أوصى المشاركون في الندوة الوطنية حول "سؤال الهوية في الأدب الجزائري المهاجر"، التي نظمتها كلية الآداب والحضارة الإسلامية بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، بضرورة إنشاء قاعدة بيانات وطنية خاصة بالأدب الجزائري المهاجر، ودمج موضوع الهوية في المناهج الجامعية، إلى جانب ترقية الندوة إلى ملتقى وطني يقام سنويا بمناسبة اليوم الوطني للهجرة، تكريسا لأهمية الأدب في التعبير عن الذاكرة والانتماء والهوية الجزائرية في بعدها الإنساني الكوني.

كما شدد الأساتذة والباحثون، أول أمس، على تشجيع المقاربات المقارنة في دراسة الأدب الجزائري المهاجر، والانفتاح على الدراسات العابرة للتخصصات لتوسيع زاوية النظر نحو البعد الاجتماعي والأنثروبولوجي واللساني، بهدف فهم مسألة الهوية في النصوص الأدبية المهاجرة بوصفها نتاجا لتداخل عوامل لغوية وثقافية وتاريخية.

شارك في الندوة نخبة من الأساتذة والباحثين من جامعات باتنة، الجزائر 1، المدية، وأم البواقي، حيث تناولت المداخلات إشكالية موقع الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية داخل المشهد الثقافي الوطني والعربي والدولي، من خلال بلورة مقاربات نقدية جديدة قادرة على تفكيك هذه الإشكالية واستكشاف رهاناتها الفكرية والجمالية.

في هذا السياق، قدمت الأستاذة شهرة بلغول مداخلة بعنوان “الهوية في الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية”، حيث أبرزت من خلالها تمثلات الهوية في الرواية الجزائرية وتباينها بتباين الحقب التاريخية والتجاذبات السياسية التي أسهمت في بلورتها، كما سلطت الضوء على العلاقة بين الذات الجزائرية والآخر الفرنسي في أبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية، مستعرضة نماذج روائية تجسد هذا التفاعل بين الذاكرة الوطنية والانفتاح على العالم.

من جهته، أكد الأستاذ الدكتور الطيب بودربالة من جامعة الحاج لخضر بباتنة، أن العديد من الأدباء الجزائريين على غرار كاتب ياسين ومولود فرعون ومولود معمري، استعملوا اللغة الفرنسية كأداة لمخاطبة العالم لا كرمز تبعية، مستشهدا بقول كاتب ياسين إن “الفرنسية غنيمة حرب”، وهو ما يعكس تحويل لغة المستعمر إلى وسيلة للمقاومة الثقافية، كما اعتبر بودربالة أن الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية يجسد في عمقه رحلة بحث عن الذات ومحاولة للتوفيق بين الانتماء العربي الأمازيغي الإسلامي واللغة الفرنسية التي أصبحت فضاء للإبداع والتعبير.