ندوة "كراسك" وهران حول ذكرى 19 مارس

معاهدة إيفيان جنبت فرنسا حربا أهلية

معاهدة إيفيان جنبت فرنسا حربا أهلية
  • القراءات: 2245
❊خ. نافع ❊خ. نافع

نظم مخبر تاريخ الجزائر بجامعة وهران (1) "أحمد بن أحمد"، أول أمس، بالتنسيق مع مركز البحث في الأنثربولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، ندوة تاريخية حول معاهدة إيفيان، احتفالا بالذكرى الـ56 لعيد النصر المصادف لـ19 مارس، حضرها أساتذة مختصون وطلبة باحثون في قسم التاريخ.

قال الدكتور عبد الحميد أيت حبوش، عضو مختبر تاريخ الجزائر بجامعة وهران، خلال مداخلته، إن معاهدة إيفيان كانت انتصارا للثورة الجزائرية وتحقيقا لأغلب بنود بيان نوفمبر، وردا على الرافضين لها، مشيرا إلى أن أول اتصال للتفاوض بين السلطات الاستعمارية وبعض الشخصيات الجزائرية كان سنة 1955، بعد اندلاع الثورة التحريرية بأشهر قليلة فقط من قبل الحاكم العام للجزائر آنذاك جاك سوستال، التي جاء بمبادرة أطلق عليها "المسالمة"، أراد من خلالها تهدئة الأوضاع، حيث كلف فان ساس منتاي بإدارتها واتصل حينها بعناصر من جمعية العلماء المسلمين والاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري،   وتواصلت هذه المفاوضات غير الرسمية في عهد كيموري الذي كلف جوزاف بيجارى في أفريل سنة 1956، بالاتصال بالوفد الجزائري الذي كان موجودا في القاهرة، وتكلم مع محمد خيذر. وبعد حادثة اختطاف الطائرة سنة 1956، توقفت هذه الاتصالات لمدة سنتين ودخلت فرنسا حينها في مواجهة عسكرية جهنمية لإخماد ثورة الجزائرية، إلى غاية مجيء الجينيرال ميشال ديغول للحكم حاملا معه مخططا للقضاء على هذه الثورة التحريرية، نفذت خلالها 14 عملية عسكرية كبرى وبعد سنة واحدة، أي سنة 1959، اتضح له أنها ثورة شعب انتقلت إلى قلب فرنسا وليست لعناصر متمردة، بالتالي بدأ بالدخول في مفاوضات جدية مع جبهة التحرير الوطني مرغما.

أكد المتدخل أن مفاوضات إيفيان جنبت فرنسا آنذاك الدخول في حرب أهلية بسبب القضية الجزائرية وانقسام الرأي العام الفرنسي إلى قسمين، بين مؤيد للاستعمار الراغب في القضاء على الثورة التحريرية والرافض له ومطالب بوضح حد له، وتم اختيار الجنرال ديغول لأنه رجل عسكري نظرا لحنكته السياسية، إلا أنهم أرادوا الانقلاب عليه بعدما فشل في مهمته. ولحسن الحظ فشل الانقلاب وتواصلت المفاوضات المارطونية التي بدأت سنة 1960 بمناطق مختلفة، كلها فشلت بسبب تمسك الطرف الفرنسي بالحفاظ على مكاسبه في الجزائر، وكذلك الطرف الجزائري الذي تمسك بدوره بمبادئ أول نوفمبر، وهي التي أطالت عمر هذه المفاوضات التي دامت تقريبا سنتين حتى نجحت أيام 7 إلى 18 مارس سنة 1962، توصل خلالها الطرفان إلى الاتفاق النهائي توقف بموجبه إطلاق النار والقتال منتصف نهار اليوم الموالي 19 مارس، بينما توقف القتال فعليا في أواخر جوان بعد الاتفاق بين جبهة التحرير الوطني والمنظمة العسكرية السرية التي عرقلت كثيرا سير هذه المفاوضات.

بينما انتقدت إدارة الوفد الجزائري والحكومة الجزائرية المؤقتة مفاوضات إيفيان، حسبما أضافه الأستاذ آيت حبوش، لأن الطرف الفرنسي كان في موقف ضعف، لو ضغط عليه الوفد الجزائري المفاوض آنذاك أكثر لتحصلت الجزائر على المزيد من التنازلات.

كما أن تمسك فرنسا ببقائها مستعمرة للجزائر، أجبرها على منح الحرية لتونس والمغرب، بالإضافة إلى عشر دول إفريقية أخرى بعد اندلاع الثورة التحريرية، لتتفرغ من أجل القضاء عليها بمختلف العمليات العسكرية الجهنمية التي نفذها الجيش الفرنسي عبر كامل تراب الوطن، وارتفعت بذلك تكلفة هذه الحرب إلى 3 ملايين فرنك فرنسي قديم يوميا، أي ما يعادل 18 مليون فرك فرنسي قبل تحول العملة للأورو، وهي من الأسباب التي أركعت الحكومة الفرنسية وكسرت شوكتها وأرغمتها على الجلوس على طاولة التفاوض مع الوفد الجزائري بمدينة إيفيان الفرنسية، وأمضت الاتفاقية التي أنهت بذلك 132 سنة من احتلالها للجزائر.

 

خ. نافع