«ساكتة” بقاعة ”ابن زيدون”

خوض في مواقع الظل بفنيات ضعيفة

خوض في مواقع الظل بفنيات ضعيفة
  • القراءات: 670
دليلة مالك دليلة مالك

قدمت المخرجة تونس آيت علي، سهرة أوّل أمس بقاعة ابن زيدون، آخر أعمالهما المسرحية، عنوانه ساكتة عن مسرح بجاية عبد المالك بوقرموح، اقتبسه حليم رحموني من رواية أوكتاف ميربو الشهيرة يوميات خادمة، يسلط الضوء على الحياة المضطهدة التي تعيشها المرأة، والتي تلتزم الصمت إزاءها، من خلال إثراء النقاش المسرحي لثلاث علاقات شاذة كانت ضحيتها نساء، في الأخير يكسرن جدار الصمت ويبدأن قصة نضالهن من أجل الحقيقة.

ترصد المسرحية كمّا هائلا من المحن والعراقيل التي تواجه النساء، عبر قصة ثلاث شابات، ينتهي أمرهن كخادمات في البيوت، بعد أن فشلن في إيجاد عمل مناسب. تكتشف إحدى الفتيات أن السيد الذي تعمل لديه يستغل منصبه في اغتصاب الأطفال ودفنهم في حديقة بيته، لكن الخادمة سرعان ما تحولت إلى متهمة في ارتكاب تلك الجرائم، بعد أن أقدمت على تقديم شكوى ضد المجرم الحقيقي الذي يستغل نفوذه في تجريم الخادمة الضعيفة. نفس المصير تلقته الشابتان الأخريان، فتجد الثانية نفسها متهمة بجريمة اغتصاب ضد عجوز، والثالثة بقتل رجل عاشق لأحذية النساء.

يحيل هذا العمل إلى توجه المخرجة لانتصار قضايا المرأة، ووجدت في قصص الخادمات الثلاث ما هو معاش في مجتمعنا، أو في المجتمع العربي وحتى الغربي. كما تقف عند مجموعة من الظواهر السلبية، مثل استغلال النفوذ والرشوة والظلم  التي ذبحت قيم المجتمع وغيرت موازينه. غير أن تونس في هذا العمل لمست ظاهرة سكوت المرأة عن هذه الظواهر، وجعلت لها لسانا سليطا، فأخبرت بكل شيء، لكن بلغة هادئة متروية تحت طائلة الكوميديا السوداء.

قامت كل من الممثلات وسيلة عريج وتليلي صالحي وحورية بهلول بأدوارهن بشكل محترف، ووضعن الكثير من الطاقة على المسرح، الشيء الذي جعل الجمهور متفاعلا مع العمل إلى نهايته. رغم ذلك، عرف الجمهور فترات من الخمول في إيقاع المسرحية، يستحسن على المخرجة إعادة النظر فيها، وتقليص الجمل الطويلة وتخفيف التكرارات لأنها مربكة للمتلقي. في نهاية العمل، تلبس الخادمات الثلاث فساتين حمراء فوق زيهن الأسود، تفسره الممثلات على أنه إذابة لجليد الصمت، غير أن اللون الأحمر يرمز ـ كما هو معروف ـ إلى العنف أو الموت، وقد يمر على أنه رمز للحب، لكن استغلاله بذلك الشكل في هذا الموضوع غير واضح.

المسرحية التي اعتمدت على سردية مبالغ فيها، لعله بسبب غياب دعامة سينوغرافية من شأنها أن تلخص العديد من التفاصيل الشفوية، وتجنب الثرثرة، إذ لم نشهد أفعالا على الخشبة، بل وكأنها ثلاثة أعمال مونودرامية تم جمعها بفواصل غنائية.