الضغوط تنقص مناعتها وتصيبها بالشيخوخة المبكرة

المرأة العاملة بحاجة إلى مرافق تخفف أعباءها

المرأة العاملة بحاجة إلى مرافق تخفف أعباءها
  • القراءات: 632
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

فتح موضوع دخول المرأة للعمل واقتحامها لعدة مجالات مختلفة الباب واسعا للأخصائيين، من أجل إثارة إشكالية "صحة العاملة"،  بعدما أظهرت المعاينة الميدانية أن عددا كبيرا منهن يعانين من مشاكل صحية جمة، ناجمة عن حجم الضغوط التي يعشنها يوميا، نتيجة زيادة الأعباء الملقاة على عاتقهن، وهو ما اختارت الدكتورة بن زينب أم السعد، أخصائية في الديمغرافيا، الصحة والسكان، مناقشته في ملتقى نظم مؤخرا بالعاصمة، حيث حذرت النساء العاملات من المبالغة في الإجهاد النفسي.

ولوج المرأة سوق العمل ليس حديثا، كما يتصوره البعض، إنما له امتداد تاريخي، وهو ما تشير إليه المراجع التي تثبت أن المرأة كانت حاضرة بقوة في النشاط الزراعي والثورة الصناعية حتى في الصناعات الحديثة، والمفارقة اليوم ربما في أن حضورها، حسب الأخصائية في الديموغرافيا، أصبح سمة بارزة، فلم يعد العمل مقتصرا على الحاجة الاقتصادية فحسب، إنما تحول إلى مطلب لإثبات الوجود وزيادة في قيمتها. مشيرة إلى أن ممارسة المرأة اليوم لعمل ما، مرجعه الرغبة في تحقيق بعض المطالب، كالوصول إلى بعض المناصب الريادية، أو لتلبية حاجة اجتماعية، كتوفير الخدمة النسائية في بعض التخصصات، مثل التعليم أو الصحة النسوية، ناهيك عن المجالين السياسي والأمني اللذين كانا إلى وقت قريب، حكرا على الرجال، "إلى درجة أن بعض المفكرين أشاروا إلى أن المرأة لو تستلم زمام القيادة، فهي قادرة على إصلاح المجتمعات".

بالحديث عن المرأة العاملة في الجزائر، حسب محدثتنا، يبدو جليا أنها دخلت بقوة واقتحمت مختلف المجالات، ونجد أن اليد العاملة النسائية في مجال النشاط الاقتصادي ـ على سبيل المثال ـ يقدر بـ20 بالمائة، وتشير إلى أن "السؤال الذي يطرح اليوم، بعد أن أصبحنا نجدها في مختلف القطاعات وبنسب معتبرة؛ هل هي قادرة بدنيا، نفسيا، اجتماعيا على تحمل المجهود الذي تبذله؟ خاصة إذا علمنا أن لجل النساء اليوم أدوار أخرى، حيث نجدها إلى جانب العمل خارج المنزل مسؤولة على الإنجاب وتربية الأبناء، فضلا عن مسؤولياتها اتجاه زوجها، كل هذه الأعباء جعلها تقع فيما يسمى بـ«صراع الأدوار"، وولد لديها أعباء إضافية انعكست سلبا على صحتها.

من جملة النتائج التي ترتبت على زيادة الأعباء على عاتق المرأة ـ حسب المختصة ـ الوقوف على حالات نساء عاملات يصبن في سن مبكرة ببعض الأمراض، كالانزلاق الغضروفي وداء السكري، نتيجة القلق، ارتفاع الضغط الدموي وآلام الظهر، خاصة بالنسبة للواتي يستعملن وسائل النقل من أجل الالتحاق بمناصب العمل، تقول: "حيث نجدهن يعانين من صعوبة الالتحاق بأماكن العمل، ناهيك على الصراعات التي تواجههن في مكان العمل بحد ذاته"، مشيرة إلى أن جل هذه الأعباء تجعلها تشعر بنوع من الضغط الذي يدفعها من جهة، إلى التقصير في دورها العائلي، وفي ظل غياب منافذ لتفريغ الضغوط يجعل مناعتها تنخفض وترتفع معها حموضة الدم، وفي النتيجة، تصبح عرضة للإصابة بمختلف الأمراض، بما في ذلك المعدية منها ويجعلها أكثر قابلية للتعرض للشيخوخة المبكرة التي تصاحبها جملة من الأمراض المزمنة.

اقترحت المختصة في الديموغرافيها على النساء العاملات، خاصة اللواتي يشعرن بأنهن يعانين من ضغوط العمل، ويجدن صعوبة في  إدارة كل التزاماتهن، في ظل عدم قدرتهن على ترك العمل، الاستعانة "بمرافقة" أو "معيلة" في المنزل تتكفل بإحداث نوع من  التوازن، حيث تتكفل ببعض الأعباء المنزلية، مشيرة إلى أن "المعيلة" أو "المرافقة" اقتراح مطلوب في حقيقة الأمر لكل النساء العاملات دون استثناء، لأن العمل أيا كان، يخلق ضغوطا نفسية، مثل المرأة المربية التي يبدو للوهلة الأولى أن عملها مريح، غير أن الجهد الذي تبذله في سبيل التعامل فقط مع كثافة التلاميذ، يجعلنا نتساءل عن حجم المجهود المبذول، مؤكدة في السياق "بأن التعليم من أكثر المهن التي تصيب النساء بالاحتراق النفسي".

لا تنصح المختصة في الديموغرافيا المرأة بترك العمل، بغض النظر عن درجة الضغط الذي تعاني منه، خاصة إن كانت بحاجة ماسة إليه من الناحية الاقتصادية، لكن في المقابل تقول "ندعوها إلى تبني قاعدة الاختيار في الأعباء الأهم، ثم الأقل أهمية، ليتسنى لها القيام بها بإتقان، كالتواصل مع الأبناء وترك العناية بترتيب المنزل مثلا".