الرئيس المدير العام لمجمع "سيم" ضيف منتدى «المساء»:

منع استيراد المنتجات الغذائية محفّز للإنتاج المحلي والتصدير

منع استيراد المنتجات الغذائية محفّز للإنتاج المحلي والتصدير
  • القراءات: 8483
نوال/ح  .تصوير: ياسين/أ نوال/ح .تصوير: ياسين/أ

كشف الرئيس المدير العام لمجمع «سيم» السيد عبد القادر طيب الزغيمي، ضيف منتدى « المساء» أن قرار منع استيراد المنتجات المصنّعة محليا على غرار الصناعات الغذائية، جاء بعد تفكير عميق ودراسة مسبقة لوضعية السوق على ضوء مطالب الصناعيين الذين يعانون منذ عدة سنوات من المنافسة العشوائية لمنتجات أجنبية مجهولة المصدر وبمواصفات مغشوشة. بالمقابل توقع المتحدث حدوث قفزة نوعية في الإنتاج المحلي خلال السنوات القليلة المقبلة، من منطلق أن المنتجين شمروا على سواعدهم وسارعوا إلى التعريف بنوعية منتجاتهم ودراسة السوق لتلبية طلباتها من خلال توفير الكميات المطلوبة مع ضمان النوعية.


سياسة الاستيراد عطّلت عجلة التنمية المحلية لعدة سنوات

بقينا منتجين صغارا رغم استثماراتنا الضخمة

كشف الرئيس المدير العام لمجمع «سيم» عبد القادر طيب الزغيمي، أن الدولة فكرت كثيرا قبل الإعلان عن قرار منع استيراد قرابة 1000 منتوج يصنع اليوم محليا، خاصة وأن سياسة الاستيراد المعتمدة منذ عدة سنوات عطلت التطور الاقتصادي بالنسبة للمؤسسات المتخصصة في إنتاج مواد لها علاقة مباشرة بالمستهلك، وهو ما جعل المؤسسات الوطنية من القطاعين العام و الخاص تصنّف في خانة «المنتجين الصغار».

كما وصف المتحدث وضعية المنتوج المحلي في السوق على أنه «كان يصارع منافسا شرسا يتمثل في منتجات أجنبية غالبا ما تكون مجهولة المصدر و بمواصفات مشكوك فيها»، وهي الوضعية التي جعلتنا في خانة «المنتجين الصغار»، رغم نوعية الإنتاج والكميات التي كانت تخرج من مصانعنا.

وأشار الزغيمي، إلى أن هذه الوضعية أثرت سلبا على سوق العرض والطلب من منطلق أن مختلف المنتجات تجلب من الخارج ما يجعلها مرتبطة بالأسواق العالمية التي تتحكم فيها عدة ظروف، الأمر الذي فتح المجال واسعا للمضاربة بالمنتجات واسعة الاستهلاك خاصة وأن ثقافة الاستهلاك بالجزائر تفضّل كل ما هو أجنبي على المنتوج المحلي .وأمام هذا الظرف ـ يقول محدثنا ـ دافع المصنّعون المحليون عن إنتاجهم وطالبوا منذ أكثر من 10 سنوات باعتماد سياسة اقتصادية جديدة مبنية على حماية المنتوج المحلي من المنتجات غير الضرورية، خاصة وأن كل الحملات التحسيسية لوزارة التجارة لحث  المستهلكين على استهلاك كل ما هو محلي فشلت.

وعن تبعات قرار منح الاستيراد أشار مصدرنا أن المصنعين المحليين تنفسوا الصعداء وقرروا التشمير على سواعدهم اليوم لربح معركة النوعية، بدليل أن السوق إلى غاية اليوم تتوفر على عدة أنواع من المنتجات المحظورة من الاستيراد على غرار المنتجات الغذائية، مشيرا إلى أنه بفضل  السياسة الرشيدة للحكومة لتنويع الاقتصاد الوطني تشجع المتعاملون  الأجانب لتغيير عقودهم التجارية مع شركائهم الجزائريين من عملية البيع المباشر إلى البحث عن مصانع للتصنيع للرد على طلبات السوق المحلية و تموين الأسواق الإفريقية.


الجزائريون استهلكوا ما بين 1990 و1994 أعلاف الحيوانات عوض «الفرينة»

شهدت السوق الجزائرية مع بداية التسعينيات ارتفاعا كبيرا في الطلب على المنتجات الغذائية واسعة الاستهلاك على غرار مادة الفرينة، وهو ما سمح بظهور فئة المستوردين الذين احتكروا استيراد الفرينة من الخارج، غير أن الفضيحة التي تم فك خيوطها سنة 1994، تؤكد تواطأ بعض الأشخاص مع متعامل إيطالي لجلب علف حيوانات، وهي مادة الفرينة الممزوجة بكميات من مسحوق الرخام، تم تسويقها بأسعار  تنافسية لمدة أربعة سنوات قبل الإعلان عن رفع تعريفات الجمركية لمادة الفرينة، وبذلك وضع حد لكل عمليات الاستيراد ليومنا هذا .

استذكر الرئيس المدير العام لمجمع «سيم» في لقائه  مع «المساء» سنة فتح أول مطحنة تابعة للقطاع الخاص بولاية البليدة، لإنتاج مادة السميد سنة 1990، وذلك لدعم نشاط 112 مطحنة عمومية  تابعة لمجمع «الرياض».

وفي 1994 ـ يقول الزغيمي ـ تقرر فتح مطحنة ثانية  لإنتاج مادة الفرينة، وهي التي كانت في تلك الفترة تجلب من إيطاليا وتركيا، وذلك من خلال شراء القمح اللين من كندا وإرساله  للمغرب وتركيا و إيطاليا ليتم  طحنه، وهي المعاملات التي دامت لأكثر من أربع سنوات.

ونظرا لارتفاع طلبات السوق في ظل عجز الإنتاج من منطلق أننا في منطقة شبه جافة لا تسمح بإنتاج القمح اللين، ظهرت فئة جديدة من التجار الذين اهتموا بمجال استيراد الفرينة من الخارج، وذلك  من خلال التعاقد مع مطاحن أجنبية، وهي المعاملات التي عرقلت تطور نشاط المطاحن داخل الوطن، خاصة وأن المطحنة كانت تسوق المنتوج بـ2000 دج للقنطار في الوقت الذي يسوقه المستورد بـ1650 دج للقنطار، وهو ما جعل السوق تفضّل المنتوج المستورد على المحلي وذلك من رغم نوعيته الجيدة.

وأمام هذا الوضع ـ يقول مصدرنا ـ كان من الضروري التحقيق في الأمر لتحديد سبب اختلاف الأسعار رغم أن سعر القمح اللين هو نفسه عند شراءه في الأسواق الدولية، وتكلفة الإنتاج واليد العاملة بالجزائر كانت أقل من تكاليف الإنتاج في الخارج.

وبعد مشاورات مع متعاملين أجانب تم التعرف على صاحب المطحنة التي كانت تسوق للجزائر «الفرينة المغشوشة» وهو الإيطالي «كلوديو اومبوزيو» الذي تمكن في وقت قياسي من رفع قدرات إنتاج  مطحنته من 200 طن يوميا إلى 800 طن يوميا، وخلال لقاء مباشر معه يقول الزغيمي، كانت المفاجأة بأن صاحب المطحنة كان يستغل في تلك الفترة مسحوق الرخام للرفع من إنتاج مادة الفرينة، وهو المزيج الذي كان الأوروبيون يستعملونه لقطعان « الخنازير» بهدف تقوية عظامهم، مع العلم أن صاحب المطحنة الايطالي كشف عن سره بهدف تحويل الزغيمي من منتج للفرينة محلية بـ450 طنا يوميا إلى مستورد مع وعده بأن يكون الممثل الوحيد للمطحنة الإيطالية.

مباشرة بعد عودة المتحدث من إيطاليا، كشف تلاعب المتعامل الايطالي لوزير التجارة السابق مراد مدلسي، الذي قرر رفع التعريفات الجمركية بالنسبة لمستوردي الفرينة إلى نسبة 45 بالمائة بعدما كانوا لا يدفعون فلسا واحدا، مع تشجيع الإنتاج المحلي من خلال تنسيق العمل ما بين القطاعين العام و الخاص لمضاعفة الإنتاج، وهي الإجراءات التي حدت من عمليات استيراد الفرينة والرفع من عدد المطاحن الخاصة.


الدولة رافقت المصنّعين والرهان تصدير الفائض

أكد الرئيس المدير العام لمجمع «سيم» أن الدولة رافقت المصنّعين المحليين عبر قروض وتحفيزات لتطوير مشاريعهم، وما على المنتجين اليوم إلا تحسين وتطوير الإنتاج لبلوغ النوعية، مع ضمان الكميات المطلوبة لتغطية طلبات السوق، والتفكير في ولوج الأسواق العالمية التي تحكمها معايير و ضوابط شديدة. ومن منطلق تجربة المجمع في التصدير أشار الزغيمي، إلى ان المتعاملين الأجانب يطلبون توفر المنتوج طوال أيام السنة عبر عقود تحددها تواريخ زمنية مضبوطة، مع مطالبة المصنّعين الجزائريين بإرسال الطلبات عبر حصص كل شهر، من منطلق أن التخزين لا يقوم به المتعامل الأجنبي بل المصنع الجزائري. ولبلوغ رهان التصدير ـ يقول ضيفنا ـ يجب التحكم في تقنيات التخزين والتوظيب  والتبريد، وهي نقطة ضعف الإنتاج المحلي في الوقت الراهن، خاصة المنتجات الفلاحية التي تعول عليها الحكومة  لاكتساح الأسواق الأجنبية لاستدراك انخفاض مداخيل المحروقات، ولتدارك هذا العجز يقترح مسير «سيم» التحول إلى إنشاء قرى فلاحية مدمجة بالجنوب، تضم المستثمرات الفلاحية، مصانع التحويل، بالإضافة إلى كل مرافق الحياة لتشجيع الشباب البطال على التنقل إلى الجنوب للاستفادة من مناصب عمل دائمة. أما فيما يخص تأقلم المنتجات الفلاحية مع طلبات الصناعيين لتطوير فرع الصناعات التحويلية، اعترف الزغيمي، بعدم وجود حوار بنّاء ما بين المنتج والصناعي، وهو ما دفع المهنيين في هذا المجال إلى البحث عن صيغ جديدة للتعاقد مع الفلاحين لتدريبهم على زراعة منتجات تتماشى من ناحية المواصفات مع طلبات وحدات التحويل، وهي الطريقة الوحيدة لبلوغ فلاحة عصرية قابلة للتحويل يقول الزغيمي.


سياسة الدعم لا تسمح بتحول أصحاب المطاحن إلى منتجين للقمح

أكد الرئيس المدير العام لمجمع «سيم» أن سياسة الدعم المعتمدة من طرف الحكومة بالنسبة لإنتاج مادة الفرينة لا تسمح لأصحاب المطاحن بولوج مجال تطوير زراعة القمح بنوعيه، وذلك من منطلق أن الفلاح يسوق منتوج القمح مباشرة للديوان الوطني للحبوب للاستفادة من الدعم، علما أن الديوان حدد سعر القنطار عن الشراء بـ4500 دج ويتم بيعه للمطاحن بـ2200 للقنطار، وهو ما يضمن ببيع منتوج الفرينة بعد عملية الطحن بـ3500 دج للقنطار، وعليه فإن المطاحن لا يمكنها زراعة القمح نظرا لارتفاع التكاليف، وإلا سيكون سعر الفرينة مرتفعا جدا وهذا ما لا يخدم السوق في الوقت الراهن.

أما بالنسبة لنوعية المنتوج المحلي من القمح الصلب، أكد مصدرنا أن الأمر مرتبط بمكان زراعة القمح، نوعية البذور وتقنيات السقي ومعالجة التربة، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على تطوير مجال زراعة القمح للرفع من مردود الانتاج وذلك من خلال تحويل هذا النشاط من المناطق الشمالية إلى الجنوب للاستفادة من المساحات الكبرى وتوفر مياه السقي واليد العاملة.


« سيم» يفتح أكبر وحدة لصناعة الأعلاف بعين الدفلى

أعلن المسؤول الأول عن مجمع «سيم»  عن فتح أكبر مصنع لإنتاج أعلاف الأبقار الحلوب بولاية عين الدفلى، للرد على طلبات الموالين بالمنطقة، و المساهمة في الرفع من إنتاج الحليب تماشيا والتكنولوجيات العلمية الحديثة، وهو المصنع الذي تم فتحه بالشراكة ما بين «سيم» ومؤسسة « سندرس» التابعة للمجمع الفرنسي « افريل» بطاقة إنتاجية بلغت 300 ألف طن.

ونظرا للطلب الكبير على المنتوج ـ يقول الزغيمي ـ تقرر توجيه ثمار هذه الشراكة إلى فتح وحدتين صناعيتين بالشرق والغرب في المستقبل القريب عوض تصدير المنتوج.


..ومصنعا لإنتاج زيت المائدة بوهران

قرر مسير مجمع «سيم» الاستثمار عما قريب في زراعة عباد الشمس و سوجا لإنتاج زيت المائدة عما قريب،  وحسب المتحدث فإن غالبية مصانع إنتاج الزيت وعددها خمسة تقوم بجلب المادة الأولية للزيت من الخارج ليتم تصفيتها داخل الوطن، وهو ما يجعل الحكومة مضطرة لمواصلة عملية دعم إنتاج هذه المادة المصنّفة في خانة المنتجات واسعة الاستهلاك.

وقصد المساهمة في الرفع من قدرات الإنتاج الوطني تقرر الشروع ابتداء من شهر نوفمبر المقبل، في استيراد بذور عباد الشمس والسوجا، في مرحلة أولى لإنتاج زيت المائدة، في انتظار الاستفادة من أراضي فلاحية  لزراعة عباد الشمس والسوجا في مرحلة ثانية لتوفير البذور للمصنع و التوقف عن الاستيراد.


المؤسسات المالية لا ترافق الاستثمار الخاص

كشف الرئيس المدير العام لمجمع «سيم» أن المؤسسات المالية إلى غاية اليوم، ترفض مرافقة الصناعيين الكبار وتجبرهم على التعامل مع الأسواق الموازية عندما يتعلق الأمر بتحويل الأموال للعملة الصعبة.

وحسب السيد الزغيمي، فكل رجال الأعمال يضطرون إلى تحويل العملة بالسوق السوداء من منطلق أن البنوك لا تسمح لهم بصرف أكثر من 200 أورو، وهو المبلغ الذي لا يسمح لهم بدفع تكاليف الرحلات للخارج للتعاقد مع المتعاملين الأجانب.

على صعيد آخر، تطرق المسؤول إلى رفض كل البنوك العمومية فتح وكالات لها بالقرب من المناطق الصناعية، مشيرا إلى أنه راسل شخصيا كل المؤسسات المالية العمومية والخاصة لفتح وكالة تجارية لها بالقرب من مصنع المجمع بالمنطقة الصناعية عين الرمانة بالبليدة، لتسهيل المعاملات التجارية عند البيع والشراء لكن الرد لم يكن إلا من وكالة لبنك خاص. مضيفا أن كل معاملات البيع و الشراء الخاصة بمنتجات المجمع تتم عبر تحويلات بنكية داخل هذه الوكالة.