حسن بوفنيسة رئيس جمعية «آيدز الجزائر»:

رفض المريض التواصل عزز الرفض الاجتماعي

رفض المريض التواصل  عزز الرفض الاجتماعي
  • القراءات: 483
❊  رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

أرجع رئيس جمعية «آيدز الجزائر»، السيد بوفنيسة،  مسؤولية الحالة النفسية الصعبة التي يعاني منها مرضى السيدا، إلى الرفض الاجتماعي للمرضى بالدرجة الأولى، وقال في حديثه لـ«المساء»، بمناسبة تلقيه شكوى من المرضى بخصوص الصعوبات التي تواجههم، وصعبت عليهم الاندماج و«العيش بطريقة طبيعية»، أن مريض السيدا غير قادر اليوم على المواجهة ويفضل دائما الاختباء،  لأنه يخاف من نظرة المجتمع إليه، وهو الخطأ الذي جعله ينعزل، مما عزز الرفض الاجتماعي.

أوضح بوفنيسة، ردا على الانشغال الخاص ببعض المرضى حول مختلف الضغوطات النفسية التي يعيشها مريض الآيدز، بأن الجمعية منذ تأسيسها، تعمل على برمجة عدد من المحاضرات والندوات والأيام التحسيسية من أجل التعريف بمرض السيدا ومختلف طرق التنقل، لحث المجتمع على تغيير نظرته إلى هذه الشريحة، ويضيف: «المرضى لا يتعاونون مع الجمعيات ولا يبذلون جهدا من أجل حمل المجتمع على تغيير نظرته إليهم، حيث نجد المرضى على مدار السنة يختفون ويرفضون التواصل مع غيرهم، بل حتى التشهير بمرضهم أو عرض تجربتهم سعيا وراء التضامن المجتمعي، دون أن ننسى أنهم يرفضون حتى الانخراط في الجمعيات كي لا يتم التعرف اليهم.

يقول بوفنيسة؛ «مرض السيدا في الحقيقة عادي كغيره من الأمراض المزمنة، وهو غير معد، لكنه ينتقل بطرق خاصة،  وهو ما نعمل على مستوى الجمعية في كل مرة على التأكيد عليه». مشيرا في السياق، إلى أن نظرة المجتمع ليست بهذه  الصورة التشاؤمية ضد هؤلاء المرضى، يقول: «أعتقد بوجود نوع من الوعي من جهة، بقي فقط على المرضى أن يثقوا في أنفسهم ويخرجوا إلى المجتمع للحديث بكل حرية عن حالتهم، ويتسنى لهم بالتالي التخفيف عما يعانون منه من أزمات نفسية، جراء الشعور بالرفض الاجتماعي الذي يعتبرون شركاء فيه».

وحول المجهودات التي بذلتها الجمعية في سبيل التكفل بمختلف الحالات النفسية الصعبة لمرضى السيدا، أفاد  محدثنا أن الجمعية ارتأت منذ نشأتها التخصص في هذا الداء، وسعت من خلال مختلف نشاطاتها إلى دعم المريض وحمله على الاندماج في المجتمع كغيره، ولعل من المكاسب التي حققتها الجمعية، يقول: «نذكر آلية إنشاء مشاريع مصغرة لفائدة النساء الماكثات في البيت والمصابات بالسيدا، إلى جانب مطالبة الوزارة بإدراج السيدا في خانة الأمراض المزمنة حتى يستفيد المريض من تغطية اجتماعية، فضلا عن المطالبة بسن قوانين ضد الإقصاء والتهميش والدفاع عن حق المرأة المصابة بالداء والحامل في المتابعة الصحية».

من جهة أخرى، دعا رئيس الجمعية مرضى السيدا إلى أخذ العبرة من مرضى السرطان، وبالرجوع فقط إلى سنوات خلت، نجد أن مريض السرطان كان يخشى الإفصاح عن مرضه، غير أن الحملات التحسيسية واقتناع المرضى بضرورة الخروج إلى المجتمع والتعريف بتجربتهم مع المرض، ساهم إلى حد كبير في علاجهم من جهة، وتغيير نظرة المجتمع إليهم من خلال التفاعل معهم ودعمهم، وهو المطلوب، يقول: «أدعو مريض السيدا بالمناسبة إلى عدم الخجل من الحديث عن مرضه وتجربته مع الداء والصعوبات التي تواجهه، مشيرا إلى أن داء السيدا اليوم لا يصيب فئة معينة من المجتمع، وإنما يمس كل الشرائح، بالتالي لا مجال مطلقا للانطواء».

وردا عن سؤالنا حول حق مريض السيدا في الزواج وتكوين أسرة، أشار رئيس الجمعية إلى أن الزواج حق مشروع للجميع، وفي هذا الإطار، تمكنت الجمعية منذ سنة 2000 من تزويج حوالي 50 مريضا ـ طبعا من المريضات أيضاـ، مردفا بأن المصابان بعد الزواج يخضعن لمتابعة ومرافقة صحية في حال وقوع الحمل، لحماية الأطفال من المرض. وقد أثبتت هذه التجربة أن 99 بالمائة من الأطفال، رغم أنهم  مولودون من أبوين مريضين، أصحاء ويعيشون حياة عادية.

بلغة الأرقام، كشف بوفنيسة، عن أن آخر الأرقام الرسمية التي تم التصريح بها إلى غاية سنة 2016، تشير إلى وجود  11 ألف حالة في الجزائر مصرح بها، غير أنها ـ يقول ـ تظل في اعتقادي بعيدة عن الرقم الحقيقي، لأن عددا كبيرا يرفض التصريح بمرضه، مشيرا إلى أنه وكجمعية، شرعت منذ حوالي خمسة أشهر في تبني حملة تحسيسية بمختلف ولايات الوطن حول مختلف الآفات الاجتماعية، يأتي على رأسها التحسيس بمرض السيدا من خلال التأكيد على ضرورة الوقاية، على اعتبار أنها آفة اجتماعية تحتاج إلى مرافقة ومتابعة، ومن ثمة تعتبر اليوم أولوية في استراتيجة  الوقاية.

  رشيدة بلال