مدينة مفتاح تحيي الذكرى الـ60 لاستشهاد البطل «سي مفتاح»

مسيرة كفاح رجل رفض العيش تحت ذلّ الاستعمار

مسيرة كفاح رجل رفض العيش تحت ذلّ الاستعمار
  • القراءات: 1492
❊م. أجاوت ❊م. أجاوت

أحيت مدينة مفتاح، الواقعة شمال شرق ولاية البليدة، أمس السبت، فعاليات الذكرى الـ60 لاستشهاد البطل كحشوش السعيد المدعو (سي مفتاح)، بحضور مسؤولي جمعية «مشعل الشهيد» والمنظمة الوطنية للمجاهدين، حيث كانت المناسبة ذكرى لإبراز خصال ومناقب الرجل وبطولاته الخالدة في مواجهة الاستعمار الفرنسي البغيض، ورفضه الشديد للعيش تحت ممارسات الذل والهوان.

استهلت مراسم تخليد ذكرى استشهاد الشهيد «سي مفتاح»، بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري المخلد له بوسط المدينة، وقراءة فاتحة الكتاب على روحه وأرواح الشهداء الذين ضحّوا بالنفس والنفيس من أجل الحرية والاستقلال. بحضور رئيس البلدية علي موسى وبعض رفاق الرجل وأعضاء الأسرة الثورية بالمنطقة، وبراعم الكشافة الإسلامية الذين ردّدوا النشيد الوطني وشاركوا في رفع العلم الوطني.

وأكد بعض المجاهدين رفاق درب الشهيد في كلمة تأبينية على روح الرجل، أن هذا الأخير كان مثالا فريدا من وعه يحتذى به في التضحية والجهاد ضد الاستعمار الفرنسي إبان الثورة التحريرية، بدليل أنّه كان العقل المدبّر لكل العمليات والكمائن التي كانت تنصب وتنظم ضد جيش الاحتلال بأعالي منطقة مفتاح وما جاورها، داعين إلى اغتنام مثل هذه المناسبات التاريخية لتسليط الضوء أكثر على مثل هؤلاء الشهداء الذين صنعوا درب التضحية من أجل استرجاع الحرية والتحرّر من نير الاستعمار الهمجي.

ومن جهة أخرى، كانت هذه المناسبة التاريخية الخالدة في الذاكرة الثورية لمدينة مفتاح (-ريفي) سابقا إبان العهد الاستعماري، فرصة لالتقاء المجاهدين ولم شمل الأسرة الثورية في لقاء مع رئيس البلدية ومجموعة من المنتخبين المحليين وبعض النواب لتقديم شهادات حيّة عن المسيرة الثورية للشهيد البطل سي مفتاح الذي كان بمثابة شوكة حادة في حلق المستعمر الفرنسي، والحديث عن البطولات والملاحم التي هندسها رفقة رفاقه في السلاح.

وبالمناسبة، تحدّث المجاهد محمد قسّوم عن الرجل قائلا:»...أن سي مفتاح كان مثالا قويا في التضحية ومواجهة جيش الاحتلال الفرنسي، بحيث كان هو من يقوم بنفسه بالمواجهة المباشرة مع العدو، وهو ما حدث فعلا في كثير من العمليات والكمائن العسكرية في منطقة تاشت والحواشين بأعالي الأربعاء، كما كان دائما في المقدمة يفتح الطريق لإخوانه المجاهدين ولهذا اختير له اسم سي مفتاح تيمنا لكونه دائما في المقدمة وعرفانا لتواضعه الكبير مع إخوانه رغم كونه ضابطا عسكريا...».

وأثنى عمر قصّار في تدخل له مطوّلا على مسيرة الشهيد المليئة بالبطولات والملاحم التاريخية الخالدة، مبرزا دوره الكبير في التخطيط للعمليات العسكرية التي كانت تقام ضد جيش العدو الفرنسي بالمنطقة، وهي العمليات التي كانت تكبدّ هذا الأخير خسائر مادية وبشرية معتبرة، وهذا باعتراف قادة وضباط الجيش الفرنسي في حد ذاتهم-كما قال-. داعيا شباب اليوم إلى ضرورة الاستلهام من مسيرة هؤلاء الرجال الذين صنعوا تاريخ الجزائر بماء الذهب وحقّقوا استقلال البلاد بعهد سنوات طوال من الاحتلال والاضطهاد.

كما رفض المجاهد المدعو ( النذير) وهو أحد الرفاق المقرّبين من الشهيد سي مفتاح وأحد المناضلين الشرسين في وجه الاستعمار، الحديث عن هذا الأخير، حيث لم يتمالك نفسه من شدة التأثّر بذكرى استشهاده، مكتفيا بالقول إن «الشهيد رحمة الله عليه كان من خيرة ما أنجبت مدينة مفتاح للثورة المسلحة بالمنطقة، ولم يخن يوما مسيرة الشهداء ولم يتوانى ولو للحظة في الاستجابة لنداء الوطن...».

وكان هذا الحدث، فرصة لـ»المساء» لزيارة بيت الشهيد ولقاء أرملته الحاجة المجاهدة مريم وابنتها، حيث عبّرتا عن فرحتهما واعتزازهما بتخليد هذه الذكرى التاريخية الراسخة للشهيد، حيث دعتا لعدم نسيان هؤلاء البواسل الذين قدّموا أغلى ما يملكون من أجل استقلال الجزائر.

يذكر، أن سي مفتاح (اسمه الحقيقي كحشوش السعيد) من مواليد حي البور بمفتاح يوم 02 أفريل 1931، حيث تشبّع بقيم الروح الوطنية منذ صغر سنه، انضم للحركة الوطنية في سن مبكرة، خاض وقاد عدة معارك ضد العدو الفرنسي منها معركتين شهيرتين وهما: «مولحني» و»الحواشين» بمرتفعات الأربعاء، حيث كان يغتنم في هجماته المناسبات الفرنسية، قبل أن يسقط في ميدان الشرف يوم 14  جويلية 1958 على يد أحد الخونة الذي أطلق عليه النار من منزله في ليلة هاجم فيها المركز الاجتماعي والسياسي بمدينة مفتاح ما يرف

بـ»لاصاص» الذي حوّلته وزارة المجاهدين، مؤخرا، إلى مشروع متحف ستنطلق به الاشغال لاحقا. واستشهد البطل وفي يده السلاح والراية الوطنية، حيث ووري الثرى في دوار تاشت في أعالي الأربعاء دون عناية من قبل السلطات الاستعمارية، ليعاد دفن رفاته سنة1979 في مقبرة الشهداء بمفتاح.