من "سر المهنة" إلى خطر على المستهلك

غياب الضبط يهدد سوق الزيوت الطبيعية

غياب الضبط يهدد سوق الزيوت الطبيعية
  • 148
رشيدة بلال رشيدة بلال

استقطبت حرفة استخلاص الزيوت العطرية والطبية عدداً كبيراً من السيدات، سواء من الحاملات لمؤهلات علمية أو الماكثات بالبيوت، خاصة تلك الموجهّة لعالم التجميل والعناية الجسدية. ويعكس ذلك التواجد المكثف للعارضات في هذا التخصّص، غير أنّ ضعف الرقابة على مثل هذه المنتجات دفع عدداً من المختصين من أصحاب التكوين العلمي إلى المطالبة بضرورة ضبط هذا النشاط، بعدما لجأ بعض الحرفيين إلى إخفاء بعض المكونات والتذرع بعبارة "سر المهنة".

عادة ما يتم تداول عبارة "سر المهنة" في بعض الصناعات اليدوية، حيث يفضّل أصحابها عدم الكشف عن مكوّناتها حتى لا يتم تقليدهم أو منافستهم، وهو أمر يبدو طبيعياً في بعض الصناعات التقليدية. غير أنّ الأمر مرفوض تماماً، كما تؤكده الأستاذة منيرة غربي، الحرفية المختصة في استخراج الزيوت الأساسية والعطرية، عندما يتعلق الأمر بمنتجات موجهة للاستعمال الخارجي أو الداخلي، لما قد ينجر عن ذلك من أضرار صحية مباشرة.

تضيف غربي، التي كانت أطروحة تخرّجها حول الزيوت العطرية من النباتات الطبية، أنّها من الأوائل اللواتي قدّمن مشروعاً في هذا التخصّص، غير أنّه ظلّ من المشاريع النادرة التي لم تحظ بالدعم من وزارة الفلاحة مقارنة مع تخصّصات أخرى كون هذا التخصص كان من التخصصات القليلة أو النادرة فيما مضى، ولم يكن يحظى بالدعم المالي. وتشير إلى أنّ أول النباتات التي استخلصت زيوتها كانت النعناع، العرعار والشيح، حيث يتم استخراج المادة الأولية للاستعمالات العلاجية الخارجية.

وتروي المتحدثة إحدى التجارب التي صادفتها في أحد المعارض، حين لاحظت أنّ إحدى الحرفيات لا تدوّن كلّ المواد على الملصقة الخاصة بالمنتج. وعند سؤالها عن السبب أجابت أنّها تحتفظ بالمكون الرئيسي "سراً"، وهو ما اعتبرته الأستاذة غربي خطأً فادحاً يعكس ضعف التكوين لدى بعض الممارسات لهذا النشاط، خاصة وأن هذه المنتجات تمس بصحة الإنسان. وتضيف "ليس من العيب أن تكون بعض الحرفيات ماكثات بالبيوت، بل إن الكثير منهن شاركن في دورات تكوينية، لكن من الضروري الالتزام بذكر جميع المعلومات المتعلقة بالمنتج على العلبة لتفادي أي مضاعفات صحية للمستهلك".

وكمثال على ذلك، منتجات قد تحتوي على مكوّنات تسبّب الحساسية لبعض المستهلكين، لكن غياب ذكرها على الملصقة قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. والأدهى من ذلك تضيف أنّ بعض الممارسات للنشاط يرفضن حتى الأخذ بالنصيحة ويصرن على التمسّك بآرائهن، الأمر الذي يفرض حتمية إخضاع النشاط للرقابة، خاصة بالنسبة لمن يزاولها دون بطاقة حرفي، مكتفيات بالترويج عبر منصات التواصل الاجتماعي باستعمال تغليف جذاب لاستقطاب الزبائن، رغم أن المنتج في أحيان كثيرة لا يخضع للمقاييس المطلوبة، بل وقد يحتوي على مواد كيماوية مسوّقة على أنّها طبيعية.

من جهة أخرى، أوضحت غربي، أنّ العامل الاقتصادي يُعدّ واحداً من أبرز أسباب توجّه عدد كبير من النساء نحو منتجات التجميل المعدّة من مواد طبيعية، خاصة وأنّ الطلب عليها ارتفع بشكل لافت في السنوات الأخيرة. غير أنّ هذا الإقبال خلق نوعاً من الفوضى في السوق، ما يتطلب، حسبها، ضرورة فرض رقابة صارمة على هذه المنتجات، خصوصاً تلك التي تُسوّق من طرف حرفيات لا يحملن بطاقة حرفي، وهو ما يعني عملياً أنّ منتجاتهن غير مراقبة ويمكن أن تشكل تهديدا  للصحة.