وزارة التضامن تفتح النقاش لمراجعة قانون المعاق

الجمعيات تثمّن الخطوة وتحضّر اقتراحاتها

الجمعيات تثمّن الخطوة وتحضّر اقتراحاتها
  • القراءات: 1494
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

قطع القانون رقم 02-09 المؤرخ في 8 ماي 2002 المتعلق بحماية الأشخاص المعاقين وترقيتهم، منذ صدوره، أشواطا هامة في مجال حماية وترقية الأشخاص المعاقين واحترام مبادئ المساواة وعدم التمييز بينهم. وهنّأت لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بهيئة الأمم المتحدة، الجزائر على تقريرها الأولي حول حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الجزائر نهاية أوت الماضي. ونوّهت بالعديد من المنجزات المحققة في هذا المجال، رافعة عددا من الملاحظات التي يجب العمل على تحقيقها مستقبلا. وأمام هذا عمدت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة بعد سنوات من تطبيق القانون، إلى فتح النقاش حوله مع كل الجهات ذات الصلة والمعاقين أنفسهم والتنظيمات التي تمثلهم، لمراجعته وتحيينه وإعادة النظر في مواده.

بادرت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة تكريسا مسعاها الرامي إلى تعديل قانون المعاق إلى التواصل مع كل الشركاء والفاعلين، حيث أقدمت في بادئ الأمر، على مراجعة المرسوم رقم 06- 145 المؤرخ في 26 أفريل 2006 الذي يحدّد تشكيلة المجلس الوطني للأشخاص المعاقين وكيفيات سيره وصلاحياته، لتوسيع مهامه ودعم موقع المجتمع المدني فيه، وإنشاء لجان تقنية وأخرى محلية، تسمح برؤية شاملة على المستويين المركزي والإقليمي. وفي هذا السياق، حاولت "المساء" تسليط الضوء على كيفية تفاعل الجمعيات مع هذا المسعى، ورصدت جانبا من مقترحات الجمعيات.

فيدرالية المعاقين ترحّب وتقترح

أشارت عتيقة معمري رئيسة  فيدرالية جمعية المعاقين حركيا في تصريحها لـ "المساء"، إلى أنها تثمّن مسعى وزارة التضامن، المتمثل في التواصل مع الجمعيات، ومطالبتها بتقديم اقتراحاتها فيما يخص تعديل قانون المعاق، موضحة في السياق، أنها تعيب على باقي الجمعيات الأخرى تقديم مقترحات تقليدية لا ترقى للنهوض بواقع المعاق، وتقول: "ينبغي أن يعرف المجتمع المدني أنّ قانون المعاق ليس قانون امتيازات ولا شفقة، وإنما نتحدث عن قانون يفترض أن يؤمّن للمعاقين الحقوق الأساسية التي ترفع عنهم الشعور بالإقصاء والتهميش".

وعن جملة الاقتراحات التي تعمل الفيدرالية على تحضيرها، أشارت في معرض حديثها إلى أنها لم تقدّم بعد اقتراحاتها، وتعمل هذه الأيام على دراسة كل مقترح على حدة لتقديم عمل نوعي، مشيرة إلى أن قانون المعاق، اليوم، حسبما تتطلع إليه الفيدرالية، يقول بالتكفل بكل حالة على حدة، ممثلة بالتركيز على تكوين مهنيين يتكفلون بالمعاقين لتسهيل حياتهم، وهو المطلب، حسبها، الذي طالما سعت إليه الفيدرالية، إلى جانب التأكيد على الحماية الاجتماعية؛ من خلال تبني النصوص القانونية التي يشعر من خلالها المعاق بأنه محمي بقانون يفتح المجال له للمشاركة  في الحياة الاقتصادية والسياسية، مشيرة في السياق، إلى أن الفيدرالية تعتبر تعديل قانون المعاق بمثابة  تحدّ لصياغة سياسة جديدة لفائدة المعاقين في الجزائر؛ تقول: "نتطلع من خلال إشراكنا للوصول إلى صياغة قانون يتلاءم مع كل الحالات، ويتماشى وحقوق الإنسان التي سبق للجزائر أن صادقت على ميثاقه".

التواجد بكل القطاعات أهم مطالبنا

من جهته، ثمّن  نور الدين شويط رئيس الجمعية الجزائرية  لذوي الإعاقة بولاية سكيكدة، الخطوة التي بادرت بها وزارة التضامن الوطني، والتي جاءت، حسبه، بعد تقديم التقرير السنوي عن واقع المعاق في الجزائر شهر أوت المنصرم، والذي على أساسه قدّمت للجزائر بعض الملاحظات التي يجري العمل على تعديلها، مشيرا في السياق، إلى أن الجمعية سارعت من جهتها، إلى تقديم جملة من المقترحات، المتمثلة أساسا في جعل المعاق حاضرا في كل القطاعات الوزارية، إلى جانب المطالبة برفع نسبة التشغيل إلى 10 بالمائة، وتخفيض سن التقاعد إلى 45 سنة بالنظر إلى كون حالة المعاق تمثل الاستثناء ولا تتشابه مع الأشخاص العاديين، ناهيك عن المطالبة بإمكانية حصول المعاق على تخفيض في السيارة بنسبة 30 بالمائة؛ بناء على رخصة يتم تحصيلها من مديرية النشاط الاجتماعي، وأخيرا رفع منحة المعاق إلى 20 ألف دينار.

وفي السياق، أشار محدثنا إلى أن الجمعية عند صياغة قانون المعاق سنة 2002، لم يكن حضورها قارا في الاقتراحات، واليوم وبعد أن سمحت لهم الفرصة "نتطلع لنكون عنصرا فعّالا ليس في تقديم الاقتراحات فحسب، بل وفي صياغة القانون، الذي ننتظر أن يكون مفيدا ويصون كرامة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويسهّل اندماجهم في الحياة العامة.

التعديل جاء في وقته

وأوضح عيسى صديقي رئيس التنسيقية الوطنية للعمال المعاقين، أن تعديل قانون المعاق جاء في وقته بالنظر إلى جملة التغيرات التي تشهدها الحياة اليومية، الأمر الذي تطلّب ضرورة تحيينه، خاصة ما تعلق منه بالتشغيل والمنحة، مشيرا في السياق، إلى أنّ الأمر لا يتوقّف عند التعديل وإنّما المطالبة أيضا بنصوص تحتاج لمراسيم تنفيذية؛ لأن محتواها عام، والنصوص تحتاج إلى قوة ومتابعة حتى يتم تفعيلها وتطبيقها. 

ومن جملة الاقتراحات التي تم صياغتها والتي يُنتظر أن تقدّمها التنسيقية قبل 15 فيفري الذي حُدّد كآخر أجل لتقديم المقترحات، ذكر إعادة النظر في منحة المعاقين بما يتناسب مع الأجر القاعدي الوطني، وأن يعاد النظر كذلك في مستحقيها؛ فليس كلّ شخص معاق يحتاج المنحة، إلى جانب إعادة النظر في آليات تشغيل الشخص المعاق، لأنّ المرسوم الرئاسي يفرض نسبة واحد بالمائة في القطاع الخاص فقط، بينما يستثني القطاع العام ويقول: "هنا المشكل، نريد تعميم الأولوية على كل القطاعات العامة والخاصة، كما نطالب برفع النسبة إلى عشرة بالمائة، إلى جانب التمسّك بالتقاعد النسبي والتقاعد بدون شرط السن، وتفعيل طب العمل على أرض الواقع، وإيجاد حلول في أقرب وقت ممكن للأمراض المهنية باستحداث مناصب مكيّفة".

ومن جملة المطالب أيضا إعفاء العمال المعاقين الذين تفوق نسبة إعاقتهم 60 بالمائة، من اشتراكات الضمان الاجتماعي، إذ يتحصّلون على أجرة تقاعدهم الشهرية كاملة 100 بالمائة، مع منح وتعويض أولياء الأطفال ذوي الإعاقة، الذين اضطروا لترك مناصب عملهم قصد الاهتمام بأولادهم المعاقين. أما فيما يتعلق بالجانب السياسي، فيقترح محدثنا إشراك المعاق في العمل السياسي، كما يقترح "كوطة" لهذه الفئة مثلما تم اقتراحها للمرأة.

مراد عبسي إطار بوزارة التضامن الوطنيلم نُقص أحدا وننتظر اقتراحات الجميع

رفعت "المساء" انشغال بعض الجمعيات التي لم يتم مراسلتها لتقديم اقتراحاتها بخصوص تعديل قانون المعاق إذ اعتبرت نفسها مقصية ومهمشة، رفعت انشغالها إلى السيد مراد عبسي إطار بوزارة التضامن الوطني والمكلّف بالملف، الذي أكّد في بداية حديثه أنّ "التواصل مع كلّ الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المعاق عبر التراب الوطني، غير ممكن، إذ تحصي الجزائر، حسب الجمعيات المعتمدة على مستوى وزارة الداخلية، زهاء 3751 جمعية". ويضيف في المقابل، أنّ باب الوزارة مفتوح لاستقبال كل الاقتراحات سواء من طرف جمعيات أو أشخاص، ولا يحتاج الأمر إلى مراسلة، لأنّ التعديل  مسألة تهمّ كلّ المعاقين، يكفي فقط التقدّم من الوزارة المعنية وتقديم ما يراه المعاق أو الجمعية أو الفيدرالية مناسبا في التعديل.

من جهة أخرى وردا على بعض الجمعيات التي تدّعي عدم إعلامها، أشار محدثنا إلى أنّ وزارة التضامن الوطني اعتمدت صيغة منظمة في العمل بخصوص تقديم الاقتراحات، حيث راسلت الجمعيات ذات الطابع الوطني، للتعامل مباشرة مع الوزارة. أما بالنسبة للجمعيات ذات الطابع الولائي فيتم العمل معها بالتنسيق مع الولاية. أما عن الجمعيات المحلية فيتم التعامل على مستوى البلديات عن طريق مديريات النشاط الاجتماعي، مشيرا إلى أنّ وزارة التضامن الوطني مستعدة للاستماع لجميع الشركاء من أجل إثراء النقاش حول قانون المعاق لتحسين نصوصه، وذلك إلى غاية أجل أقصاه 15 فيفري. وبالمناسبة أوضح أنّ بعد هذا التاريخ يُنتظر أن يتم الشروع في ورشات عمل لمناقشة المقترحات وصياغة القانون.