حرفيون معلمون يتحدثون عن سر نجاحهم :

الحرف التقليدية مصدر ثروتنا وسعادتنا

الحرف التقليدية مصدر ثروتنا وسعادتنا
  • القراءات: 666
❊ رشيدة بلال ❊ رشيدة بلال

دفع الاعتراف بدور الحرفي الفعّال في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، والمساهمة في التنمية المحلية ببعض الحرفيين، إلى التمسك أكثر فأكثر بحرفهم، رغم العراقيل والصعوبات. وانطلاقا من الشعار الذي حمله مؤخرا الاحتفال باليوم الوطني للحرفي «الحرف ثروة مضمونة وتنمية مستدامة»، كشف لـ»المساء» عدد من الحرفيين الذين تم تكريمهم مؤخرا، من طرف وزير السياحة حسن مرموري، عن الثروة التي تمثّلها لهم حرفتهم والسر وراء اهتمامهم وسعادتهم بها.

البداية كانت مع عمي عبد الله معمري، البالغ من العمر 55 سنة من ولاية  البليدة، حرفي في الحدادة وصناعة المفاتيح، يقول في معرض حديثه إنّه نشأ وترعرع في محيط الحدادة وتصليح المفاتيح، بالتالي تعد البيئة التي ينتمي إليها الدافع الأول لاختياره لهذه الحرفة، غير أنه لم يكتف بالتقنيات التي تعلمها في محيطه العائلي، وإنما اختار التوسع فيها من خلال البحث والتعلم في ورشات أخرى، فما كان منه إلا أن تنقل بين عدد من الورشات داخل وخارج الوطن. وبعد أن اكتسب خبرة اعتبرها بمثابة ثروة مهنية، أنشأ لنفسه ورشة. ولأنه يؤمن بأنه حتى لا تزول الحرف لابد من توريثها، ما كان منه إلا أن فتح باب ورشته على مصرعيها لتعليم الراغبين في ذلك، وكون ـ يقول ـ «أكثر من 15 عاملا تمكنوا من فتح ورشات والعمل في مجال الحدادة وفي صناعة المفاتيح، وهو ما أعتبره نجاحا كبيرا أعتز به».

لم يكتف الحرفي عبد الله بنقل خبرته المهنية للشباب الراغب في التعلم فقط، بل حرص أيضا على توريث صنعته لأبنائه، وقال «الصرامة في العمل والخبرة المهنية التي اكتسبتها جعلتني محل ثقة لدى المسؤولين، حيث يجري اختياري دون غيري للعمل على صيانة وتصليح الخزائن الحديدية، وهي ثقة أعتز بها وشهادة اعتراف لحرفتي، وحسب رأيي، من تعلم حرفة خبأ لنفسه ثروة».

نتطلع إلى نظام محلي  في صناعة الأحذية

من جهته عبد المجيد ميصالي (65 سنة)، حرفي في صناعة الأحذية من ولاية تلمسان، نشأ وترعرع وسط عائلة مختصة في صناعة الأحذية، يقول إنه بدأ بتعلم صناعة الأحذية في سن صغيرة في ورشة عمه، وبعد أن أنهى تعليمه، اختار التفرغ لهذه الحرفة، وما إن اكتسب التقنيات والمهارات الكافية لصناعة الأحذية، فتح ورشة صغيرة بالقرب من منزله لترقيع الأحذية. ومن ثمة أنشأ  مؤسسة مصغرة كون فيها ما يفوق 100 ممتهن. مشيرا إلى أنه لم يكتف بتعليم الممتهنين، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حيث قام بإعادة هيكلة مؤسسته التي أضحت توفر أكثر من 40 منصب عمل دائم.

يشعر الحرفي عبد المجيد بالاعتزاز لمسيرته الطويلة مع حرفته، ولأنه كان شديد الاهتمام بالحرف، قرر أن يكون من الأعضاء المؤسسين لجنة محلية للحفاظ على التراث وإعادة بعث نشاط صناعة الأحذية في ولاية تلمسان. ولعل أهم ما ينشده اليوم، بعد أن اكتسب خبرة مهنية تزيد عن 37 سنة، هو إنشاء نظام إنتاج محلي في مجال صناعة الأحذية.

كونت 90 ممتهنا  لحرفة لا تزول

تنظر الحرفية وردة بن طالب (69 سنة)، المختصة في صناعة الفخار من ولاية جيجل، إلى حرفتها على أنها بمثابة الثروة الحقيقية. وقالت في معرض حديثها بأن الفضل في امتهانها لهذه الحرفة يعود إلى ترعرعها في أسرة مختصة في صناعة الفخار، حيث يعود الفضل لوالدتها التي ألحت عليها بضرورة تعلم صنعة تحميها من غدر الزمن، مشيرة إلى أنها بعد أن تعلمت تقنيات ومهارات صناعة الأواني الفخارية التي تشتهر بها منطقة بني عزيز، سرعان ما أنشأت ورشتها الخاصة.

لم تكتف الحرفية وردة بما تعلمته من والدتها، وإنما سعت في سبيل الاستفادة من دورات تكوينية مؤطرة من قطاع الصناعة التقليدية في مجال تقوية  المهارات، الأمر الذي أكسبها خبرة وتجربة كونت بها أكثر من 90 ممتهنا وعددا لا بأس به من الحرفيات، ضمن برنامج ترقية المرأة الماكثة في البيت، وتسعى اليوم إلى نقل خبرتها بالتعاون والشراكة مع مركز التكوين المهني  في الولاية للراغبين في تعلم الصناعات التقليدية، هذه الثروة التي لا تزول.

السلالة جعلت  مني امرأة ناجحة

تجربة الحرفية عزيزة عبد الدايم (54 سنة) من ولاية إليزي، في مجال صناعة السلالة لا تختلف عن سابقاتها، إذ أن الانطلاقة دائما كانت من المحيط العائلي، غير أن الوعي بأهمية تطوير الحرفة جعلها توسّع من مجالات تعلمها، حيث بادرت إلى المشاركة في عدة دورات تكوينية لتقوية مهاراتها، خاصة فيما يتعلق بكيفية التسيير الحسن للحرفة، وبعد اكتساب خبرة مهنية وميدانية انتقلت مباشرة للمساهمة في نقل خبرتها عن طريق الاتصال بمؤسّسات التكوين المهني، وقد تمكنت من تكوين 150 ممتهنا.

اهتمام الحرفية عزيزة بحرفتها ورغبتها في التعريف بها، جعلها تشارك في عدة تظاهرات ومعارض للصناعات التقليدية، واليوم في رصيدها 130 مشاركة على المستوى المحلي، و120 على المستوى الوطني، وأكثر من 10 تظاهرات دولية.

تمسك الحرفية عزيزة بحرفتها ورغبتها في تطويرها وتعليمها، جعلها تذهب بتفكيرها إلى أبعد من ذلك، حيث انتخبت رئيسة لغرفة الصناعات التقليدية والحرف بولاية إيليزي لمدة أربع سنوات، تشغل اليوم منصب نائب رئيسها، وتؤكد أن حرفتها جعلت منها سيدة ناجحة.

رشيدة بلال