رغم التساؤلات حول ظهوره والدمار الذي خلفه

إعلان نهاية «داعش» هل يضع حدا للإرهاب العالمي؟

إعلان نهاية «داعش» هل يضع حدا للإرهاب العالمي؟
  • القراءات: 682
م. مرشدي م. مرشدي

تقاطعت عدة تصريحات، أمس، في سوريا والعراق وفي الولايات المتحدة تؤكد أن نهاية تنظيم «داعش» الإرهابي، أصبحت مسالة أيام وأن اندحار فلوله في آخر معاقله في سوريا وخاصة في إدلب ومناطق محدودة المساحة الى الشرق من الحدود التركية أضحت وشيكة.

وأكدت مصادر القوات العربية ـ الكردية المدعومة بقوات أمريكية أمس أن ما تبقى من عناصر التنظيم دخلوا مرحلة اليأس العسكري لقناعتهم بنهايتهم المحتومة رغم التحصينات التي أقاموها في قرية بوغوز على الحدود التركية والتي لا تتعدى مساحتها كيلو مترا مربعا واحدا دون أي حظ للإفلات من القبضة العسكرية التي فرضت عليهم ولم يعد أمامهم سوى الموت أو الاستسلام.

وأكدت نفس المصادر أن مسلحي التنظيم الإرهابي احتجزوا أكثر من ألفي مدني من سكان هذه المناطق وجعلوا منهم دروعا بشرية لحماية أنفسهم من نهاية محتومة في الوقت الذي قاموا فيه بزرع حقول ألغام على مساحة كبيرة من حول معاقلهم.

وتقاطعت هذه التأكيدات المشحونة بفرحة الانتصار بتلك التي أدلى بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي أكد قرب نهاية تنظيم «داعش» وراح يحث الدول الأوروبية الى إجلاء المئات من رعاياها الذين انضموا الى صفوف التنظيم الإرهابي قبل أن يقعوا في اسر قوات بلاده.

وبقدر ما تبعث هذه المعلومات المتواترة التفاؤل تدفع إلى طرح سيل من التساؤلات التي لن تجد لها أجوبة على الأقل في الوقت الراهن، حول الظروف التي سمحت بظهور هذا التنظيم في ظرف قياسي ودرجة الدموية التي ميزت مقاتليه والأكثر من ذلك حجم الدمار الذي خلفته الحرب الدولية ضده في العراق كما في سوريا.

وتبقى الأسئلة المحيرة الأخرى حول من قام بتسليح أربعين ألفا من مقاتليه بترسانات حربية فاقت في قوتها أسلحة جيوش نظاميه قائمة منذ عقود. ثم لماذا تغاضت الدول الأوروبية الطرف عن مواطنيها الذين التحقوا تباعا بصفوف «داعش» وهي تعلم علم اليقين الى أين هم ذاهبون والشبكات التي كانت تقوم بتجنيدهم وإيوائهم وضمان نقلهم عبر تركيا واليونان وصولا الى جبهات القتال في سوريا والعراق.

والمفارقة أن توالي حلقات هذا السيناريو الإجرامي تم تحت الأعين الساهرة لمختلف أجهزة المخابرات الأوروبية التي تملك أدق المعلومات حول هذا الإرهابي وذاك وقناعاته ومن جنده ومن أوصله الى معاقل التنظيم بفضل مخبريها وجواسيسها الذي قاموا بأكبر عملية اختراق لصفوف هذا التنظيم الذي يبقى ظاهره الدفاع عن الإسلام وباطنه تشويه أفضل الأديان.

هي كلها تساؤلات وأخرى تتلخص في سؤال جوهري حول الطريقة التي اختفى بها مقاتلو التنظيم وزعيمهم البغدادي الذي بقيت شخصيته محل شبهات وتعطي الاعتقاد بأنه نفذ خطة غربية لتدمير مقومات الدولة العربية وفق ما سطرته له مختلف المخابر الاستعلاماتية.

فلا يمكن فهم قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب شهر ديسمبر الماضي بسحب قوات بلاده من سوريا إلا ضمن سياق انتهاء المهمة التي كلف بها التنظيم في أهم بلدين عربيين. ولم يكن من الصدفة أيضا أن يؤكد وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو وهو الرجل العسكري السابق انتقال خطر التنظيم إلى منطقة الساحل في تكرار محير لنفس المخطط الذي شهدته سوريا والعراق ويتم تجريبه الآن في دول مثل النيجر ومالي وليبيا وتشاد وبوركينا فاسو وصولا إلى نيجيريا.

فلا يعقل أن يفلت مقاتلو التنظيم من قبضة التحالف الدولي والشبكات الأخطبوطية لعملاء مختلف أجهزة المخابرات الدولية بمثل هذه السهولة والزعم أنهم تمكنوا من الفرار من منطقة الشرق الأوسط الى منطقة الساحل عبر البحر المتوسط أو عبر منطقة القرن الإفريقي لولا التسهيلات اللوجيستية التي وفرت لهم من طرف نفس هذه الأجهزة ودولها لإتمام المهمة الموكلة لهم؟

وهو واقع يدفع الى التأكيد أن العالم مقبل على حلقة ثانية من مسلسل التدمير الشامل لمقدرات الدول العربية والإفريقية، في إطار عملية مدبرة لإعادة رسم خارطة المستعمرات القديمة بمنطق جديد يأخذ في الحسبان رغبة الولايات المتحدة فرض منطقها الرامي إلى إزاحة نفوذ دول مثل فرنسا وبريطانيا وحتى الصين وروسيا في منطقة تعد قلب العالم، وهي بالإضافة الى ذلك تزخر بثروات طبيعية تضمن لمن بسط سيطرته عليها التحكم في مقاليد العالم الذي يريد طي صفحة الترتيبات التي فرضتها الحرب العالمية الثانية التي تجاوزها الزمن، تماما كما حصل في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى التي أدت الى اندلاع حرب 39 ـ 45 فهل هي مؤشرات سابقة لحرب كونية ثالثة؟