راوية يصف النص العضوي لقوانين المالية بالدستور المالي

تكريس الشفافية وتوسيع الرقابة على تسيير المال العام

تكريس الشفافية وتوسيع الرقابة على تسيير المال العام
  • القراءات: 1980
شريفة.ع شريفة.ع

اعتبر وزير المالية عبد الرحمان راوية، أمس، مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، بمثابة ”الدستور المالي”، كونه يرسي، حسبه، أسس الرقابة المالية على الإنفاق العام، من خلال تفعيل دور مجلس المحاسبة، وتمكينه من التصديق على حسابات الدولة بدل الاكتفاء بتقديم ملاحظات فقط حول تنفيذ الميزانية، مبرزا في نفس السياق، تمكين البرلمان بموجب النص الجديد، من ممارسة الرقابة المالية مع الانتقال من ميزانية الوسائل الى ميزانية النتائج وجدوى المشاريع.

وجاء في عرض وزير المالية لمشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية والذي قدمه نيابة عنه الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان محجوب بدة، أن المشروع الجديد يعطى أهمية خاصة للدور الرقابي للبرلمان في صرف المال العام؛ من خلال إلزام الحكومة بعرض تقرير حول استراتيجية متعددة السنوات تخص جميع الإدارات العمومية، وذلك قبل نهاية الثلاثي الأول من السنة المالية، ما يتيح، حسبه، إمكانية إجراء تقييم شامل لتمويل السياسات العمومية، وتمكين نواب البرلمان من الاطلاع عليها ومناقشتها في إطار دراسة مشروع قانون تسوية الميزانية.

كما أكد السيد راوية أن المشروع يؤسس لتنسيق أفضل بين رئيس مجلس المحاسبة ووزارة المالية، لاسيما عند إعداد مؤشرات الأداء والنجاعة وإبداء الرأي في هذه المؤشرات.

ويتكيف مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، حسب راوية، مع أحكام المادة 141 من الدستور، التي تدرج القوانين العضوية المتعلقة بقوانين المالية، ما يضفي عليه درجة قانونية أسمى، مشيرا إلى أن هذه الطبيعة القانونية مكرسة ومعمول بها أيضا في الدول التي تعتمد نظاما قانونيا مشابها، وتشكل، حسبه، إحدى توصيات المؤسسات الدولية المتخصصة، باعتبارها ممارسة من ممارسات الحكم الراشد.

تحديد الاحتياجات على أساس البرامج

ويهدف المشروع، حسب الوزير، إلى عصرنة الإطار القانوني المتعلق بميزانية الدولة، من خلال تحديد إطار للميزانية على مدى 3 سنوات يتم تحيينه سنويا، من أجل استشراف أكثر وفاعلية في التسيير،  حيث تسمح هذه الصيغة، حسبه، بتحديد الاحتياجات من القروض على أساس البرامج ووفق تقدير حقيقي للنفقات، مضيفا أن النص يتيح التكفل بمواجهة الظروف الطارئة، من خلال اللجوء إلى المراسيم المتعلقة بالاعتمادات المالية الملحقة، أو إعداد قانون مالية تصحيحي.

ويرتكز مشروع القانون العضوي لقوانين المالية على مبدأ الموازنة الموجهة نحو النتائج، انطلاقا من الأهداف محددة مسبقا، وبالتالي فإن إطار التسيير الذي يجسده يمنح استقلالية أكبر للمسيرين، بما يكرس مبادى التقييم ومراقبة الأداء. 

كما ينظم المشروع عمليات تحضير وإعداد قوانين المالية وكيفيات تقديمها والمصادقة عليها من قبل البرلمان. ويحدد المبادئ والقواعد التي تحكم المالية العمومية وحسابات الدولة، بالإضافة إلى تنفيذ قوانين المالية ورقابتها.

ويتكفل النص الجديد بأربعة محاور رئيسة، تشمل إصلاح إطار تسيير المالية العمومية، بالتوجه نحو البحث عن الفعالية والنتائج، وتحسين تقديم قوانين المالية ومحتوياتها للحصول على نصوص أوضح وأفضل ومعلومات ميزانياتية تتميز بالشفافية، فضلا عن تعزيز الجانب الإعلامي والرقابة البرلمانية، وأخيرا إدماج عناصر المرونة في تسيير الميزانية.

وقدّم وزير القطاع في العرض الذي تمت قراءته أمام النواب، توضيحات حول الأحكام الانتقالية المتعلقة بالتحضير والمناقشة والمصادقة على ”قانون المالية لسنة 2023، وفقا لأحكام القانون العضوي الجديد، بالإضافة إلى الإجراء المزمع تطبيقه تدريجيا، والمتعلق بالتحضير والمناقشة والمصادقة على مشاريع قوانين تسوية الميزانية بالنسبة لسنوات 2023 و2024 و2025، والذي يحضّر لمشروع قانون تسوية الميزانية بالرجوع إلى سنة واحدة إلى الوراء ”ن -1”.

وقد أبرزت مقررة لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني نورة بوداود في عرضها التقرير التمهيدي حول المشروع، الأهمية البالغة التي يكتسيها هذا النص، ”لاسيما أنه يضع في متناول مجلس المحاسبة، آليات رقابية في إطار مشروع قانون تسوية الميزانية”، مثمّنة في نفس السياق، الأحكام الانتقالية الخاصة بالرقابة على تنفيذ الميزانية.

وأشارت المقررة إلى أن هذا المشروع يمكّن أيضا من اعتماد مبدأ الحكامة في تسيير المالية العمومية، من خلال ضمان حرية ومسؤولية الآمرين بالصرف ومسيري المال العام، وتحديد حرية المبادرة لتحويل الاعتمادات بشروط صارمة، وتدعيم شفافية مناقشة البرلمان لمشروع قانون المالية، موضحة أن النص تم إعداده بعد توسيع التشاور مع الخبراء ومديرين مركزيين بوزارة المالية ورئيس مجلس المحاسبة وخبراء وأساتذة جامعيين، أجمعوا، حسبها، على أهميته لارتباطه بالشفافية وحماية المال العام.

للإشارة، فقد تبنت اللجنة نص المشروع في مجمله، مع إدراج 8 تعديلات، أغلبها شكلية.