قمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة بإسطنبول التركية

مواقف لم ترق إلى درجة التحدي الأمريكي

مواقف لم ترق إلى درجة التحدي الأمريكي
  • القراءات: 720
ق.د ق.د

لم يخرج البيان الختامي لقمة منظمة التعاون الإسلامي»الاستثنائية» التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بمدينة اسطنبول بخصوص الموقف الواجب اتخاذه تجاه قرار الرئيس الامريكي بنقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة، عن إطار  شجب هذه الخطوة واكتفائه بدعوة المجموعة الدولية، الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.

وأكد البيان على «تنديد ورفض القرار غير المسؤول والأحادي الجانب الذي اتخذه الرئيس الامريكي، دونالد ترامب كونه يغذي الإرهاب والتطرف» ويجهض كل الجهود الرامية الى تحقيق السلم في المنطقة بتشجيعه للمحتل الإسرائيلي على مواصلة سياسة الاستيطان والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين». وعكست لغة  البيان واللهجة المستعملة انه لم يخرج عن نفس الأسلوب الذي انتهى إليه الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية الذي اكتفى هو الآخر بالتنديد بالقرار الامريكي وتشكيل لجنة وزارية لشرح الموقف العربي لدى عواصم القرار العالمي  الأخرى.  والمؤكد أن هذه القمة ما كان لها أن تتخذ قرارات أكثر جرأة إذا نظرنا الى مستوى التمثيل فيها حيث  حضرها بالإضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الملك الأردني عبد الله الثاني وأمير دولة قطر تميم بن حمد آل الثاني ورؤوساء إيران، حسن روحاني واللبناني ميشال عون والسوداني عمر حسن البشير بينما اكتفت الدول الإسلامية الأخرى بتمثيل اقل درجة.

و لم يخرج المشاركون بموقف يرقى الى مستوى التحدي الذي فرضه الرئيس الامريكي دونالد ترامب على المسلمين كافة بانتهاك حرمة إحدى أولى مقدساتهم الدينية. وهو ما  يفسر اكتفاءهم  في القمة بتوجيه ندائهم باتجاه المجموعة الدولية للاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية رغم قناعتهم أن ذلك لن يغير في الأمر الواقع المفروض شيئا.

وأكد الرئيس التركي طيب اردوغان، الذي دعا الى عقد هذه القمة الاستثنائية على ضرورة اتخاذ جميع دول العالم موقفا حازما بشأن القدس الموجودة تحت الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك بابا الفاتيكان. وقال أن ذلك يبقى شرطا لخلق توازن من شأنه إحقاق العدل في المنطقة» وبقناعة أن «المسجد الأقصى سيظل إلى الأبد للمسلمين». وقال الرئيس اردوغان، متهما نظيره الامريكي بمكافأة إسرائيل على كل الأنشطة الإرهابية التي تقوم بها في نفس الوقت الذي أكد فيه انه لن يتراجع أبدا عن المطالبة بدولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، حاثا الدول الإسلامية على عدم التزام الصمت تجاه هذا القرار غير القانوني والمفروض ولكنه لم يقدم وصفة عملية لمواجهة الخطوة الأمريكية التي وضعت كل المسلمين، حكومات وشعوبا أمام أمر واقع مفروض.

وتميزت القمة التي دامت ساعات معدودة بتناول الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة أمام المشاركين شجب من خلالها قرار الرئيس الامريكي وقال انه لن يعتبر من الآن فصاعدا الولايات المتحدة الأمريكية شريكا في عملية السلام يمكن الاعتماد عليه للتوصل الى تسوية نهائية بسبب انحيازها الى جانب إسرائيل ضمن ما وصفه بـ «جريمة كبرى» في حق الفلسطينيين.

وحتى وان تميز خطاب الرئيس الفلسطيني بحدة غير مسبوقة باتجاه الادارة الأمريكية متهما رئيسها بتقديم «القدس هدية للحركة الصهيونية وكأنه يقدم مدينة أمريكية» إلا أنه عكس المأزق الدبلوماسي والسياسي الذي خلفه قرار الرئيس الامريكي على العرب والمسلمين بكيفية جعلتهم يقرون ضمنيا بأنهم راحوا ضحية ثقة مفرطة في دور أمريكي كان منذ البداية منحازا الى جانب الاحتلال الإسرائيلي .

وكانت عمليات الاستيطان والاعتداءات التي نفذتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ اتفاقات اوسلو سنة 1993 التي أعطت شرعية للاحتلال اكبر دليل على ذلك في وقت تغاضت الدول التي رعتها الطرف عن الانتهاكات التي فرضتها إسرائيل على الجانب الفلسطيني والعقبات التي وضعتها على طريق مسار السلام.

وانتظر المسلمون خاصة، اتخاذ الدول العربية والإسلامية مواقف حازمة في هذه القمة تجاه الولايات المتحدة على الأقل مقاطعتها اقتصاديا ودبلوماسيا لإرغامها على التراجع عن قرارها الذي رفضته حتى بعض الدوائر الأمريكية التي أكدت أن الولايات المتحدة لن تجني سوى عداء عربي وإسلامي اكبر بسبب رئيس غابت عنه البراغماتية التي احتكم إليها الرؤوساء الذين سبقوه الى البيت الأبيض ولكنهم لم يقدموا على مثل هذا القرار لقناعتهم أنه قرار لن يخدم المصالح الأمريكية في منطقة تكتسي أهمية خاصة لدى صناع القرار الأمريكيين.