قمة ثنائية بحسابات استراتيجية

ترامب وبوتين يلتقيان في هلسنكي لبحث قضايا عالمية

ترامب وبوتين يلتقيان في هلسنكي لبحث قضايا عالمية
  • القراءات: 607
❊م. م ❊م. م

يلتقي الرئيسان الأمريكي، دونالد ترامب والروسي، فلاديمير بوتين في قمة ثنائية تاريخية هي الأولى من نوعها منذ وصول الرئيس الأمريكي إلى البيت الأبيض بداية العام الماضي، ستخصص لبحث مستقبل العلاقات بين البلدين والكثير من قضايا الراهن الدولي.

وستكون العاصمة الفنلندية، هلسنكي على موعد مع هذا الحدث الدبلوماسي الهام بين رئيسي قوتين عالميتين تريدان التموقع في عالم ألفية ثالثة، تعرف تغييرات جيو ـ استراتيجية بالغة الأهمية، سيتحدد على أساسها مستقبل العلاقات الدولية لعقود قادمة.

ويدخل ترامب وبوتين إلى القاعة التي ستحتضن قمتهما بخلفية سعي كل منهما لتحقيق مكاسب دبلوماسية بين رئيس يسعى لأن تكون بلاده القوة الرائدة في عالم أحادي القطبية وآخر يريد أن يؤكد للولايات المتحدة وكل العالم أن بلاده استعادت عافيتها بعد الزلزال الذي خلفه انتهاء الحرب الباردة وانهيار دولة الاتحاد السوفياتي السابق وانضمام دول شيوعية سابقة إلى صف الدول الرأسمالية.

ولأجل ذلك، سيعمل كل منهما على تمرير مقاربة بلاده بخصوص قضايا الراهن الدولي، العسكرية والسياسية والاقتصادية، انطلاقا من قوة كل دولة وأوراق القوة التي تحتفظ بها لرسم سياستها الخارجية.

وهو ما يجعل من قضايا التسلح وسياسة الاحتواء التي فرضتها الأنظمة الصاروخية التي نصبتها الولايات المتحدة على الحدود الروسية في بولونيا ورومانيا وتوسيع النطاق الجغرافي للحلف الأطلسي إلى دول  شرق أوروبا والأزمة الأوكرانية وجزيرة القرم والوضع العسكري في سوريا، إلى جانب مسار السلام في الشرق الأوسط والموقف من إيران وكذا الحواجز الجمركية الأمريكية وقضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، أهم القضايا التي تفرض نفسها على طاولة نقاش ساخن في قمة يريد كل رئيس استغلالها لتمكين بلاده من دور أكبر في رسم السياسة العالمية وفق منطق الندية التي لا تريد أي دول التخلي عنها.

وهو ما يجعل الرئيسين، ترامب وبوتين يدخلان إلى قاعة الاجتماع وفي مخيلة كل واحد منهما ضرورة الوقوف الند للند حتى في لحظة التقاط الصورة التذكارية والحرص على عدم تقديم تنازلات في قضايا استراتيجية تهم الأمن القومي للبلدين، وما عدا ذلك، فالمناورة التفاوضية تبقى مباحة ومطلوبة وفق ما تمليه الليونة الدبلوماسية وما يستدعيه الموقف العام في كل المفاوضات.

وهو ما يفسر امتناع الرئيس الأمريكي عن الإدلاء بتصريحات قد تؤثر على الأجواء العامة للقمة على عكس ما فعله مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون يوم استقبله في البيت الأبيض أو مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل التي اتهمها بتمكين الروس من مزايا مالية ضخمة ورفضها فعل ذلك داخل الحلف الأطلسي قبل أن يختمها بزلات لسان حادة عشية قمة عقدها مع الوزيرة الأولى البريطانية تريزا ماي، وهو ما ألّب عليه الشارع البريطاني الذي وصفه بمختلف النعوت التي لا تليق.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي الذي عوّد العالم على خرجاته غير المسحوبة العواقب، حرص على مسك لسانه هذه المرة بالنظر إلى حساسية العلاقات بين البلدين والتي تكرست منذ الحرب الباردة، وهو يدرك أيضا أن الرئيس الروسي ورجل المخابرات السابق سوف لن يسكت أمام أي زلة قد تعصف بالقمة وتعيد العلاقات إلى برودتها المعهودة. وهو ما يفسر عبارات الود التي راح كل رئيس يغدق بها لوصف الآخر بعبارات فيه الكثير من الإيحاءات الإيجابية كوصف الواحد منهما بـ»الرجل القوي» ليرد عليه الآخر بأنه «شخصية ذكية ولبقة».