الحفاظ على الهوية الوطنية

"الجاحظية" تبرز إسهامات الموسوعي نايت بلقاسم

"الجاحظية" تبرز إسهامات الموسوعي نايت بلقاسم
  • القراءات: 2282
❊ق.ث ❊ق.ث

أبرز مفكرون وباحثون أول أمس بالجزائر العاصمة، في ندوة الجمعية الثقافية "الجاحظية" حول المفكر مولود قاسم نايت بلقاسم، جوانب من حياة ومآثر هذه الشخصية الوطنية وإسهاماتها في إثراء المكتبة الجزائرية في المجالات الدينية والفكرية واللغوية.

في هذا الإطار، نوه الباحث والمؤرخ محمد أرزقي فراد بشخصية المثقف الموسوعي مولود قاسم نايت بلقاسم، مؤكدا أنه "شخصية فذة وأصيلة جمع بين الأصالة والمعاصرة. كما جمع بين التعليمين التقليدي والحديث"، وأشار إلى أن المفكر مولود قاسم نايت بلقاسم جمع بين الفكر الإصلاحي والنضال السياسي التحرري، وملم بالحضارتين الإسلامية والأوروبية.

كما تناول المحاضر جوانب من العبقرية اللغوية لدى المفكر مولود قاسم نايت  بلقاسم، الذي كان يتقن لغات عديدة، على غرار العربية والأمازيغية والفرنسية والألمانية والسويدية وبعض اللغات القديمة، وكانت هذه اللغات بمثابة أدوات أطل من خلالها على المنتوج الفكري والمعرفي للحضارات الإنسانية، ومكّنته من الانفتاح على التراث الإنساني بكل أشكاله ومصادره.

أكد أن المفكر الموسوعي كان بمثابة مؤسسة إستشرافية تخطط لمستقبل الجزائر بعين عاقلة"، كما ساهم في بناء الدولة الجزائرية الحديثة بمجموعة من الأعمال الفكرية، على غرار ترقية الزوايا إلى مصاف معاهد وتنظيم ملتيقات الفكر الإسلامي المكرسة لإسلام العقل والتسامح والمعتقدات الأخرى. 

أشار المتحدث إلى أن المرحوم كان "يركز على إبراز مقومات الشخصية  الجزائرية بأبعادها الخمسة، وهي الأمازيغية والعربية والإسلامية، وكذا الإفريقية والمتوسطية والعالمية. كما أنه ربط اللغة العربية بالبعد الإسلامي وليس بالبعد القومي دون تعصب ولا تنكر لأمازيغيته.

وجه الباحث محمد أرزقي فراد دعوة لتكريم هذه الشخصية الوطنية، من خلال تسمية مؤسسة علمية أو ثقافية باسم مولود قاسم نايت بلقاسم "الظاهرة الفذة"، كما سماها شيخ المؤرخين المرحوم الدكتور أبو القاسم سعد الله.

من جانبه، أكد الباحث والإعلامي خليفة بن قارة أن مولود قاسم كان "واسع  الثقافة، شديد الاطلاع بجديد الكتب"، علاوة على إتقانه للعديد من اللغات، داعيا إلى ضرورة "التعريف أكثر بهذه الشخصية وبإسهاماتها في إثراء الثقافة والفكر الجزائري".

بدوره، استعرض الإعلامي سعد بوعقبة في شهادته حول المفكر مولود قاسم  نايت بلقاسم، مجموعة من الذكريات التي جمعته بالمفكر وشخصيته القوية، بعد توليه منصب وزير الشؤون الدينية سنة 1970، مبرزا أن الراحل ركز في استراتيجيته الفكرية على التعليم الأصلي وتكوين أئمة شباب متمكنين من مختلف المذاهب والتيارات الدينية للانفتاح على العالم، وأكد أن مولود قاسم نايت بلقاسم أحدث "ثورة" في وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية في "الأساليب والأهداف" من خلال ملتقيات الفكر الإسلامي، وأعطى بعدا جديدا للفكر الإسلامي بداية من 1970 عبر العديد من ولايات الوطن، كما جمع نخبة من أبرز المفكرين في العالم العربي والإسلامي والدولي.   

ركز رئيس جمعية "الجاحظية" محمد تين في كلمته، على مكانة المثقف العضوي مولود قاسم نايت بلقاسم الذي امتحن أفكاره في العمل واعتبره قيمة ثقافية وشخصية مهما كان الاختلاف معه، وأشار إلى عودة نشاط الجمعية بقوة في المشهد الثقافي الجزائري بعد عملية ترميم المقر، لأنها عنوان لكل الاختلافات الفكرية وحاضنة لقضايا الثقافة الإنسانية التي أرسى دعائمها الروائي الكبير الراحل الطاهر وطار.

يذكر أن المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم ولد يوم 6 جانفي 1927 بقرية بلعيان في آقبو (بجاية)، درس بها اللغة العربية، ثم حفظ القرآن بزاوية تمقرة قبل أن يلتحق بالمدرسة الابتدائية، حيث تعلم اللغة الفرنسية قبل أن يلتحق بجامعة الزيتونة.

كان للفقيد نشاط نضالي في جبهة التحرير الوطني بباريس من سنة 1954 إلى 1956، إلى جانب جولات قادته إلى العديد من البلدان الأوروبية، طالبا ومعرفا بالقضية الجزائرية، كألمانيا والسويد وسويسرا. وبعد الاستقلال، تقلد المفكر نايت بلقاسم العديد من المناصب العلمية والسياسية، منها رئيس قسم البلدان العربية بوزارة الشؤون الخارجية سنة 1964، ووزير التعليم الأصلي والشؤون الدينية من سنة 1970 إلى سنة 1977، وقد توفي يوم 27 أوت 1992 تاركا وراءه العديد من المؤلفات والإسهامات الفكرية.