فنانون يؤكدون في الليلة الثانية لـ «فنون وثقافة»:

الشعبي يفقد جمهوره في العاصمة

الشعبي يفقد جمهوره في العاصمة
  • القراءات: 586
❊ دليلة مالك ❊ دليلة مالك

احتضنت قاعة «ابن خلدون»، أول أمس، ليلة الشعبي الثانية لمؤسسة «فنون وثقافة»، التي بادرت بها لتكون نهاية كل شهر، لتثمين هذا الموروث الفني الأصيل، بحضور ضعيف للجمهور لا يتجاوز عددهم ثلاثين شخصا من محبي هذا اللون الفني. وأكد عدد من الفنانين الذين نشطوا السهرة، أن جمهور أغنية الشعبي وحفلاتها موجودان خارج العاصمة.

الحفل شارك فيه خمسة أسماء في مجال أغنية الشعبي، لم يفوّتوا الفرصة للحديث مع «المساء» عن مشكل غياب الجمهور، ومن جهة ثانية ازدهاره خارج العاصمة وفي مناطق تتميّز بفنون موسيقية أخرى. وهناك من أعاز هذا الغياب إلى نقص الإعلام، وضعف دوره في نقل المعلومة للجميع، على غرار الاستعانة بوسائل الإعلام الثقيلة كالإذاعة والتلفزيون، ومنهم من رده إلى عوامل الطقس، وتوجه الجمهور إلى فنون أخرى.

وعن مبادرة مؤسسة «فنون وثقافة»، أجمع الفنانون أنّها مبادرة جيدة وتستحق التشجيع، إذ يقول الفنان عبد القادر شرشام إنّها بادرة رائعة لكنّها لم تبرمَج في الوقت المناسب، ذلك أنّها تتزامن مع مباريات البطولة الوطنية لكرة القدم. وأضاف: «نحن مهما كان الوضع حاضرون لتنشيط السهرة بوصلات من القصيد الشعبي».

ويتمنى شرشام أن تعود قاعة «ابن خلدون» إلى سابق عهدها، «إذ كانت تمتلئ عن آخرها في نهاية الستينات وبداية سنوات السبعينات، ومن يصعد هذه الخشبة يجب أن يكون قادرا، دارسا الموسيقى في الكونسرفتوار وحاملا جائزة. أما الآن فالمعايير تغيّرت للأسف، إذ أضحى كل من هبّ ودبّ يقول عن نفسه إنّه فنان، هؤلاء يجرون وراء المال فقط بدون اعتبار لتطور هذا الفن وإنتاج أعمال جيدة». كما انتقد شرشام المسؤولين عن الثقافة وقال: «سامحهم الله، لم يأخذوا بيد هذا اللون الفني الأصيل»، وجعلوه في آخر اهتماماتهم. وأوضح المتحدث أنّ برنامجه الموسيقي الذي يقدّمه هو وحي الجمهور الذي يقابله، ولأنّ الجمهور الحاضر ضعيف ستصعب مهمته على الخشبة.

من جهته، يقول الفنان سيد أحمد بوعدو إنّ هذه المبادرة جيدة، يبقى حضور الجمهور الذي يجب إيجاد حل لغيابه، ذلك أنّ الشعبي يرتكز على تواطؤ بين الفنان والجمهور. وهناك نقص الإعلام الذي له حصة في ضعف حضور الجمهور، والطقس أيضا من عوامل عزوف الناس عن الخروج، إذ يفضلون البقاء في البيت في فصل الشتاء، مشيرا إلى أنّ قاعة «ابن خلدون» الموجودة في قلب العاصمة، تفتقر لمكان تُركن فيه السيارات. وأضاف المتحدث أنّ المبادرة ممتازة، ومن شأن فن الشعبي أن يتمسك بمكانته، مشيرا إلى ضرورة وضع الإمكانيات، وتوفير كلّ الاهتمام للفنان. وذكر أنّ مؤسسة «فنون وثقافة» غير إقصائية، وتدعو كلّ الفنانين الجيدين.

وكشف بوعدو أنّ جمهور الشعبي بدأ يتقلّص في العاصمة، ويجب البحث خارجها؛ حيث هناك جمهور ذواق للقصيد الشعبي، ومتوفّر في الأعراس أكثر من أعراس العاصمة. وذكر أنّ باب الوادي مثلا، في السابق كان لا يخلو منها، وبدأت حفلات الأسطح تتلاشى.

قدّم بوعدو وصلات في طابع لعروبي «من يبات يراعي لحباب» للشيخ قبابطي، و»تفكرت البهجة»؛ تكريما للمرحوم الهاشمي قروابي.

أما الفنان فيصل هدروق فقال إنّ هذه المبادرة لا يمكنها أن تكون إلاّ جيدة نظرا لنقص مثل هذه الحفلات في الجزائر العاصمة، وأن ما تقوم به مؤسسة «فنون وثقافة» لخدمة أغنية الشعبي، أمر مهم؛ ذلك أنّ الشعبي جزء من تراث الجزائر، وهناك الكثير من الشباب من يشتغل عليه، لذلك يُخشى عليه من الزوال.

ويتميّز الشعبي بسحر خاص، يجعل الفنان مضحيا من أجل الصعود على الخشبة. وقدم هدروق «انقلاب في المزموم»؛ «يا غاية المقصود» وأغنية في المديح «لمحبوبي نمشيلو».

أما الفنان طاهر زهاني فقال إنّه بفضل مؤسسة «فنون وثقافة» والديوان والوطني للثقافة والإعلام، استمر هذا الفن. وأضاف أن فن الشعبي في بعض المناطق متوفر على مدار السنة، مثلا في القليعة وبواسماعيل ودلس وبجاية. وعبّر عن دهشته لما حلّ بولاية قالمة، حيث شاهد شبابا يؤدون الشعبي عزفا وأداءً. وأعاز أن في العاصمة هناك عدة ألوان فنية من غير الشعبي، لكن لما تتواجد خارج العاصمة تلمس التنظيم الجيد، لهذا فهذا «الفن لن يموت، والجيل الجديد سكنه الشعبي»، وقدّم على خشبة «ابن خلدون» في مدح الرسول محمد، «يا أهل الهوى رحت مسلم».

من جهته، استحسن الفنان كريم عويدات فكرة تنظيم ليلة أغنية الشعبي شهريا، وقال إنّ المبادرة جيّدة، غير أنّ من الأفضل أن تقوم كلّ المؤسّسات الثقافية بذلك، حيث يقدم الفنان حفلا كل أسبوع.

كما قدم الفنان ابن حي الرونفالي وصلات في طابع السيكا، وأدى أغنية «يا الحضرة كثرو في الصلاة»، وانصراف «أنت سيد» و»عاشق سلطان الملاح» في طابع لعروبي ومخيلص.