كرة الريشة (البادمينتن)

نادي أمل المحمدية... 20 سنة من الهيمنة

نادي أمل المحمدية... 20 سنة من الهيمنة
النادي الرياضي الهاوي أمل المحمدية. (البادمينتن)
  • القراءات: 1560
❊القسم الرياضي ❊القسم الرياضي

20 سنة من الهيمنة والوجود... هو اختصار عمر ناد في رياضة كرة الريشة، اسمه سطع على هذه اللعبة بالجزائر، فمنذ أول طبعة للبطولة الوطنية سنة 1999 وهو يستوي على عرش هذا الاختصاص ويستقوي عليه، إنه طبعا النادي الرياضي الهاوي أمل المحمدية.

فعندما يتم التطرق للريشة الطائرة المعروفة باسم البادمينتون، فإن أول ما يُذكر على ألسنة عائلة هذه الرياضة هو نادي "كازام" بتسميته الشهيرة. ويعود تأسيس هذا الفريق إلى سنة 1998، ومنذ ذلك الوقت وهو يتربع على عرش البطولة الوطنية بـ 20 لقبا متتاليا.

خزان المنتخب و"عراب" البادمينتون

125 هو عدد لاعبي هذا النادي، متفرعين على مختلف الفئات العمرية (من أقل من 11 سنة إلى الأكابر). ومن بين هذا العدد توجد 50 فتاة موزعة عبر جميع الأصناف. ما لا يقل عن 70 بالمائة من عناصر المنتخب الوطني تتشكل من رياضيّي هذا النادي.

وبوصف أدق، يشكل لاعبو أمل المحمدية النواة الحقيقية لمختلف أصناف الفريق الوطني منذ عشرين سنة المنقضية.

فمثلا، خلال ألعاب البحر المتوسط بتاراغونا (إسبانيا)، من بين ثمانية عناصر دولية كان نادي "كازام" حاضرا بستة لاعبين، وهو ما حدث أيضا في البطولة الإفريقية التي جرت بالجزائر (8 لاعبين من بين 16 عنصرا دوليا).

وخلال 20 سنة وهب النادي قرابة 30 لاعبا للمنتخب الوطني بين ذكور وإناث في هذه  الرياضة الفردية، أغلبهم افتك ميداليات عربية وإفريقية، ناهيك عن البطولات والكؤوس الوطنية.

ومن بين هذا العدد توجد أسماء سطعت خلال سنوات خلت على الساحة القارية والعربية، مثل جيتلي حليم وبن حبرية سميرة (زوجي مختلط)، اللذين تحصلا على ذهبية الألعاب العربية سنة 2004 التي جرت بالجزائر، إضافة إلى برونزية محلوس وبطاهر (زوجي ذكور) في البطولة الإفريقية 2007 وفضية البطولة العربية لنفس السنة (حسب الفرق) بفضل لاعبي "كازام" عبد الكريم بوعزيز، محلوس محمد، فاتح  بطاهر، بودلاعة ريمة وبن حبرية سميرة.

وخلف هذه "الأرمادة" مجموعة من الشبان، تتقدمهم هالة بوكساني التي خطفت تأشيرة التأهل الإفريقية الوحيدة لدى الفتيات إلى أولمبياد الشباب المقررة بالأرجنتين شهر أكتوبر المقبل، في الوقت الذي أصبح مدال صبري بطلا فوق العادة، وهو صاحب الألقاب الوطنية والإفريقية العديدة، علاوة على زميليه العرباوي سيف الدين وخالدي سامي الأبطال عند الأشبال والأواسط، وداود أيمن، والعيشي ياسين المتوجين بلقبي الوطنية والكأس لهذه السنة لفئة أقل من 13 عاما.

وبالعودة إلى الألقاب الوطنية ففي موسم 2017 ـ 2018، توج النادي عند الأكابر بثنائية البطولة والكأس كالعادة، علاوة على البطولات الست المحققة لدى الفئات الشابة.

ولا ينحصر التألق على اللاعبين، بل كذلك المدربين؛ حيث يشرف على المنتخب الوطني الأول ابنا الفريق فاتح بطاهر ومحلوس محمد إيدير. كما خرّج النادي حكاما بارزين، على شاكلة عمارة بن مرار (حكم إفريقي) وشوقي محرز (حكم دولي).

وبالنظر إلى الفائض في عدد الكفاءات، يرسل النادي مدربيه للعمل في الفرق الوطنية الأخرى؛ قصد المساهمة في تحسين مستوى رياضييها؛ ما يعني أن أمل المحمدية هو "عراب" رياضة البادمينتون في الجزائر.

تربية الشبان على حب البادمينتون

ويعود سر هذا التألق إلى عوامل عدة، حسب المسؤول الأول عن النادي العاصمي عبد الرحمن هيسوم، أهمها الحفاظ على اللاعبين وتحفيزهم على البقاء. أما المدربون فيتم إرسالهم إلى دورات تكوينية لاكتساب خبرات ومعارف إضافية.

وحتى الأعضاء المؤسسون واللاعبون السابقون لايزالون قريبين من النادي، وهم في اتصال مستمر مع الإدارة لدعمه من قريب أو من بعيد، لاسيما الأعضاء 15  المؤسسون.

هذا التألق لم يأت عبثا، فبغض النظر عن الجانب الفني، فإن الشق الإداري خاصة التسيير الشفاف وعدم اتخاذ قرارات أحادية وحالة الاستقرار، كلها عوامل سمحت لـ "كازام" بتبوّؤ هذه المكانة.

وعلى رأس هرم النادي عم الاستقرار بتولي رئيسين فقط شؤونه؛ حيث ترأس أمين زوبيري (الرئيس الحالي للاتحادية) النادي منذ تأسيسه إلى غاية 2012، ليخلفه هيسوم عبد الرحمن، وهما اللذان يعرفان زوايا البيت جيدا، لتثمر هذه الاستراتيجية الحفاظ على كوادر الفريق، الذين نالوا الألقاب والكؤوس وشرفوا الراية الوطنية على الصعيدين العربي والإفريقي.

كما كشف هيسوم أن الفنيين يسعون إلى تربية النشء على حب هذه اللعبة؛ كونهم يمثلون مستقبل النادي والمنتخب معا، مؤكدا أن قصة الحب مع البادمينتون ليست وليدة اليوم، بل تبلغ 20 سنة، مضيفاأحببنا هذه الرياضة كثيرا، لذا تجدنا نحرص عليها ونقف على أدق التفاصيل، والآن نربي لاعبينا الشبان على حبها، وهو عامل من عوامل النجاح".

وعلى عكس الأندية الأخرى، يمتلك أمل المحمدية مدربا في كل فئة عمرية، فيما توكل لأحدهم مهمة المواهب الشابة بغية صقلها لتكون القوة الضاربة مستقبلا.

وقال الرئيس: "بعض الأندية تعمل بمدرب واحد في كل الفئات، وهذا غير كاف. لدينا هنا سبعة مدربين، وكل واحد له فئة عمرية ينشغل بها".

وكشجرة الزيتون التي تؤتي أكلها على الدوام، يركز الجهاز الفني للنادي عمله على الفئات الصغرى، حيث يتم توجيه أحسن العناصر إلى فريق المواهب الشابة، الذي يشرف عليه مدرب خاص. وهذه الاستراتيجية نابعة من عقيدة العمل القاعدي، التي يؤمن بها الفريق لـتثمر أبطالا على الدوام.

وترتكز طريقة تدريب اللاعبين المبتدئين على أساليب خاصة قبل ملامسة الريشة باستخدام كرات صغيرة على طريقة التنس، لتلقينهم الأبجديات الفنية. وبعدما يتحكمون في المضرب ينتقلون إلى استخدام الريشة. ويخضع هؤلاء الصغار لـ "مجهر" الانتقاء، ليتم اختيار أفضلهم لإجراء تدريبات خاصة يتولاها مدرب ثالث، ليصفي منهم نخبة النادي ومستقبله.

وحتى تعاون أولياء اللاعبين الشبان ساعد الإدارة على جعل النادي "مشتلة" مواهب. وبات الفريق يمتلك أبطالا يتوجون في جميع الفئات، مثلما كانت عليه الحال مع صبري مدال وهالة بوكساني، وسابقيهم محمد محلوس وآخرين من الذين خلّدوا أسماءهم في تاريخ هذه الرياضة.

طموحات كبيرة على المستويين القاري والعربي

وبالتنقيب أكثر في أسرار "بيت" هذا النادي العريق، أمطنا اللثام عن أشياء أخرى تكشف لماذا كل هذه القوة والسيطرة. فبالوقوف على التدريبات وجدنا العناصر غير الدولية تتبارى مع نظرائها الدولية، وتحضّر على طريقة "سبارينغ بارتنر"، حيث أصبح لكل لاعب منافسه المباشر. كما يقوم المسؤولون بإشراك بعض العناصر الشابة مع الفئة العمرية التي تكبرها كي تحتك بمستوى أعلى لتكتسب خبرة أكبر.

«أصبحت العناصر الدولية للنادي تمثل قدوة وحافزا لبقية اللاعبين من أجل التنافس على الألقاب وانتزاع مكانة في المنتخب"، كما قال المسؤول، الذي شدد على ضرورة تعليم الصغار المواظبة على التدريب، وعدم التهاون لشق سبيل النجاح.

وبالنسبة للشبان، يبلغ حجم التدريبات يومين في الأسبوع (الثلاثاء والجمعة) وذلك عقب انتهاء الدراسة، لاسيما لفئتي 11 و13 سنة، فيما يتدرب الأواسط أربع مرات أسبوعيا (الأحد، الإثنين، الثلاثاء والخميس). أما النخبة فتتمرن خمس مرات في الأسبوع، ويدوم زمن الحصة ساعة ونصف ساعة وأحيانا ساعتين حسب الحاجة، "غير أن الأخيرة تحتاج للتمرن مرتين في اليوم، مثل ما هو معمول به دوليا"، أضاف هيسوم.

وبالمقابل، يواجه النادي بعض المشاكل على غرار قاعة خاصة به؛ نظرا لعدد الرياضيين الذين يضمهم، في انتظار وعود مسؤولي البلدية بتخصيص قاعة المحمدية للبادمينتون فقط، في ظل تألق الفريق من جهة، ومشاريع بناء قاعات رياضية أخرى تابعة للبلدية من جهة أخرى.

ورغم تلقي الدعم في الشق اللوجستي من طرف مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر والتسهيلات الكبيرة من جانب الهيئة، إلا أن الميزانية أصبحت غير كافية؛ "لأننا نمتلك لاعبين دوليين، وهم بحاجة إلى وسائل عصرية للممارسة"، حسب المتحدث. وأضاف: "نحن مطالبون باستعمال معدات تستجيب للمقاييس الدولية، من المضرب والريشة وحتى الشباك الذي يفصل المتنافسين.. المعدات التي بحوزتنا قليلة مقارنة بعدد الرياضيين نظرا لغياب التمويل، رغم تلقينا ضمانات من مسؤولي بلدية المحمدية بالمساعدة".

وبعدما سطع نجمه على الصعيد الوطني بات الفريق يفكر في المزيد، حيث كبرت طموحاته بكبر ألقابه وتألق لاعبيه، وأصبح يريد الاحتكاك بالمستويين القاري والعربي من خلال تنظيم بطولات خاصة بالأندية.

وأعرب هيسوم عن أمنتيه قائلا: "نأمل أن يعتمد الاتحادان الإفريقي والعربي منافسة خاصة للأندية البطلة، كوننا نتوَّج كل سنة.. الآن نفكر في مستوى أعلى من الطابع المحلي. لقد قدّمنا مقترحا للكنفيدرالية الإفريقية، ونحن في انتظار الإجابة".

ويبقى هذا الحلم المنشود يراود مسؤولي النادي من أجل إعطاء فريقهم صبغة قارية وعربية؛ بهدف تحسين مستواه، واستقطاب ممولين أو راع رسمي للنادي لجعله فريقا محترفا، والذهاب به بعيدا في هذه الرياضة.