المجالس الشعبية المنتخبة بولاية بومرداس

نتائج تنموية هزيلة ومواطنون ساخطون

نتائج تنموية هزيلة ومواطنون ساخطون
  • القراءات: 1174
حنان. س حنان. س

نتائج هزيلة لعهدة حملت الكثير من عدم الاستقرار، هذه هي أهم نتيجة يمكن استخلاصها من سبر آراء قامت به «المساء» وسط مواطني بعض بلديات ولاية بومرداس، حيث أكد مواطن من بلدية تيجلابين أن «أغلب الوعود التي تم إطلاقها على مسامعنا قبيل المحليات الفارطة، كانت كاذبة وبقيت كذلك، ولم نر شيئا ملموسا غيَّر من واقعنا».

وقال مواطن آخر كان إلى جانب الأول بالساحة الرئيسة لبلدية، «تيجلابين بقيت منذ سنوات تشبه الدوّار، ولم يفلح أيّ «مير» في أن يجعلها ترقى إلى مستوى مدينة عصرية. مازلنا في 2017 نحتج بسبب غياب المياه أيام الحر الشديد، الطرقات مهترئة.. الإنارة غائبة.. النفايات تتراكم أياما تلو أخرى، أمام مرأى السلطات بدون تحريك ساكن.. فأين التنمية المحلية هنا؟.

استهلاك 20 بالمائة فقط من ميزانية تيجلابين

تشير الأرقام التي بحوزة «المساء» إلى أن الميزانية السنوية لبلدية تيجلابين تقارب 28 مليار سنتيم تُعتبر من عائدات الجباية المحلية، وعلى رأسها مداخيل سوق السيارات لتيجلابين. وبالمقابل لم تتعد نسبة استهلاك الميزانية القطاعية التي تقارب 108 ملايير سنتيم، 20 %، مثلما يؤكد لـ «المساء» مصدر من البلدية، مرجعا أسباب كل ذلك إلى «عدم توافق الرؤى بين أعضاء المجلس الشعبي البلدي (15 عضوا)، والاختلاف مازال قائما بالرغم من أن اجتماعا جمعهم بالوالي بداية السنة الجارية، لتدارس الخلافات والخروج من المأزق. كما أن الوالي ـ يضيف المتحدّث ـ اقترح إنشاء لجنة خاصة لتدارس هذه المشاكل، لكن الحال بقيت كما كانت، ودليله بقاء سوق السيارات بدون تهيئة إلى اليوم رغم أنها تدرّ مداخيل جبائية هامة، وهي الوحيدة التي تحفظ ماء وجه البلدية، إضافة إلى بقاء السوق المغطاة منذ 2012 عرضة للإهمال والتخريب. وتمّ اقتراح 3 ملايير لإعادة تهيئة وجه البلدية في 2014 ولكن لم يتم تسجيل العملية إلى اليوم».

الصراعات ترهن بلدية بومرداس

من جهته، يرى مواطن من بلدية بومرداس أنّ «هذه البلدية التي من المفروض أنّها الوجه المشرف لعاصمة الولاية، أكلتها الصراعات الكيدية بين المنتخبين المحليين في عهدة تشارف على الانتهاء، ولا يوجد من نتائجها الشيء الذي يحفظ ماء وجه هؤلاء المنتخبين». ويضيف: «شتان بين خطابات استعطاف الناس خلال الحملة الانتخابية وبين اعتلاء هؤلاء كرسي السلطة!.. لا شيء يوحي بأنّ بلدية بومرداس هي حقيقة عاصمة الولاية، فالمحطة البرية توجد في حالة متقدمة من الاهتراء رغم أنها أول ما يلمحه زائر البلدية، تقاذف ملفها عدة «أميار» خلال عهدات متعاقبة ولم يتجسد شيء، والسوق الأسبوعية التي تحاذي المحطة هي الأخرى في فوضى كبيرة.. ولا أعتقد أننا سنرى نتائج مرضية من منتخبين يكذبون على الشعب.. يستجدون صوته، ثم يوصدون أبوابهم وراء مكاتبهم بعدها».

وبلهجة أقل حدة، اعترف مواطن آخر من البلدية، بأنّه لمس فعلا بعض التحسن في الحياة اليومية بفضل تجسيد مشاريع تنموية مهمة، فالمواطن الذي ينحدر من حي الساحل استحسن أخيرا ربط الحي بالغاز الطبيعي نهاية العام المنصرم بعد سنوات طويلة من الانتظار، إلى جانب تحسين الإنارة العمومية، لكنه أكد أن الطريق الرئيسة للحي في حالة متقدمة جدا من الاهتراء؛ يقول: «المير أكد في أكثر من مناسبة، إنجاز دراسة لتهيئة الطريق، وتحديد الغلاف المالي الخاص بالعملية، لكن العملية التي كانت مقررة في ديسمبر 2016، لم تنطلق إلى اليوم.. أعتقد أنه سيتّخذ من هذا الملف محورا إن كان مترشحا للانتخابات القادمة».

خميس الخشنة وعمّال.. نقائص بالجملة

من جهته، تحدّث مواطن آخر من بلدية خميس الخشنة بلهجة المتهكم على المنتخبين المحليين؛ «والسبب أننا مازلنا نشتكي من غياب الماء عن الحنفيات بالرغم من أن خميس الخشنة ترقد على حوالي عشر آبار جوفية، ناهيك عن الطرقات المهترئة التي لا بد من إعادة تهيئتها بين فترة وأخرى لعدم احترام مقاييس إنجازها منذ البداية. أما النفايات فحدّث ولا حرج؛ إننا عند أقدام عاصمة البلاد ولكن البلدية كالدوّار للأسف.

ويشير مواطن من بلدية عمّال بالجهة الجنوبية للولاية، إلى أنه بالرغم من تخصيص مبالغ معتبرة تصل إلى 43 مليار سنتيم مؤخرا لدعم التنمية المحلية بهذه البلدية ذات تسعة آلاف نسمة، إلا أن نقائص بالجملة مازالت تسجَّل بها، وعلى رأسها تهيئة المسالك لفكّ العزلة عن مداشر البلدية، يقول: «نحن ننتظر بفارغ الصبر مشاريع فتح المسالك لفك العزلة عن سكان القرى، فالطرقات ما بين جراح وهيني مرورا بآيت أولمو على مسافة تقارب 13 كلم، لم تنطلق أشغالها إلى اليوم بالرغم من تخصيص مبالغ مالية لتغطية تكاليف هذا المشروع. ويرتقب السكان بفارغ الصبر مثل هذه المشاريع الحيوية للعودة إلى أراضيهم بعد أن هجروها في سنوات اللاأمن. وقد راسلنا (يضيف) السلطات المعنية؛ من بلدية ودائرة وحتى الوالي السابق كمال عباس، لفك العزلة عن حوالي 500 نسمة تقطن بقرى البلدية، لكن لليوم لم يتجسد شيء.. إنها ورقة ضغط بيد المنتخبين يتقاذفونها في كل موعد انتخابي..».

بني عمران.. وجه تنموي شاحب

بالنسبة للبلدية الجارة بني عمران فهي لا تختلف الصورة التنموية بها كثيرا، فوجه المدينة مازال شاحبا حتى بعد «الليفتينغ» الأخير بمناسبة الزيارة التفقدية للوالي لها، إذ يشير مواطن تحدّث إلى «المساء»، إلى أنّ عمل المجلس الشعبي البلدي قد عرف انسدادا لأكثر من مرة بسبب صراعات أعضائه؛ يقول: «أغلب المنتخبين المحليين غير أكفاء وأنانيون، يتصارعون على من يحوز مشروعا صغيرا بدون التفكير في المصلحة العامة، والدليل أن 19 عضوا للمجلس الحالي لم يقوموا بزيارة ميدانية لدشرة من مداشر البلدية منذ الحملة الانتخابية قبل خمس سنوات خلت»، يضيف المتحدث بامتعاض شديد، فيما يشير آخر من نفس البلدية بقوله إنّ مشاريع متوارَثة من العهدة التي قبل الحالية، مازالت تراوح مكانها حتى بعد انقضاء حوالي عشر سنوات، ومنها ربط 25 دشرة بالغاز الطبيعي بسبب خلافات حول تخليص دراسة أنجزت في المجال! ناهيك عن غياب الصرف الصحي عن عدة أحياء بالجهة الغربية للبلدية، وانعدام ملحقات لابتدائيات تغني أطفال القرى عناء قطع مسافات طويلة رغم الوعود التي أطلقها منتخبون؛ بأخذ هذا المطلب وغيره بعين الاعتبار، فيما يوضح مواطن آخر أن «البلدية لم تتطوّر حتى، وهي تضم حوالي 28 ألف نسمة.. فوضى تعم الحياة التجارية والنقل وغيرهما.. المنتخب يَعد ولا يجسّد إلا النزر اليسير، مما يخلق، للأسف، عدم ثقة متبادَلة، وهذا ليس في صالح البلاد.

بعض المنتخبين غائبون عن المشهد

أحد المهتمين بالشأن السياسي المحلي لولاية بومرداس، تحدّث إلى «المساء» عن العهدة الانتخابية الوشيكة على الانقضاء، قائلا: «للأسف، من يشرف على العملية التنموية ببعض المجالس الشعبية المنتخبة، غائبون معنويا لأسباب كثيرة، أهمها ضعف مستوى التكوين، وهذه حقيقة لا داعي لإنكارها، إلى درجة أن بعض العمليات مرتبطة بأوامر فوقية، وهذا كله سببه الصراعات الشخصية بين أعضاء المجالس حتى إن بعض المنتخبين يرفعون ضد آخرين دعاوى قضائية كيدية بغض النظر عن صدقها أم لا، لكنها تؤثر بشكل كبير ومباشر، على تعطيل العملية التنموية»، وضرب المصدر مثلا ببلدية خميس الخشنة، التي عرفت متابعة 3 رؤساء بلدية في عهدة واحدة قضائيا، وتم إدانتهم بأحكام نهائية، فيما عرفت بلدية بن شود تحريك دعاوى قضائية ضد منتخبين محليين في قضايا مختلفة، وهذا يسمى بـ «الفخ السياسي»، فقد تكون الاتهامات ملفَّقة أو العكس. ويضيف المتحدّث أن هذا الأمر أسقط بلديات برمتها في هذا الفخ، ما انعكس على عدم استقرار المجالس المنتخبة، وبالتالي على التنمية المحلية؛ ما جعل عدة بلديات كملحقات مصغرة تسيَّر من طرف الإدارة المحلية للولاية، وجعل أغلب المشاريع التنموية مبرمجة من طرف أجهزة الإدارة بعيدا عن المنتخبين، والأدلة واضحة ومازالت معلقة إلى اليوم، ومنها مشاريع تهيئة السوق الأسبوعية للبلدية، وتهيئة المحطة البرية لعاصمة الولاية، والاهتمام بتهيئة أرصفة، عرفت، قبيل سنوات فقط، إعادة تهيئة والاعتراض على تهيئة طرقات بحاجة ماسة للتهيئة».

أما عن تقييم عمل المجلس الشعبي الولائي فيقول المصدر إن «هذا المجلس عرف دورات ودرس أغلب الملفات المتعلقة بالولاية، كملفات تتعلق بقطاعات الفلاحة، السياحة، الشبيبة والرياضة، التهيئة والتعمير وغيرها، لكن من ناحية أخرى عرفت أغلب الدورات نقاشا دون المستوى، حيث لمسنا في عدة مرات خروجا عن الموضوع، وهذا راجع بالأساس إلى ضعف مستوى بعض المنتخبين، وتمركز التدخلات لدى رؤساء الكتل في نفس المجلس، ما يجعل النقاش ـ يضيف المتحدث ـ يوجَّه حسب بعض المصالح والتوجهات الشخصية أو حتى حسب التوجهات السياسية، وهذا، للأسف، ما هو واقع، لكن الصورة قد لا تكون ضبابية إلى هذا الحد؛ قال: «الجواب ننتظره بعد المحليات القادمة؛ إذ ندعو المواطن هنا إلى التحلي بالحذر والوعي اللازمين في اختيار ممثليه، والأهم من ذلك أن يتوجه إلى الصندوق والانتخاب».