الروائي رياض جيرود ضيف مطبعة «موغان»:

كنت غارقا في الرياضيات إلى أن اكتشفت الأدب

كنت غارقا في الرياضيات إلى أن اكتشفت الأدب
الروائي رياض جيرود ضيف مطبعة «موغان»: لطيفة داريب
  • القراءات: 1409
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

إستضافت مطبعة «موغان»، الكاتب وأستاذ الرياضيات رياض جيرود، المتحصل مؤخرا على جائزة آسيا جبار للرواية المكتوبة باللغة الفرنسية، وهناك فتح الكاتب قلبه لقرائه في البليدة، وتحدث عن ظروف كتابته لروايته الأخيرة «عيون منصور»، التي كتب معظم فصولها في حظيرة للسيارات.

 

كان لقاء الروائي رياض جيرود بقرائه البليديين، ممتعا فعلا، وخفيف الظل مثله، فلم يتوان الكاتب عن ذكر ظروف كتابته لعمله الأخير «عيون منصور» الذي تحصّل به على جائزة آسيا جبار للرواية المكتوبة باللغة الفرنسية، حيث كتب جل فصولها حينما كان ينتظر ابنته في حظيرة سيارات المسبح، رغم أنه في العادة يكتب صباحا مباشرة بعد استيقاظه وقبل أن يلتحق بعمله، كمدرس مادة الرياضيات في الثانوية الدولية بالجزائر.

وفي حظيرة السيارات أيضا، ولكن هذه المرة في المملكة العربية السعودية، حيث عاش هناك كاتبنا، فترة من الزمن، جاءت فكرة كتابة هذه الرواية الثالثة في مساره الأدبي، وهنا يقول «كنت في حظيرة السيارات لمركز تجاري ضخم بالرياض، وشاهدت سوريين أو أردنيين يمتطيان سيارة فارهة، وهنا قررت أن يكونا بطلا عملي الجديد».

جيرود تحدث أيضا عن بداياته في عالم الكتابة، ولم يخجل في التأكيد على ركاكة أسلوبه الكتابي في مراهقته، وهو العاشق لعالم الرياضيات، والبارع فيها، وفي يوم من الأيام التقى بشابة في عمره (15 أو 16 سنة)، وكانا يلتقيان كل صباح ويتبادلان الرسائل، وكان رياض يكتب بشكل ركيك ويضع رسومات على رسائله، في حين كانت الشابة تكتب بأسلوب أنيق، وفي الأخير تحولت الشابة إلى فنانة رسامة وأصبح رياض كاتبا مرموقا.

وفي هذا السياق، قال إنه اكتشف في هذه المرحلة، سحر الكلمات وكنهها، كما تعرّف في نفس الفترة، على العديد من كتابات زولا وسارتر وغيرهما، فكانت بداية رحلته في عالم الأدب لتكون النتيجة ثلاث روايات وهي»افتنان» و»النهاية التي تنتظرنا» و»عيون منصور».

كما تحدّث جيرود عن روايته الأخيرة التي تحمل موضوعا غير مفرح يتمثل في الحكم بالإعدام على منصور الجزائري، سوري من أصل جزائري وبالضبط من سلالة الأمير عبد القادر، وهنا يحكي الراوي المتمثل في صديقه من أصول واحدة عن سبب وصول منصور إلى هذا الحال. وقد يصطدم القارئ ببعض الأحداث أو حتى ببعض الكلمات، مثل: (قصوه)، التي يرددها «الرجال» الذين  يملكون «الشجاعة» لحضور التنفيذ بالإعدام في ساحة عهدت في باقي الأيام احتضان النساء والأطفال، كما لم يتوان البعض منهم عن استخراج هواتفهم لتصوير المشهد ويا له من مشهد!.

الرواية هذه، كانت فرصة لتزويدها بأقوال متصوفة، مثل ابن العربي والحلاج الملقب بمنصور، نفس اسم بطل الرواية، كما كتب بعض النصوص أيضا بالعربية، علاوة على استعانته بتصريحات مشاهير ووضعها بدون زيادة ولا نقصان، مثل كتابات الأمير عبد القادر في أسره بفرنسا، وحتى مقاطع من خطاب الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولوند حينما زار المملكة العربية السعودية سنة 2013.

وعن ظروف عيشه في السعودية لفترة من زمن، أشار جيرود إلى فضوله للتعرّف على طريقة عيش مختلفة تماما عنا في الجزائر، مضيفا أنه قضى زمنا في الرياض، التي كتب عنها في روايته أنها مدينة اصطناعية، لا تملك من التسلية إلا المراكز التجارية الكبرى، ليتساءل «هل نعمل بجد كي نكسب مالا نصرفه على مشتريات لا تنتهي؟» وأضاف «حينما تمشي في البليدة أو في أي منطقة من الجزائر، تكتشف جوانب تاريخية منها، في حين أن الرياض مدينة حديثة لا تجد فيها الأصالة إلا في منطقة الديرة، بينما في مناطقها الأخرى، تملؤها مظاهر العصرنة، ومع ذلك عشت تجربة مميزة في الرياض فالسعودية بلد له كلمته في العديد من القضايا التي تهم المسلمين مثل فلسطين وإيران وغيرها». عودة إلى التصوّف، حيث كشف جيرود عن تصوفه، وأنّه قضى 15 سنة في موريتانيا لهذا الغرض، ويضيف أنه استنتج أنه ليس بحاجة إلى قائد روحي إلا في حالات استثنائية، لينتقل إلى الحديث عن الأمير عبد القادر الذي أراد أن يبرز أكثر جانبه الإنساني والروحي، في حين لم يشأ أن يتطرق إلى الجانب العسكري لأنه لا يريد أن يدخل في متاهات هو في غنى عنها.

بالمقابل، لم يعتبر الكاتب نفسه قارئا نهما فهو يقرأ بالأكثر عشر روايات في السنة، أغلبها في تخصص الفلسفة، كما يبتغي الكتابة على جهازه الآلي، وفي الصباح قبل أن يلتحق بعمله، كمدرس رياضيات، التي يعشقها منذ الصغر والتي وجدت نفسها أيضا في روايته الأخيرة.