المؤرخ مولود عويمر ضيف موعد “أربعاء الكلمة”:

“الثورة الجزائرية في الدراسات المعاصرة” مجال بحث مفتوح

“الثورة الجزائرية في الدراسات المعاصرة” مجال بحث مفتوح
  • 174
مريم. ن  مريم. ن 

استقبل ميدياتيك عبان رمضان بالعاصمة، الأربعاء الأخير، المؤرخ الدكتور مولود عويمر لعرض كتابه “الثورة الجزائرية في الدراسات المعاصرة”، في طبعته الثانية المنقحة الصادرة مؤخرا عن شركة الأصالة للنشر والتوزيع، ضمّنها دراسات هامة تناولت جوانب مهمة من تاريخ الثورة.

أشار الدكتور مولود عويمر، خلال مداخلته، أن الكتاب جاء في أربعة فصول رئيسية، خصص الأول منها للثورة الجزائرية في الكتابات الجزائرية، فيما تناول الفصل الثاني حضور الثورة في الدراسات العربية، وركز الفصل الثالث على الكتابات الفرنسية حول الثورة الجزائرية، وخصص الفصل الرابع لمصادر البحث في تاريخ الثورة التحريرية، كما أشار إلى أن مقدمة الكتاب تطرقت إلى دوافع التأليف والمنهجية المعتمدة، مع تقديم عرض موجز لمضامين الفصول، قصد تسهيل القراءة السريعة ومنح القارئ فكرة عامة عن محتوى العمل.

أسهب الضيف في الحديث عن البدايات الأكاديمية للبحث في تاريخ الثورة، مؤكدا أنه اتجه في بداية عمله إلى تتبع رسائل الدكتوراه المنجزة خارج الوطن، خاصة في الجامعات الفرنسية، بسبب تأخر إنجاز هذا النوع من الدراسات داخل الجزائر، مستعرضا عدد من الباحثين الجزائريين الذين كانوا من أوائل من تناولوا الثورة الجزائرية في أطروحات جامعية، على غرار محمد طبية، سليمان الشيخ، ومحمد حربي.

شهدت مرحلة الثمانينيات، انخراط عدد من المؤرخين الجزائريين في مسار دراسة الثورة التحريرية، من بينهم أبو القاسم سعد الله، أحد أبرز مؤرخي الجيل الأول بعد الاستقلال، موضحا أن المدرسة التاريخية الجزائرية المعاصرة بدأت مع مبارك الميلي، صاحب “تاريخ الجزائر القديم والحديث”، وأيضا العلامة عبد الرحمن الجيلاني وأحمد توفيق المدني، قبل أن تتعزز بإسهامات محفوظ قداش فيما بعد، وكذا عطاء مولاي، وبن حميس، وقد حاول الدكتور عويمر في كتابه مقاربة هذه الكتابات وتحليلها.

فيما يتعلق بالمساهمات العربية، ذكر المتحدث عدد من المفكرين والأدباء العرب الذين اهتموا بالثورة الجزائرية، من بينهم طه حسين في مقالاته ، وعباس محمود العقاد، والروائي يوسف إدريس، والصحفي سعد زغلول، الذي التحق بجبال الجزائر في الثورة وسجل شهادات حية ومصورة مع المجاهدين ، ليصدر بعدها  كتابه عن ثورة التحرير الجزائرية ، كما أشار المحاضر إلى الدور الذي لعبته مجلتا “الآداب” اللبنانية و«الفكر” التونسية في التعريف بالقضية الجزائرية.

بخصوص الكتابات الفرنسية، فالاهتمام بالثورة جاء متأخرا، وقد ذكر الدكتور عويمر شارل روبير أجرون، الذي كرّس حياته لكتابة تاريخ الجزائر، إضافة إلى أسماء أخرى مثل بنجامين ستورا وموريس فالس، علما أن هذه الدراسات مكنت الباحثين من الوصول إلى أرشيفات ووثائق تاريخية مهمة.

ضمت هذه الطبعة المنقحة من الكتاب إضافات علمية، من بينها دراسة للمؤرخ الجزائري الدكتور محمد العربي الزبيري، وبحثان لمؤرخين فرنسيين هما “آني راي غولدزير” و«جاك فاليت”، إضافة إلى مراكز البحث الفرنسية الرائدة في هذه البحوث التاريخية، زد على ذلك دراسات حول تأثير الثورة الجزائرية على النخبة العربية ودور فرانز فانون، فضلا عن إدراج رسالتين للأمير عبد الكريم الخطابي والشيخ أبي بكر جابر الجزائري تتعلقان بدعم الثورة الجزائرية.

كانت المناقشة التي أقبت اللقاء جد ثرية منها ما تعلق بالمذكرات ابتداء من مذكرات محمد لبجاوي  وفرحات عباس وكذا المذكرات التي كتبت مباشرة بعد الاستقلال وحتى الثمانينيات وكلها كتبت خارج الجزائر ، ومع الانفتاح السياسي راجت المذكرات وازدادت يوما بعد الآخر لتصبح كما سماها الأستاذ عويمر ظاهرة ، كما توقف المحاضر عند مؤهلات المؤرخ الأكاديمي، وكذا التأريخ للبسطاء الذين ساهموا في الثورة منهم الأطفال والتجار والفلاحين وغيرهم وقد كتب عنهم مصطفى لشرف ومحمد حربي، وبالمناسبة دعا المتحدث لضرورة الاعتناء بجمهور الباحثين من المؤرخين من خلال مراكز البحث والنشر والترجمة وتمويل البحوث ليقول “هم (أي الأجانب ) ليسوا أحسن ولا أقدر منا حسبما شاهدته عند دراساتي العليا بفرنسا لكنهم متفوقون بإمكانياتهم المادية “.

الدكتور مولود عويمر، من مواليد العاصمة سنة 1968، أستاذ للتعليم العالي بجامعة الجزائر 2، وله في رصيده 27 مؤلفًا في التاريخ وقضايا الفكر المعاصر.