بسكرة

«الكاليش».. يعد بجولات سياحية ساحرة

«الكاليش».. يعد بجولات سياحية ساحرة
  • القراءات: 1574
❊ق.م ❊ق.م

ما زال سكان بسكرة يحنون إلى زمن «الكاليش» الذي كان يرافق يومياتهم عبر أرجاء المدينة الفسيحة، وبكثير من الحنين  يقاسمونك صورا عالقة في الذهن عن مشاوير عائلية واستكشافية على متن تلك العربات الملونة والأحصنة الرشيقة.. بسكرة اليوم تجتهد لاستعادة مجد تلك الوسيلة، لتنقل السكان والزوار معا ضمن مسارات سياحية مغرية.

«الكاليش» عربة تجرها أحصنة، تتشكل من مقصورة كبيرة تتسع لـ4 و6 أشخاص، مغطاة بقماش سميك وآخر رفيع يستعمل كستائر للتزيين أو لحجب الراكبين عن الأنظار، وتحمل المقصورة عجلتان كبيرتان، يتقدمهما مقعد خارجي خاص بسائق العربة.

يظل «الكاليش» وسيلة النقل الأكثر شعبية لدى البسكريين والأحب إلى قلوبهم، لذا تراهم يتحدثون عنه بكثير من الحماس والانبساط، فهم يخرجون من جعبة ذاكرتهم قصص نساء البيت وتنقلاتهن إلى مختلف مقاصدهن اليومية، كالحمام الأسبوعي أو المآدب والأعراس والزيارات العائلية، يتذكر السيد توفيق وهو في عقده الخامس، طفولته وهو يرافق والدته إلى مشاوريها وكيف كان يُستدعى صاحب الكاليش إلى البيت في توقيت معين وتركب الأم العربة، لتسدل ستائر حريرية على  جوانب المقصورة تحجبها عن أنظار المارة والفضوليين. يقول توفيق «كان ذلك أشبه بقصة خيالية، كان صاحب الكاليش محل ثقة العائلة ولا يكثر الكلام وميزته الانضباط».

البحث على طيف «عمي حسين»

حيثما تتجول ببسكرة وأينما أثرت موضوع الكاليش، تعود  إلى ذهن البسكريين ذكرى عمي حسين ناجي، الذي فقدته المدينة شهر ماي 2014، ويعتبر عميدا في ميدانه وخبرته الممتدة عبر 58 عاما من الوفاء، وما زال الجميع يذكرون بشاشته وهندامه المميز، سروال واسع يسمى بالمنطقة «الحويكي» وقندورة أوسع بيضاء اللون وزوج حذاء مصنوع من الجلد المصبوغ وشاشية تتوج رأسه، ويتذكر أحد السكان وهو سائق طاكسي، كيف كان الكاليش يطوف براكبيه عبر ممرات معروفة انطلاقا من فندق الزيبان، مرورا بحي المسيد، حي باب الدرب، بسكرة القديمة، الجنيش، انتهاء بسيدي بركات، ثم العودة إلى وسط المدينة. كان بمثابة دليل سياحي لا يفوت تفصيلا إلا وأخبر به مرافقيه. كما كان الراحل مطلوبا في مواكب العرائس وبمثابة البركة التي تفتح الطريق لحياة زوجية جديدة يطلبه الجميع ليصبح الاحتفال بهيجا.

ورغم التغييرات التي طرأت على مدينة بسكرة واحتلال السيارات لمحاور الطرق الرئيسية والجانبية، يظل الكاليش ينبض في وريد الشوارع هناك، ويطالب بعودته إلى الحياة اليومية ومشاركة الناس في تنقلاتهم تماما كما كان عليه الحال في سنوات السبعينيات، يوم كانت بسكرة قبلة سياحية بامتياز، وكان الكاليش وسيلة النقل الإيكولوجية والناعمة التي توفر لركابها مشهدا غير مستعجل للمدينة. إذ يقال بأنه كان هناك زهاء 27 كاليشا يتحرك بين أطراف المدينة في مشهد يومي منح للأمكنة سحرا خاصا.

ق.م