حصاد 2025

توهج رياضي

توهج رياضي
  • 83
فروجة. ن فروجة. ن

كان 2025 عاما رياضيا بامتياز، بعد أن شهد إنجازات كبيرة عكست الطاقة الكبيرة للرياضة الجزائرية والقدرات الهائلة للرياضيين على مستوى الألعاب الفردية والجماعية، حيث تصدر تتويج الجمبازية كيليا نمور، العداء جمال سجاتي، المصارعة لويزة أبوريش وفئة ذوي الهمم في البطولات العالمية، أبرز أحداث الرياضة الجزائرية للموسم المنقضي، التي عززت مكانتها كقوة رياضية صاعدة عالميا وقاريا، وتؤكد أن الاستثمار في الشباب يظل الخيار الأمثل لبناء منظومة رياضية قوية ومستدامة.

ولعل أبرز محطة رياضية في عام 2025، هو التألق اللافت للجمبازية الجزائرية كيليا نمور في مونديال جاكرتا، أين فرضت منقطها بامتياز في أكبر تظاهرة رياضية عالمية، لتؤكد بأنها أيقونة للرياضة الجزائرية بعد بروزها كرقم صعب في رياضة الجمباز عالميا وأولمبيا، حيث أهدت الكثير من الميداليات والألقاب للجزائر خلال الثلاث سنوات الماضية.    

الرئيس تبون يستقبل كيليا نمور في مشهد العزة والفخر

إن استقبال الرئيس تبون لأبطال الجزائر لم يكن مجرد بروتوكول، بل عهد جديد بين الوطن وأبطاله، عهد الوفاء والتقدير، وعهد دعم لا ينقطع لكل من يكتب اسم الجزائر بأحرف من نور، في سجل التاريخ الرياضي. ففي مشهد مهيب يفيض فخرا واعتزازا، استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، البطلة الأولمبية والعالمية كيليا نمور، في تكريم رئاسي يليق بعظمة إنجازاتها ورفعة اسمها، بعد أن أهدت الجزائر ميداليتين ثمينتين في بطولة العالم للجمباز الفني التي احتضنتها جاكرتا الشهر الماضي.كان الاستقبال رسالةَ تقدير من الوطن إلى ابنتِه، التي كتبت التاريخ بعرقها ومهارتها، وجعلت من الجمباز فنًّا جزائريّا يتحدث بلغة الذهب، وعليه أكد الرئيس تبون أن الجزائر تحتفي دائما بأبنائها الذين يرفعون الراية خفاقةً في المحافل الدولية، معتبرا أن كيليا نمور نموذج لجيل يؤمن بأن المجد يصنع بالعزيمة لا بالصدفة.

من الذهب الأولمبي في باريس 2024 إلى الذهب العالمي في جاكرتا 2025، سطرت كيليا فصلا جديدا، في كتاب الرياضة الجزائرية، حين اعتلت منصة التتويج في جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات بعلامة 15.566 نقطة، تاركة وراءها وصيفتها الروسية بفارق واسع، قبل أن تزين رصيدها بفضية راقية، على عارضة التوازن بعلامة 14.300، لتؤكد أنها لا تنافس فقط على المراتب، بل على المجد نفسه، ولم تكن مسيرة البطلة الجزائرية نحو منصات التتويج مفروشة بالورود، بعد المعاناة التي كابدتها قبل الوصول إلى المجد الأولمبي والعالمي، والتي بدأتها من قصة مرضها النادر وتحديها لفرنسا، قبل أن تختار الدفاع عن ألوان الجزائر عام 2023.

وكانت نمور أول رياضية عربية وإفريقية تحقق ميدالية في بطولة العالم للجمباز، وكان ذلك عام 2023 في بلجيكا، عندما توجت بفضية جهاز المتوازي مختلف الارتفاعات، وتكرر نفس الإنجاز الأيقوني عندما نالت ذهبية نفس الاختصاص في أولمبياد باريس، قبل أن ترفع سقف إنجازها بذات المواصفات والاستثنائية بحصولها على ذهبية بطولة العالم.

سجاتي يؤكد مكانته ضمن نخبة العدائين العالميين

من جهته، واصل العداء الجزائري، جمال سجاتي، نجاحه في سباق 800م، عندما توج بـ الميدالية الفضية في بطولة العالم لألعاب القوى، التي احتضنتها العاصمة اليابانية طوكيو، شهر سبتمبر الماضي، ليؤكد بذلك مكانته ضمن نخبة العدائين العالميين. وقطع البطل الجزائري السباق في توقيت دقيقة 41ثا و90ج/م، متأخرا بفارق أجزاء من الثانية عن العداء الكيني إيمانويل وانيوني، المتوج بالميدالية الذهبية. يشار إلى أن سجاتي الذي ينتمي للفريق العسكري الجزائري، كرر في طوكيو، الإنجاز الذي حققه في بطولة العالم 2022، بأوجين الأميركية، عندما توج بفضية سباق 800 متر.

أبوريش تحقق إنجازا تاريخيا للكاراتي الجزائري

بدورها، حققت المصارعة أمينة بوريش، إنجازا تاريخيا في مونديال الكاراتي دو، الذي جرى بمصر شهر نوفمبر الماضي، لتضيف بذلك ميدالية أخرى لرصيدها الثري، حيث سبق لها تحقيق ألقاب قارية وعالمية، ونجاح أبوريش في بلاد "الفراعنة" يعكس روح الإرادة والتحدي التي تتميز بها الرياضيات الجزائريات، فنتيجتها تمثل مصدر فخر لكل الجزائريين ودليلا على قدرة الرياضيين الجزائريين على التألق في أكبر البطولات.

الجزائر تتوج باللقب الأول للألعاب الافريقية المدرسية

وبخصوص الألعاب الاقليمية، فرضت الجزائر سيطرتها على النسخة الأولى من الألعاب الأفريقية المدرسية 2025 التي استضافتها على أرضها، حيث فاز رياضيوها بـ245 ميدالية (103 ذهبيات، و80 فضية، و62 برونزية)، ليتفوقوا في جدول الترتيب العام على مصر وتونس، وفي حوصلة جدول الميداليات، فقد تمكنت 28 دولة من حصد ميدالية واحدة على الأقل في هذه النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر2025)، في دورة ستبقى خالدة في سجلات الرياضة الإفريقية المدرسية التي كانت ناجحة وجرت في ظروف إيجابية وحظيت بإعتراف افريقي وأولمبي.وشكل الحدث القاري نقلة نوعية في مسار الرياضة المدرسية الإفريقية، وجسد روح التضامن بين شباب القارة، على حد قول رئيس جمعية اللجان الوطنية الأولمبية الإفريقية (أكنوا)،  مصطفى براف، الذي أكد أن "دورة الجزائر2025..كانت فرصة لبروز مواهب شابة ينبغي الحفاظ عليها وتكوينها استعدادا لمواعيد دولية هامة، على غرار الألعاب الأولمبية للشباب بالسنغال 2027".

تألق لافت للرياضات الفردية في ألعاب التضامن الإسلامي

وكان تألق  الجزائريين واضحا، في الطبعة السادسة من ألعاب التضامن الاسلامي التي جرت بمدينة الرياض السعودية، شهر نوفمبر الماضي، وذلك في الرياضات الفردية كالملاكمة، ألعاب القوى، الكاراتي دو، المصارعة المشتركة وخاصة في السباحة بفضل البطل جواد صيود، الذي وعلى الرغم من المستوى العالي، الذي  بلغه، إلا أنه لا يزال يبحث عن تحقيق تواقيت الحد الأدنى، التي تسمح له بالمشاركة في أولمبياد لوس أنجلس 2028. 

ورغم إنهاء الدورة في المركز الـ12 برصيد 34 ميدالية موزعة على 5 ذهبيات، 8 فضيات و21 برونزية، إلا أنها سمحت باكتشاف مواهب شابة، تنافس أصحاب الخبرة على مقاعد في التعداد الأول للمنتخب الوطني الأول، في صورة المصارع فادي روابح، إشراق شايب، ومديوني فالح وغيرهم، حيث  أظهروا أداءا قويا من خلال جاهزيتهم الكبيرة وقدرتهم على المنافسة أمام أبرز المنافسين. وعليه تعكس هذه النتائج، الجهود المبذولة على مستوى التحضير والتكوين داخل المنتخب الوطني، كما تؤكد الإرادة الكبيرة لدى الرياضيين، في رفع راية الجزائر في مختلف المحافل الرياضية.

101 ميدالية وحصاد ذهبي للشباب في موعد أنغولا

واختتمت الجزائر برنامج منافساتها بالمشاركة في الألعاب الإفريقية للشباب، التي جرت مؤخرا بأنغولا، بحصيلة لافتة تؤكد المكانة المتصاعدة للرياضة الجزائرية على المستوى القاري، بعدما بلغ رصيدها 101 ميدالية كاملة. 

ومنذ صافرة انطلاق النسخة الرابعة من هذا الحدث القاري، في العاشر من ديسمبر، فرض شبان الجزائر أنفسهم بقوة في مختلف التخصصات، مقدمين عروضا تنافسية عالية المستوى، عكست جودة التحضير وثراء القاعدة الرياضية الوطنية. وتوزعت الغلة الجزائرية، بين 39 ميدالية ذهبية، و26 فضية، و36 برونزية، في إنجاز يعكس التوازن بين الأداء الفردي والجماعي، ويمنح الجزائر موقع الوصافة في جدول الترتيب العام، خلف منتخب جنوب إفريقيا المتصدر.

هذا الإنجاز لم يأت من فراغ، بل يعكس المستوى المتطور الذي أبان عنه الرياضيون الجزائريون، سواء في الألعاب الفردية أو الجماعية، حيث برزت أسماء شابة واعدة أظهرت شخصية تنافسية قوية وانضباطا تكتيكيا عاليا، مكنها من مجاراة أفضل المدارس الرياضية الإفريقية، كما تعكس النتائج المسجلة نجاح السياسة المعتمدة في التكوين القاعدي، والدعم المتواصل الذي تحظى به الفئات الشبانية، في إطار استراتيجية تهدف إلى إعداد جيل قادر على ضمان الاستمرارية ورفع الراية الوطنية في المحافل القارية والدولية مستقبلا.ولا تقتصر أهمية هذه الحصيلة على الجانب العددي فقط، بل تتجاوزها إلى البعد المعنوي، إذ تعزز مكانة الجزائر كقوة رياضية صاعدة في القارة الإفريقية، وتؤكد أن الاستثمار في الشباب يظل الخيار الأمثل لبناء منظومة رياضية قوية ومستدامة. وفي مشهد تاريخي سيظل محفورًا في ذاكرة الرياضة الجزائرية في العام المنقضي، توج نادي أولمبي الواد لكرة اليد بلقب البطولة الوطنية للموسم الرياضي 2024/ 2025، في إنجاز استثنائي يعكس روح العزيمة و الإصرار التي تحلى بها أبناء نادي أولمبي الواد لكرة اليد طيلة هذا الموسم الرياضي.وسط أفراح جماهيرية عارمة، رَفع لاعبو نادي أولمبي الواد لكرة اليد الكأس الغالية، مؤكدين أن الحلم ممكن حين تتوحد الجهود و تتلاقى الطُموحات تحت راية العمل الجاد و الإنتماء الحقيقي.  

وانتهت السنة بمشاركة متميّزة للمنتخب الوطني للدراجات في البطولة الإفريقية، التي جرت بكينيا بعدما جمع حصيلة مشرفة 7 ميداليات منها 2 ذهبية و2 فضية .ونفس البروز والتألق سجلتها عناصر المنتخبات الوطنية للتنس الطاولة، البادمينتن، الكانوي كياك خلال مشاركتهم في البطولات الافريقية عندما توجوا باللقب القاري.

حصاد وفير في مونديال ألعاب القوى لذوي الهمم

على نفس الخطى، أنهت الجزائر مشاركتها في مونديال ألعاب القوى لذوي الهمم، بنيودلهي الهندية، بحصاد وفير شمل تسع (9) ميداليات (3 ذهبية، 3 فضية، و3 برونزية)، محتلة بذلك المرتبة 19 في جدول الميداليات من بين 65 دولة متوجة من أصل حوالي مئة دولة مشاركة، وهو تصنيف يجعل منها أول دولة إفريقية وعربية في هذه البطولة، مما يؤكد مكانتها كمرجع إقليمي في ألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة، ولا تقتصر هذه الحصيلة على عدد الميداليات، بل تعكس أيضا نجاح الأهداف التي كانت قد حددتها الاتحادية الجزائرية لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة. وإلى جانب التتويجات، حقق الرياضيون عدة أرقام قياسية وطنية وأفريقية، وأبرزها رقم عالمي جديد يعود للبطلة صفية جلال، المتوجة في رمي الجلة (فئة F57) برمية بلغت 11.67 متر. ويؤكد هذا الإنجاز العالمي مجددا على استمرارية تألقها وعلو كعبها ومكانتها كمرجعية في اختصاصها. وإن كان رياضيو النخبة، قد أدوا دورهم المنتظر، فإن الوجوه الجديدة في المنتخب قد تركت هي الأخرى بصمتها، ومن أبرزهم عبد الهادي بودراع الذي فاجأ الجميع بإحرازه الميدالية الفضية في سباق 5000 متر (فئة T13)، وذلك في أول مشاركة عالمية ودولية له.