بين موسكو وواشنطن

حرب باردة برائحة نووية

حرب باردة برائحة نووية
  • القراءات: 498
م.مرشدي م.مرشدي

عرفت العلاقات الروسية ـ الأمريكية مع بداية الأسبوع تصعيدا جديدا برائحة نووية هذه المرة، غذتها تهديدات وتهديدات مضادة غير معلنة بين أكبر قوتين نوويتين في العالم.

وكان إعلان الولايات المتحدة عن خطة نووية جديدة لمواجهة ما وصفته بالخطر النووي الروسي المتزايد، كافيا لأن يثير غضب موسكو التي لم تنتظر طويلا للرد على الخطة الأمريكية وتلميحات إدارة الرئيس دونالد ترامب ضدها، بمبرر مواجهة التهديدات التي أصبحت تشكلها الترسانة النووية الروسية.

واعتبرت السلطات الروسية الخطة النووية التي كشفت عنها الإدارة الأمريكية مساء أول أمس، بمثابة خطة حرب عدائية موجهة ضدها، مؤكدة بأنها لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات العملية الضرورية واللازمة لضمان أمنها ومواجهة أية تهديدات أمريكية محتملة.

وأكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس، أن الخلاصة التي يمكن الخروج بها من أول قراءة لهذه الخطة أنها تحمل في طياتها نزعة حربية ضد روسيا التي ستجد نفسها ملزمة بناء على ما يتم تداوله في واشنطن على اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمنها وحمايته من أي تهديد.

وجاءت الاتهامات الروسية ردا على عزم الولايات المتحدة تعزيز قدراتها النووية «محدودة القوة» بسبب قلقها المتزايد من الأسلحة النووية الروسية التي قالت إنها عرفت منحنى تصاعديا خلال السنوات الأخيرة.

وأكدت الوثيقة التي تضمنت العقيدة النووية الأمريكية الجديدة والتي أطلق عليها اسم «مراجعة الموقف النووي» أن «إستراتيجيتنا تهدف إلى جعل روسيا تقتنع أن لجوءها إلى أي استخدام للأسلحة النووية، مهما كان محدودا، غير مقبول».

وأكد مسؤولون أمريكيون، أن «المبرر المنطقي لبناء قدرات نووية جديدة راجع إلى كون روسيا بدأت تعتقد بتراجع الموقف والقدرات النووية الأمريكية، معتبرين أن الهدف من الخطة الجديدة يبقى ردع روسيا عن أي محاولة لاستخدام الأسلحة النووية ذات القوة التدميرية المحدودة.

وقد استوعبت روسيا رسالة التهديدات الأمريكية مما جعلها لا تتأخر هي الأخرى عن الرد بعبارات حازمة ساعات بعد إعلان الإدارة الأمريكية عن رغبتها في تطوير أسلحة نووية ذات قوة تدميرية محدودة.

وهو تبرير أكدت موسكو أنه لا يستند إلى أي أساس مقنع متهمة الرئيس دونالد ترامب بمحاولة المساس بمبدأ الحق في الدفاع الشرعي، معبرة عن أملها في أن يعي هذا الأخير حقيقة الخطر الذي يمكن أن تخلفه تعليماته العسكرية الجديدة والتي حملت ـ حسبها ـ كل بوادر العداء ضد روسيا اعتمادا على معلومات مغلوطة والقيام بتصرفات عدوانية في خرق واضح لبنود كل المعاهدات الموقعة بين البلدين في مجال منع الانتشار النووي والحد من التسلح.

ويمكن القول أن هذه الاتهامات والاتهامات المضادة ستذكي درجة العداء بين البلدين وتعطي إشارة قوية لحرب باردة جديدة بينهما تماما كما عرفته علاقاتهما أيام نظام المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، ميزها سباق محموم للتسلح النووي انتقل من الأرض إلى السماء بـ «حرب النجوم» بلغت أوجها أيام الرئيس الأمريكي الراحل، رونالد ريغان الذي زاد في وتيرة السباق من أجل إحداث الفارق بين المعسكرين، مستغلا في ذلك المتاعب المالية التي عانت منها دولة الاتحاد السوفياتي السابقة.