شكل حكومته بعد ثمانية أشهر من التعطيل

هل يرفع الحريري التحديات التي تواجه لبنان؟

هل يرفع الحريري التحديات التي تواجه لبنان؟
الوزير الأول اللبناني سعد الحريري
  • القراءات: 620
❊م. مرشدي ❊م. مرشدي

تمكن الوزير الأول اللبناني سعد الحريري، من التوصل إلى أرضية توافقية بين مختلف القوى السياسية سمحت بتشكيل حكومة جديدة بعد مخاض عسير وتجاذبات قوية استمرت على مدى ثمانية أشهر الأخيرة، عكست حقيقة المشهد السياسي في بلد عرف بمواقفه الحيادية ولكنه وجد نفسه في خضم تحولات عربية خطيرة.

ورغم أن كل الأحزاب والحساسيات تم تمثيلها في ثاني طاقم حكومي يقوده سعد الحريري والذي ضم ثلاثين حقيبة وزراية فإن ذلك لا يعني أن الممارسة السياسية في لبنان وضعت هذه المرة على سكتها الصحيحة، ليس لأن اللبنانيين غير قادرين على تسيير شؤونهم الداخلية بالحنكة التي يستدعيها الموقف، ولكن بسبب هشاشة السياق الإقليمي الذي جاءت فيه هذه الحكومة وانعدام الإمكانيات لإتمام ثورة إصلاحات جذرية تمكن لبنان من استعادة ثقة المتعاملين الأجانب.

ولا بد من القول منذ البداية أن الأوضاع الأمنية والسياسية والتجاذبات التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط كانت سببا مباشرا في حصول هذا التأخير القياسي في تشكيل الحكومة اللبنانية، وهي الأوضاع التي يتعين على حكومة الحريري الجديدة أن تتحرك في إطارها مكرهة على ذلك، كما يحتم عليها انتهاج سياسة توازنات حذرة تراعي قاعدة جوهرية تتلخص في عدم إغضاب أي طرف سواء في داخل لبنان أو في محيطه القريب.

ولعل أول معطى يتعين على سعد الحريري التعامل معه كأولوية قصوى هو إعادة الروح إلى اقتصاد منهك بسبب أزمة حادة كان للأوضاع في سوريا والعراق سببا مباشرا في تكريسها  وزيادة حدتها وأدت إلى انكماش اقتصاد كان رمزا للنجاح في كل المنطقة العربية يوم كان لبنان يعرف باسم «سويسرا العرب»، ومقصدا لرؤوس الأموال العربية والغربية.

وقال الحريري إن «الوضعية المالية في لبنان ليست مريحة، وأن التحديات القادمة كثيرة ومتعددة ووسائل مواجهتها محدودة» في إشارة إلى متاعب الخزينة العمومية اللبنانية.

وهي الإشكالية التي وعدت الدول المانحة بحسمها خلال الندوة التي احتضنتها العاصمة الفرنسية باريس شهر أفريل من العام الماضي، وتحصلت خلالها السلطات اللبنانية على وعود بمساعدات مالية مباشرة وقروض استثمارية قدرت بحوالي 12 مليار دولار لإخراجها من محنتها المالية، ولكن الوعود بقيت في الأدراج إلى حد الآن.

ثاني أولوية بالنسبة للحكومة اللبنانية الجديدة تبقى دون شك، التخلص أو على الأقل التخفيف من العبء الذي أصبح يشكله قرابة 2 مليون لاجئ سوري الذين وجدوا في لبنان الملاذ الآمن في وقت وجدت فيه السلطات اللبنانية صعوبات كبيرة في التكفّل بهم، وقد شحت المساعدات الدولية وأدارت الكثير من الدول العربية ظهرها لها  وتركتها تواجه لوحدها أزمة خانقة في غياب أمل انتهاء أزمة دولة جارة كانت لبنان إلى وقت قريب عمقها الاستراتيجي.

هي كلها معطيات وتحديات لم يخفها الوزير الأول اللبناني، الذي راح يعترف أن حكومته في مواجهة تحديات اقتصادية ومالية واجتماعية وإدارية ليس من السهل تسويتها بما يستدعي تضافر جهود الجميع من أجل كسب رهانها.

هي حقائق قائمة تضاف إليها إشكالية مكانة حزب الله، في الساحة اللبنانية بين من ينظر إليه كحزب مشارك في العملية السياسية وبين من يعتبرونه قوة مسلّحة يجب تجريدها من سلاحها وبين من يعده حركة مقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي.