عرض الفيلم المغربي "الجاهلية" في مسابقة آفاق السينما العربية

هشام العسري يكسر قواعد السينما المألوفة

هشام العسري يكسر قواعد السينما المألوفة
الفيلم المغربي "الجاهلية"
  • القراءات: 804
❊مبعوثة "المساء" إلى القاهرة: دليلة مالك ❊مبعوثة "المساء" إلى القاهرة: دليلة مالك

في تجربته الفيلمية السادسة، قدم المخرج المغربي هشام العسري مقاربة أخرى بفيلمه الجديد "الجاهلية"، لا تقترن بموضوع العمل وقضيته بقدر ما تقترن بالشكل الحداثي أو ما بعد الحداثي، لأنه قام بإخراج مختلف مختزل، لكنه يضرب في الصميم، إنه السينمائي الذي يعرف السينما كما يعرف الخباز عجن خبزه، طوّع الصورة والإطار المختلف بأشكال غير كلاسيكية لتكون في خدمة هواجس الاغتصاب والظلم والاضطهاد ونقد نظام الحكم والعديد من المواضيع التي تشغل المغرب.

يروي فيلم "الجاهلية" الذي يشارك في مسابقة "آفاق السينما العربية" بمجريات مهرجان القاهرة الدولي السينمائي الأربعين، وتم إعادة عرضه سهرة أول أمس بقاعة "كريمط، قصة شخصيات عديدة تتصارع فيما بينها، في إطار كوميديا تراجيدية تلقي الضوء على مآس اجتماعية، غالبا ما يكون وراءها عبء التقاليد وعادات المجتمع وقسوة نظام الحكم، وهشام العسري في هذا العمل،  قسّمه كما الرواية أو المسرحية، إلى فصول ومشاهد عددها 13.

«الجاهلية" مجموعة من القصص السريالية مفككة دون رابط زمني بينها، ترصد الواقع الاجتماعي بلغة ساخرة من جهة، وبجرأة كبيرة من ناحية ثانية، فهذه القصص المتطرق إليها عبر لوحات مشهدية منفصلة سرعان ما تتداخل شخصياتها في مشاهد أخرى، على غرار مشهد إهانة الشرطي لمواطن أراد أن يشتري أضحية العيد لابنه، غير أن الملك قرر عدم الاحتفال بالعيد، فأراد المواطن أن يناقش الشرطي بكل بساطة، غير أنه نكل به وأصبح رجلا آخر غير سوي منهار عصبيا، مما جعله يهم بذبح ابنه ليشفي غليل الاضطهاد والاحتقار الذي تعرض له من لدن أجهزة الدولة المتمثلة في الأمن. وقد أخذ العسري هذه القصة من واقعة حقيقية حدثت في المغرب، لما ألغى الملك عيد الأضحى بسبب الجفاف في ثمانينيات القرن الماضي.

تدور جل أحداث "الجاهلية" (90 دقيقة) في فيلا على حافة هضبة شاسعة، تتجسد فيها كل أنواع "الحكرة"، فهند (نسرين الراضي) امرأة متزوجة بلطفي (مصطفى الهواري)، بعد أن تعرضت لعملية اغتصاب، تبدو مقيدة بحبل مربوط بوتد في أحد زوايا بستان الفيلا، إذ كلما حاولت التخلص من مأساتها واقتلاع الوتد والفرار، إلا ويعيدها الحارس إبراهيم (حسن باديدة) الرجل المنهك إلى مكانها، منفذا أوامر لطفي الذي يحتجزها عنوة، إضافة إلى معاناة السائق (جلال بوفطايم) الذي يعمل عند شخص ثري ونافذ، يجد "ساديته" في إهانة الجميع واحتقارهم.

تم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في فضاءات طبيعية خلابة لا تغيب عنها قطرات المطر، لكن في المقابل، هناك فضاءات أخرى اختزنت عوالم خفية تؤثثها شخوص تحمل تناقضات وتعيش معاناة نفسية (سائق آلية "رافعة" يسعى إلى الخلاص ووضع حد لحياته بأية طريقة)، وفتاة يتم اغتصابها وأخرى تحلم بالحرية، لكنها تصطدم بتقاليد وعادات المجتمع الرثة.