 50 سنة، بلغت لديها نسبة السكري المخزن بـ13٪، وهذا خطير، يعني أن المرأة مصابة بالسكري من قبل دون أن تخضع للعلاج،  مما قد يتسبب لها في مضاعفات خطيرة"، تقول الطبيبة ليلى مناصري  المشرفة العامة على "دار السكري" بمدينة بومرداس، داعية النساء إلى الاهتمام بصحتهن دون أحكام مسبقة بانعدام التكفل الطبي، مبدية أسفها عن كون المرأة العاملة في مجتمعنا لا تهتم إطلاقا بصحتها، حيث أن العاملة ـ حسبها ـ لا تكرس وقتا للاعتناء بصحتها، من خلال إجراء فحص طبي وتشخيص مبكر لمرض ما، ومنه داء السكري الذي أضحى ينتشر بشكل كبير في مجتمعنا جراء عدة عوامل، معتبرة أن  المرأة العاملة تعيش وسط قلق وضغط متواصلين بسبب مسؤوليتها المضاعفة كموظفة وربة بيت، "وهنا مكمن الخطر.. حيث أن القلق الذي يسببه العمل وضغط الأسرة والأولاد، قد يؤدي بالعاملة في الأخير إلى الإصابة بالسكري أو ارتفاع الضغط"، تقول الدكتورة مناصري، لافتة في نفس السياق، إلى التغذية السيئة للمرأة العاملة التي إما أنها تأكل أكلا سريعا يساهم في تدهور تدريجي للصحة، أو لا تأكل خارج المنزل،  وبعودتها مساء، فإنها تأكل إلى أن تخلد للنوم، وهو ما يعني تعبيد الطريق أمامها للإصابة بالسمنة، أحد عوامل الإصابة بالسكري.

وعي صحي يقابله تعامل سلبي

تشخيص الأخصائية للحالة الصحية للمرأة العاملة إجمالا لا يتوقف هنا فقط، بل تؤكد كذلك على وجود وعي صحي في مجتمعنا، وكان من المفروض أن يستغل إيجابيا، حيث تقول إن العاملة اليوم وبفضل الأيام التحسيسية والتكنولوجيا الحديثة، أصبحت واعية بالمخاطر الكثيرة التي قد تهدد صحتها، لاسيما بسبب الأكل السريع وقلة الحركة، "لكن هذا الوعي لم يستغل كما يجب، حيث أن بعض النساء لديهن شك في إصابتهن بمرض ما، لكنهن يتحججن بانعدام الوقت، ونحن نقول لها؛ كما لديك وقت للاهتمام بمنزلك ووقت لتدريس أطفالك، عليك إيجاد وقت للاعتناء بصحتك"، تضيف الأخصائية، لافتة كذلك إلى عدم الاهتمام إطلاقا بالحركة والرياضة والاعتماد على السيارة لبلوغ المقاصد، حيث تعتقد بعضهن أن "شغل الدار" عبارة عن رياضة.. "لا أبدا هذا خطأ، وخطأ أيضا من تمارس الرياضة بقلق، فلا بد من تنظيم كلي للحياة اليومية لإبعاد شبح الإصابة بمرض ما قد ينغصها بعد ذلك للأبد"، تقول محدثتنا، معتبرة الأكل وقلة الحركة والقلق ثالوثا يشكل خطرا على المرأة بشكل عام، وعليها أن تكسر هذه الحلقة إن أرادت المحافظة على صحتها.

في هذا السياق، تؤكد إحدى العاملات بمؤسسة صحية، أنها واعية تماما بإيجابيات الفحص المبكر لإبعاد أي احتمال الإصابة بمرض ما، رغم ذلك، فإنها لا تبادر بفحص دوري حتى وإن كانت تعمل في الحقل الصحي، وحجتها في ذلك أنها "ديباسي"، أي لا تملك وقتا لنفسها وسط مسؤولياتها الكثيرة، حيث أوضحت صعوبة إيجاد وقت للاعتناء بصحتها في خضم الاهتمام بالمرضى، وأمام مناوبة لثلاث مرات في الشهر "لا أجد لنفسي وقتا أمام كل المشاغل التي تنتظرني يوميا بين  البيت والعمل، حتى إنني أتجاوز وجبة الغذاء مرغمة، رغم علمي المسبق بأهمية التغذية".

لا وقت للصحة بين البيت والعمل..

من جهتها، تحدثت "المساء" إلى عاملات اقتربن من التظاهرة لإجراء فحص مبكر، فقالت إحداهن، عاملة في الإدارة، إنها وجدت في هذا اليوم التحسيسي فرصة لإجراء تشخيص، كونه نظم خصيصا للمرأة العاملة، معترفة بتقصيرها في حق صحتها بسبب غياب الوق، وأضافت أن عملها يبدأ عند الخروج صباحا في حدود السادسة والنصف عندما تقصد المكتب، إلى غاية عودتها مساء في حدود السادسة لتبدأ "معاناة" أخرى مع البيت والأولاد، مما جعلها تقر بأن هذه الحلقة المفرغة كثيرا ما تصيبها بالصداع، بينما تؤكد عاملة أخرى أن المجهود الكبير الذي تبذله في عملها، كونها تشغل منصب مسؤولية، يصيبها بتعب شديد ويجعلها تحت ضغط متواصل، كما أن تفكيرها في طفليها طوال اليوم بحكم بُعدها عنهما، يصيبها بالتوتر وينعكس سلبا على نفسيتها، وهو ما جعلها تؤكد أن صحتها تأتي في المقام الأخير حتى وإن أحست ببعض التعب، فإنها تحاول المقاومة، وهو ما أكدته موظفة أخرى في قطاع البريد، لما قالت إنها لا تزور الطبيب حتى وإن كانت مريضة، وكانت تقصد بذلك، إصابتها بالزكام أو نزلة برد أو حتى آلام في الظهر، لأنها تعمل كعون شباك، وأكدت أنها واعية تماما بأهمية الفحص الطبي، لتتمكن من أداء واجبها المهني ومسؤوليتها الأسرية على أكمل وجه، "لكن لا أجسد أي شيء من ذلك.. مكاش الوقت".

من جهتها، تقول موظفة أخرى في القطاع الإداري، إن المرأة العاملة مقسمة بين مسؤوليات كثيرة، فهي وإن كانت تترك العمل بالمكتب ولا تفكر فيه مطلقا في منزلها مساء، إلا أن العكس تماما يحدث معها وهي في المكتب، حيث تفكر طوال الوقت فيما ينتظرها من مهام، تقول "والله أصدقك قولا، وأنا في المكتب، أفكر في ما ينتظرني مساء وما أطبخه لوجبة العشاء.. ومراجعة الدروس لأولادي، فأنا في العمل كالربوت المبرمج لأداء ما عليه، إلى أن أعود إلى المنزل مساء، لأشرع في الجري وراء مسؤولية من نوع آخر".

في الوقت الذي دعت موظفة أخرى إلى تكرار مثل هذه المبادرات لصالح العمال والعاملات من أجل التشخيص المكبر، لأن العمال خاصة النساء، لا يجدن متسعا من الوقت لقصد الطبيب وإجراء فحوصات "إلا إذا وقعت الفأس في الرأس".