المتحف المركزي للجيش يحيي عيد الاستقلال

مقتطفات تاريخية وثقافية من ذكريات الثورة

مقتطفات تاريخية وثقافية من ذكريات الثورة
  • القراءات: 1295
❊ مريم .ن  ❊ مريم .ن

أطلق المتحف المركزي للجيش أمس، برنامجه الخاص بالاحتفالات المخلدة للذكرى الـ56 لاسترجاع السيادة الوطنية تحت شعار "الاستقلال ثمرة كفاح وتضحيات شعب"، والمتضمن العديد من النشاطات التاريخية والثقافية، وذلك بحضور الأسرة الثورية وجموع من المواطنين يتقدمهم الأطفال.

افتتح الفعاليات العقيد مراد شوشان الذي أشار في كلمته الترحيبية إلى أنّ هذه الاحتفالات يحتضنها صرح تاريخي يحافظ على التراث وذاكرة الجزائر، ليذكّر بالمناسبة ببطولات الأجيال ونضالها، ويتوقف عند الثورة التحريرية التي كسرت ليل الاستعمار وكلّلت بالنصر بعد صفحات ناصعة يخلدها اليوم المتحف المركزي بالجيش لتبقى رمزا من رموز الهوية الجزائرية.

بعدها تم عرض فيلم وثائقي قدمت فيه مسيرة الثورة بكل أحداثها، بما قل ودل، وتدخل فيه بعض الأساتذة والمجاهدون منهم جمال يحياوي ومحيي الدين عميمور ونور الدين جودي، مع تقديم نبذة عن تكوين القواعد الحربية لجيش التحرير وكذا هيئة الأركان ابتداء من سنة 1960 وبذلك انتقل جيش التحرير إلى جيش نظامي كلاسيكي.

نظّمت في إطار هذا البرنامج ندوة تاريخية، شارك فيها كلّ من مديني بشير وعيسى الباي ومدان معمر. وقد أشار الدكتور المؤرخ والمجاهد مديني في تدخله بعنوان "مفهوم الاستقلال لدى الوفد الجزائري المفاوض باتفاقيات إيفيان" إلى أنّ هذا التاريخ هو تخليص للتاريخ الجزائري من الاستعمار، كما أوضح أنه من الضروري تجنب مصطلح "حرب العصابات" لأنّها من صفات المستعمر وإبداعه، بينما كان أجدادنا مجاهدين خاضوا حرب الكمائن والكتائب.

بالنسبة للمفاوضات، ذكر المتدخل أنه سبقتها مفاوضات أخرى تجلت فيها معالم الدولة الجزائرية وسيادتها منذ مفاوضات الأمير عبد القادر بديميشال وبالتافنة، حيث كانت تجرى باسم الدولة الجزائرية وباعتراف فرنسي، ثم ظهر مفهوم الدولة في بيان 1919 للأمير خالد، ليتعزز مع حزب الشعب والحركة الوطنية في الثلاثينيات من القرن الـ20، وبقي هذا البعد قائما حتى بعد الحرب العالمية الثانية ولم يجهض كما كان في دول أخرى لتظهر حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي كانت نواة لاندلاع الثورة.

أشار المتحدث إلى أنّ المفاوضات مع الطرف الفرنسي انطلق في أفريل 1956 بتنسيق مع أندري ماندوز من جامعة الجزائر المركزية، الذي توسط بين الطرفين ليكون الاتصال رسميا في 1960، بما عرف بلقاء مولان لكن ديغول أراد إفشاله بلقاء إليزيه بتدبير ماكر لم يفلح، إلى أن قبل بشروط الوفد الجزائري.

بدوره، قدم المجاهد في جيش التحرير عيسى الباي تدخلا قيما، تطرق فيه إلى تكوينه بالعراق ليلتحق بالثورة، بالولاية الرابعة كمدرب ومكون ومشارك في العديد من المعارك كملازم أول، ليترحم على رفقائه من الشهداء، بمن فيهم أخاه، الذين كان لهم الفضل بعد الله في مجيء 5 جويلية، كما حيا المجاهدين وحث الشباب على تحمّل المسؤولية خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة التي لا تقل تحديا عن الثورة.

وقال المجاهد "عانى الشعب الجزائري التشريد والقتل والجوع والذل والمحتشدات التي ضمت 2 مليون جزائري، لكننا قلنا سننتصر ولو بقيت عجوز واحدة على أرض الجزائر أو حتى لو أكلنا الحشيش".

أكد المجاهد الباي أن المجتمع آنذاك سيّرته المبادئ والثقة بهدف واحد جامع مما حقّق المعجزة، وظهر رجال الواحد منهم بألف رجل، ليتواصل الجهاد الأكبر بعد 62، حيث استهزأ الاستعمار، وقال إنّ هؤلاء سيطلبون منا العودة بعد شهور، لكن هيهات، وسيّر الأبطال تلك المرحلة، وهو درس لبني الجيل اليوم كي لا يقعوا في فخ الاستعمار الجديد.

من جهته، أسهب المجاهد المحكوم عليه بالإعدام معمر مدان في الحديث عن هذا التاريخ الحافل، مركزا على الشباب الذين عليهم أن يدركوا هذا التاريخ لأنهم لم يعيشوه كآبائهم وأجدادهم، ليستعرض جانبا من الطفولة التي شهدت أقصى التمييز العنصري بين الجزائريين وأبناء المعمرين الفرنسيس، مما ولّد التحدي والإصرار على النجاح على رفع الذل. وتوجّه في حديثه للأطفال الحاضرين ليسرد عليهم بعضا مما عاشه في مدرسته بمدينة البليدة، وكيف كان مع زملائه يحققون النتائج رغم فقرهم ويتفوّقون على "النصارى".