موريتانيا ضيف شرف

تجذير الروابط الثقافية بين الجزائر وبلاد

تجذير الروابط الثقافية بين الجزائر وبلاد
وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة - وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان والنّاطق باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد مدو
  • 173
 مريم . ن مريم . ن

يستقبل صالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته الثامنة والعشرين في الفترة من 29 أكتوبر وحتى 8 نوفمبر، موريتانيا كضيف شرف في خطوة تعكس عمق الروابط الثقافية بين البلدين، وتبرز المكانة المتميّزة لموريتانيا كبلد زاخر بالتاريخ والإبداع. 

تتميّز مشاركة موريتانيا في صالون الجزائر الدولي للكتاب بالتنوّع والغنى، إذ تتضمّن عروضا وبرامج أدبية وثقافية ثرية، وكتبا وإصدارات جديدة لمؤلفين ومفكّرين موريتانيين ومخطوطات، إلى جانب ندوات فكرية تناقش قضايا الأدب والتراث والتاريخ المشترك، وتعكس تنوّع المشهد الثقافي فيها وثراء تراثها الشعبي والأدبي، كما ستقام أمسيات شعرية تتيح للجمهور فرصة التعرّف على ملامح الفن الموريتاني الأصيل.

بالمناسبة حلّ وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان والنّاطق باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد مدو، بالجزائر ليشارك في افتتاح طبعة هذه السنة، وقد استقبلته وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، في لقاء شكّل فرصة لبحث آفاق التعاون الثقافي بين البلدين الشقيقين، وقد أشادت الوزيرة، في ختام اللقاء بالعلاقات المتميّزة والتعاون المثمر بين الجزائر وموريتانيا في صون التراث وتثمينه ضمن البعد الإفريقي والعربي المشترك.  

شراكة استراتيجية مبنية على عوامل تاريخية 

لإشارة تشهد العلاقات الجزائرية ـ الموريتانية تطوّرا متميّزا في مجالات ديبلوماسية واقتصادية وثقافية في قطاعات استراتيجية، وتتّجه نحو بناء شراكة استراتيجية شاملة، ومن العوامل التاريخية والثقافية التي توطّد هذا التعاون التواصل الحضاري بين البلدين والشعبين، فهناك الروابط الدموية والعائلية منذ التاريخ القديم، والتراث اللّغوي والثّقافي المشترك، كما أنّ وحدة المذهب المالكي والانتماء إلى طرق صوفية واحدة منها التجانية والقادرية والكنتية ستظلّ معابر حدود ناعمة توحّد الشعبين.

كانت حواضر موريتانيا والجزائر منارات علمية تبادل فيها العلماء الإجازات، وكانت المشيخة العلمية متبادلة، فحواضر أدرار والساورة (بشار) وتلمسان وبجاية وتندوف، ومنها زواياها مثل زاوية محمد المختار بلعمش في تندوف، كانت معاهد علميّة درس فيها الموريتانيون، كما كانت شنقيط التي تسمّى "أرض المحاظر" ـ أي الزوايا والمدارس العلمية ـ اشتهرت بها مدن كانت مراكز إشعاع علمي مثل ولاتة وتيشيت التي كان يقصدها الجزائريون للتعلّم وأخذ الإجازات. هذه المعابر الروحية والثّقافية والأدبية، والروابط العائلية هي القوة النّاعمة والثّروة التاريخية في بناء علاقات أخوية وسياسية واقتصادية وثقافية دائمة من أجل التطوّر ومجابهة المخاطر.

برنامج ثري وأسماء وازنة

تنظّم في هذا المضمون "الجزائر وموريتانيا: مرجعيات مشتركة" ينشّطها كلّ من محمد يحيا باباه وحمدادو بن أعمر وحاج أحمد عبد الله ومحمد لمرابط آجيد من موريتانيا، وحمدي علال الدافر من الصحراء الغربية، وينشطها عروس الزبير. ندوة ثانية تقام في المعرض خاصة بـ"أهم محطات التواصل الثّقافي بين الجزائر وموريتانيا، وإبراز التأثيرات العلمية والرود وحركتها بين البلدين" ينشطها الأستاذان ددود ولد عبد الله، ويحيى ولد البراء، ويدير هذه الجلسة خليل ولد النحوي، برمجت أيضا محاضرة عن "الأدب والموسيقى القواسم المشتركة بين الجزائر وموريتانيا" يلقيها الأستاذ أحظانا محمدو، مع حضور معقبين وهم خدي بنت شيخنة، جاكيتي الشيخ ساك، القاضي محمد عينينا، الدوه ولد بنيوك.

تبقى موريتانيا المعروفة ببلد المليون شاعر، تمثّل نموذجا فريدا في المنطقة المغاربية من حيث عمقها الثقافي وتنوّعها اللّغوي والحضاري، فمن مدنها التاريخية العريقة مثل شنقيط ووادان وولاتة وتيشيت، انطلقت حركة علمية وثقافية كان لها أثر بارز في نشر المعرفة وحفظ المخطوطات وبناء الجسور بين المشرق والمغرب. 

البعدان العربي والإفريقي في النّسيج الاجتماعي والفنّي

تتميّز الثقافة الموريتانية بتداخل البُعدين العربي والإفريقي في نسيجها الاجتماعي والفنّي، ما يجعلها فضاء غنيا للتبادل والإبداع. العلاقات الثقافية بين الجزائر وموريتانيا ضاربة في عمق التاريخ، إذ يجمع البلدين إرث مشترك وروابط أخوية راسخة، وقد شكّلت الثّقافة على مرّ العقود جسرا متينا بين الشعبين، من خلال تبادل الزيارات والمشاركات في المهرجانات والملتقيات الفكرية، ويأتي اختيار موريتانيا ضيف شرف في هذه الدورة ليؤكد عمق هذه العلاقات، ويجسّد إرادة البلدين في توسيع آفاق التعاون الثّقافي وتعزيز التواصل بين المبدعين الجزائريين والموريتانيين. التكريم الذي يعيد التأكيد على الأواصر الثّقافية العميقة بين البلدين، ويأتي صالون الجزائر الدولي للكتاب ليكرّس دوره كجسر للحوار والتبادل الثّقافي، جامعا بين الأدب الجزائري بروحه الوطنية، والشعر الموريتاني بنفسه الصحراوي الذي يخلّد الحكاية ويعانق الحرية.