رئيس الجمهورية محذرا من خطر عودته في أشكال جديدة:

الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة للنجاعة في مكافحة الإرهاب

الجزائر اعتمدت مقاربة شاملة للنجاعة في مكافحة الإرهاب
  • القراءات: 2021
حنان حيمر حنان حيمر

حذّر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة من خطر عناصر التنظيمات الإرهابية التي تسعى للعودة في أشكال جديدة، بعد أن تم دحرها في بعض مناطق النزاعات، داعيا الدول العربية إلى العمل على «اعتماد إجراءات دقيقة لتأمين المعابر الحدودية واتخاذ تدابير أمنية احترازية واستباقية للإنذار المبكر والتبادل المكثف للمعلومات ومنع اختراق الحدود». كما اعتبر أن الفضاء الافتراضي أصبح يشكل تحديا أمنيا حقيقيا، مشيرا إلى ضرورة التكيف مع التطورات التي تشهدها الجريمة المنظمة والإرهاب، وكذا تكثيف الجهود لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية. وأكد أن الجزائر استطاعت أن تبلغ النجاعة في معالجتها لهذه الظواهر اعتمادا على «مقاربة شاملة».

وأخذت مسألة مكافحة الإرهاب حصة الأسد في رسالة رئيس الجمهورية التي تلاها أمس، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي، مباشرة بعد إعلان الوزير الأول أحمد أويحيى عن افتتاح الدورة الـ35 لمجلس وزراء الداخلية العرب.

حيث أبرز الرئيس استمرار الخطورة التي يشكلها الإرهاب على الدول العربية، بالرغم من تحقيق انتصارات عليه في بعض المناطق، مكّنت من دحره وطرد عناصره. حيث قال إن الدورة الـ35 للمجلس تنعقد و»مناطق عزيزة من وطننا العربي مازالت تمر بظروف بالغة الخطورة ...بسبب حالة اللااستقرار الأمني الذي تتسبب فيه الأعمال الإرهابية ونشاط الجماعات الإرهابية».

كما أشار من جانب آخر إلى أن المحيط الإقليمي لأغلب الدول العربية بدوره يشهد «نشاطا مقلقا لجماعات متشددة تمارس كل أشكال الإجرام والعنف حوالينا وتسلك كل السبل المتاحة لتهدد أمن البلدان التي تنشط بها وكذا أمن واستقرار ما جاورها من بلدان».

وضع وصفه بـ»الحساسية» و»الدقة و»التناقض»، وهو ما يستوجب برأيه «التحلي باليقظة والارتقاء بالتعاون والتنسيق الدائم بيننا إلى أعلى الدرجات».

وإذ نوه بالتطورات الإيجابية التي عرفتها بعض البلدان أمام محاولات التقسيم التي «تحاولها بعض الأطراف الحاقدة على امتنا العربية»، فإن الرئيس بوتفليقة اعتبر أن الحرب على الإرهاب غير مرتبطة «بجدول زمني أو بنطاق جغرافي»، قائلا إنها مسألة تظل قائمة في ظل التهديدات المتواصلة، ولاسيما «سعي المجموعات الضالة لضرب استقرار مؤسسات الدولة أو محاولة فرض مرجعيات دينية أو إيديولوجية غريبة عن شعوبنا».

وشدد السيد بوتفليقة على أن الخطوة الأولى للقضاء على الإرهاب هي «تجفيف منابعه» سواء كانت فكرية أو مالية أو اتصالية، مشيرا إلى أن هزيمتها في بعض المناطق لا تعني زوالها، متوقعا أن يعاود خطرها الظهور في أشكال جديدة، «لاسيما بعد أن تمكن بعضهم من الهروب والفرار نحو مناطق صراع أخرى ببلداننا العربية، منخرطين في مجموعات إجرامية ناشطة بها وبتسميات غير معروفة في كثير من الحالات».

وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات دقيقة لتأمين المعابر الحدودية، كما أضاف الرئيس، إضافة إلى تكييف مساعي الدول العربية مع الأشكال الجديدة التي سيتخذها العمل الإرهابي وتحيين آليات ومضامين التنسيق بين المصالح الأمنية. عمل قال إنه يجب أن يتم «بلا هوادة» لإزالة البيئة الحاضنة للإرهاب وكل منابع تغذيته ولاسيما تمويله عبر دفع الفدية.

من جهة أخرى، عبر رئيس الجمهورية عن رفضه الشديد لمحاولات إلصاق الإرهاب بالدين الإسلامي الحنيف، قائلا «إن إلصاق الإرهاب بالإسلام الحنيف ظلم وعدوان غير مقبول»، داعيا بالمقابل العلماء والمرجعيات الدينية لتجديد الخطاب الديني وتخليصه من الشوائب. وتحرير الفتوى من قبضة أشباه الفقهاء.

ولفت الرئيس الانتباه إلى أن خطورة الإرهاب اليوم تكمن ليس فقط بارتباطه بشبكات الإجرام، ولكن خصوصا بـ»توظيف جميع التقنيات الذكية لتحقيق أهدافها» وتسخير الوسائل التكنولوجية لنشر الأفكار المتطرفة واستقطاب الشباب للانخراط في الجماعات الإرهابية، عبر «خلايا سيبرانية» تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن هنا، أكد أن الفضاء الافتراضي أصبح اليوم «تحديا أمنيا لبلداننا العربية»، باعتباره ملاذا غير مرئي للتنظيمات الإرهابية وكل الشبكات الإجرامية لاسيما الناشطة في مجالات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والمتاجرة بالمخدرات والأسلحة وتزوير الهويات...إلخ

واقع دفع رئيس الجمهورية إلى القول بأن «مكافحة الجرائم الإلكترونية في مقام الأولوية بالنسبة للجزائر»، مذكرا باعتمادها للكثير من الآليات القانونية والتقنية والعملياتية لمواجهتها.

الجزائر اتخذت كذلك إجراءات لمواجهة ظاهرة لا تقل خطورة، وهي «الهجرة غير الشرعية»، التي ذكر أنها تعرف استفحالا في الدول العربية، وهو ما يستوجب «تكثيف جهودنا المشتركة» لمعالجتها ضمن «مقاربة مشتركة مبنية على الاحترام التام للقانون ولحقوق الإنسان». وهي المقاربة التي طبقتها الجزائر، مثلما أشار إليه الرئيس، خلال استقبالها للاجئين.

والجزائر استطاعت معالجة مختلف الظواهر المشار إليها، وعلى رأسها الإرهاب التي استطاعت استئصاله من جذوره، بانتهاج «سياسة حكيمة» و»نظرة متكاملة ومقاربة شاملة» تجمع بين العمل الأمني والسياسي والتنموي. فإضافة إلى عمل الجيش الوطني الشعبي والمصالح الأمنية على استئصال الإرهاب، فإن الجزائر انتهجتن سياسة المصالحة الوطنية التي زكاها الشعب.

ونظرا لامتدادها العربي، فإن الرئيس أكد أن الجزائر لم تبخل بتقاسم تجربتها في مكافحة الإرهاب التي مكنتها من قطع «أشواط معتبرة» في بناء دولة الحق والقانون، وصولا إلى الإصلاحات التي وضعتها مؤخرا في إطار «رؤية استشرافية بعيدة المدى» من خلال تعديل الدستور في 2016.