من تنظيم جمعية الدراسات الفلسفية

عويمر يحاضر في ذكرى وفاة بن نبي

عويمر يحاضر في ذكرى وفاة بن نبي
عويمر يحاضر في ذكرى وفاة بن نبي لطيفة داريب
  • القراءات: 1324
لطيفة داريب لطيفة داريب

قال البروفيسور مولود عويمر، إنّ مالك بن نبي، تعرّض للظلم من كلّ الأطراف، سواء الإسلاميين، الشيوعيين، القوميين، الليبراليين وغيرهم، حيث أخرجت أفكاره عن سياقها الفكري والتاريخي، في حين طالب الأستاذ يعرب جرادي، إعادة ترجمة كتب مالك بن نبي من خلال ورشات علمية، بعد تعرّضها للتشويه.

بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة المفكر مالك بن نبي، نظّمت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية ـ مكتب العاصمة -، أوّل أمس، بالمركز الثقافيالعربي بن مهيدي، ندوة فكرية بعنواننقد القراءات الأيديولوجية لفكر مالك بن نبيمن تنشيط الدكتور مولود عويمر، تبعتها محاضرة للأستاذ يعرب جرادي بعنوانمالك بن نبي الذي أربكني”.

قال البروفيسور مولود عويمر، إنّ موضوع الندوة يحتاج إلى العديد من الممهدات من بينها: ماذا نقصد بالأيديولوجية؟ وما موقف مالك بن نبي منها؟ ، هل مارس بن نبي النقد الأيديولوجي؟ ما هي أهم القراءات الأيديولوجية لفكر بن نبي؟ أهدافها؟ خلفياتها؟ وكيف رأى بن نبي القراءات لفكره؟.

وانطلق عويمر، في محاضرته من مسألة مفهوم الأيديولوجية عند مالك بن نبي، فقال إن بن نبي بعد عودته إلى الجزائر سنة 1963، حاضر بالمركز الثقافي المؤسس حديثا في العاصمة، وبالضبط سنة 1964، تحت عنوانالأيديولوجيةحيث شبّهها بالنشيد الذي يقود الشعب بأسره، أي أنّه الصوت الذي يضبط إيقاع مجهود أمته، مشيرا إلى أنّ المجتمع يحتاج إلى مشروع يتلفت حوله، وأن تتحول الجهود الفردية إلى جماعية.

وأضاف البروفيسور عويمر، أنّ بن نبي لاحظ تراجع الحس الجماعي لدى الجزائري بعد الاستقلال، وتحوّله إلى جهود فردية لا غير وهذا بعد تحقيق الظفر الأعظم المتمثل في حرية البلاد، وكأن نيل الحرية يعفيه عن الواجب والعمل في بناء الدولة الحديثة، لهذا اعتبر بن نبي أن الأيديولوجية ليست مجموعة من الأفكار، بل هي الطريق التي تعين الجماعة، سلك الطريق، من خلال خلق تحفيزات تحرك الفرد ومن ثم تنظيمه.

وفي هذا السياق، أشار عويمر إلى إيمان بن نبي بأهمية تحقيق سياسة ناجحة من خلال الاعتماد على الأيديولوجية، مضيفا أن كل تنمية وراءها أيديولوجية معينة، فالواقع يفرض تفكيرا معينا، ليقدّم مثالا ببريطانيا التي كانت تزعم بعدم إتباعها لأي الأيديولوجية، في حين أن سياسيتها مطبوعة بالفكر الإمبراطوري.

بالمقابل، توقف الدكتور عن الكم الهائل للانتقادات التي تعرض لها بن نبي، خاصة أنه أتى بأفكار جديدة تختلف عن سابقاتها، ونجد في مقدمتها المصطلح الذي ما زال يثير ضجة إلى حد الآن، ألا وهوالقابلية للاستعمار، مضيفا أن الكثير من النخب في العالم العربي وفي الجزائر، رفضت هذا المصطلح الذي أسيئ فهمه ـ حسب عويمر -، بل أن الكثير منهم على المستوى المحلي، شعر كأنه مقصود من هذا المصطلح وكأن بن نبي اتهمهم بأنهم قبلوا بالاستعمار الفرنسي، في حين ـ أضاف عويمر -، أن بن نبي تكلم عن ظاهرة تاريخية تتكرر في حال توفر بعض الشروط، تجعل من الدولة ضعيفة وتحفز احتلالها.

كما تحدث بن نبي عن خيانة المثقف، في نهاية القرن التاسع عشر، الذي يئس من المقاومة ورضي بالواقع المتمثل في الاستعمار الفرنسي، فكتب لصالحه مقابل الحصول على امتيازات.

في إطار آخر، دافع بن نبي عن شخصيات إصلاحية في العالم الإسلامي مثل حركة الإخوان، فكتب عن حسن البنا ودافع عن مشروع الإخوان، إلا أن الأمر تغير حينما سافر إلى مصر واحتك بالمسؤولين وفي مقدمتهم، جمال عبد الناصر، فلم يعد يكتب عن الإخوان، الذين منعوا انتشار فكره في الجامعات التي يسيطرون عليها.

وأشار عويمر إلى تأثير فكر بن نبي المتواصل إلى اللحظة، حيث تُطلب فتاوى من أفكار بن نبي التي تخرج من سياقها الفكري والتاريخي، وصنف فكره ضمن الفكر الإخواني، بينما تعرض بن نبي إلى اتهامات أخرى متمثلة في ندرة توظيفه للآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مؤلفاته.

وأضاف الدكتور أن كل أعمال بن نبي رغم اختلاف الوجهة التي تحتضنها، سواء صحيفة أو كتاب أو مجلة، تحمل نفس الهم وهو نهضة العالم الإسلامي، فكان إنسانا ملاحظا ولم يقدم حلولا جاهزة لأن العالم يتغير وما يصلح اليوم، قد لا يصلح للغد، فللفكرة بيئتها وثقافتها التي تمكن من تغيير الواقع. كما كان يقرأ كثيرا سواء الفكر الغربي أو الإسلامي، وتعرض إلى هجمات فكرية كثيرة من جميع الأطراف - حسب عويمر - وإلى انتقادات كثيرة، وفي هذا قال المتحدث إن بن نبي، كان يرى أن هذه الانتقادات جزء من الصراع الفكري، أبعد ذلك، فقد دفعه إلى كتابة مؤلف بعنوانالصراع الفكري في البلاد المستعمرة”.

من جهته، قال الأستاذ يعرب جرادي، إنه تعرف على مالك بن نبي، من خلال قراءته لأعماله المترجمة إلى اللغة العربية، كما أنه اهتم به كمفكر جزائري، أي أن حبه لوطنه قاده إلى قراءة أعمال أبناء جلدته، لينتقل للحديث إلى البياضات التي وجدها خلال قراءته لهذه الترجمة والتي أكد غيابها في الكتابات الأصلية لمالك بن نبي.

وفي هذا السياق، طالب جرادي بضرورة تجديد ترجمة أعمال مالك بن بني ضمن ورشات علمية وبعيدا عن المحاولات الفردية، ليقدم مثالا بكلمة renaissance  التي ترجمت بـ«نهضةفي حين أن كلمةانبعاثهي الأقرب معنى، مضيفا أنّ هذه الترجمة المشوّهة أنتجت عدة موقف مضادة لفكر بن نبي. بالمقابل، قال جرادي إنّ بن نبي اعتبر ابن خلدون لم يقدّم تفسيرا لتاريخ الحضارة الإسلامية، بل تحدث عن كيفية تشكل الدول والحضارات. مضيفا أن ابن نبي يرى أن المجتمع لا تنشأ له حضارة إلا إذا مر عبر عملية إصلاحية.