عشية ذكرى ثورة نوفمبر
"الأفيون والعصا"بعنابة
- 209
سميرة عوام
عُرض بدار الثقافة "محمد بوضياف" بعنابة، أوّل أمس، الفيلم الجزائري الكلاسيكي "الأفيون والعصا"، وذلك احتفاءً بالذكرى المجيدة لاندلاع ثورة نوفمبر 1954. حضر العرض جمهور غفير من عشاق السينما والثقافة، المعروفين بـالجمهور العنابي، الذين تابعوا أحداث الفيلم بانتباه وتفاعلوا مع كل مشهد يعكس صمود الشعب الجزائري وتضحياته في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
يعد فيلم "الأفيون والعصا" من أبرز الأعمال السينمائية الجزائرية التي تتناول حقبة الاحتلال الفرنسي، وهو من إخراج أحمد راشدي، الذي نجح في تقديم سرد درامي يمزج بين التاريخ والإنسانية. الفيلم مستوحى من رواية الكاتب الجزائري مولود معمري، ويروي قصة بشير، الطبيب الذي يعود إلى قريته في منطقة القبائل ليجد نفسه في قلب الصراع بين المستعمرين الفرنسيين وجيش التحرير الوطني. عبر شخصية بشير، يصوّر الفيلم الصراع بين الولاء للوطن والاختبارات الشخصية التي فرضتها الظروف الاستعمارية، ليعكس بذلك التحديات التي واجهها الجزائريون في تلك الفترة.
تألق في أداء الأدوار كل من سيد علي كويرات في دور بشير، وماري جوزي نات في دور فروجة، وأحمد بن عيسى في دور علي، ومحمد سيفاو في دور بلعيد. وقد أضفى هؤلاء الممثلون عمقًا وإحساسًا حقيقيًا على الشخصيات، ما جعل المشاهد يعيش تجربة مشحونة بالانفعالات والرموز الوطنية. يحمل عنوان الفيلم رمزية مزدوجة، فـالأفيون يرمز إلى أدوات السيطرة والقمع، بينما تمثل العصا روح المقاومة والصمود. وقد استخدم المخرج هذه الرمزية بمهارة، من خلال لغة سينمائية متقنة تجمع بين الصورة والموسيقى واللقطات التعبيرية، لتقديم تجربة تاريخية مشوقة ومؤثرة.
تفاعل الجمهور العنابي بشكل لافت، مع تصفيق حار في العديد من المشاهد التي جسدت البطولة والمقاومة. وبعد العرض، أُقيم نقاش مفتوح حول رمزية الفيلم وأهميته في تعزيز الوعي التاريخي للأجيال الجديدة. واختتمت الأمسية وسط أجواء من الإعجاب والاعتزاز، حيث خرج الحضور حاملين صورة حيّة عن التضحيات والصمود الجزائري، مؤكدين على دور السينما في صون الذاكرة الوطنية وتعزيز الهوية الثقافية، خاصة في المناسبات التي تستحضر عبق الماضي وإشراقة المستقبل.
"القراءة في احتفال"
تكريس للمطالعة واحتفاء بالإبداع المحلي
تتواصل الطبعة الثالثة عشرة من المهرجان الثقافي المحلي "القراءة في احتفال"، الذي تنظمه مديرية الثقافة والفنون لولاية عنابة وبالتنسيق مع المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "بركات سليمان"، إلى غاية 1 نوفمبر القادم. بحضور مميز لعدد من الفاعلين الثقافيين، والمبدعين، والكتاب، وممثلي الجمعيات، إضافة إلى جمهور واسع من عشاق القراءة والثقافة.
وضع المهرجان خطة برنامجية ثرية تشمل ورشات أدبية وفنية، ومعارض للكتاب والفن التشكيلي، إضافة إلى جلسات الحكواتي اليومية التي تسعى إلى إحياء التراث الشعبي وتغذية خيال الأطفال بالقصص والقيم الإنسانية. كما يتضمن البرنامج مسابقات فكرية وثقافية موجهة لمختلف الفئات العمرية، تهدف إلى تحفيز الإبداع والتنافس الثقافي الشريف. في إطار البعد الاجتماعي والثقافي للمبادرة، ستجوب قافلة القراءة مختلف المناطق النائية بولاية عنابة، حاملة الكتب والأنشطة إلى الفئات البعيدة عن مراكز المدن، إلى جانب تنظيم خرجات علمية وثقافية للأطفال، تُكرّس ثقافة القرب والتفاعل الميداني مع الجمهور.
يؤكد المنظمون أن الطبعة الثالثة عشرة من المهرجان تأتي لتجدد العهد مع الكتاب، وتجعل من القراءة احتفالًا بالوعي والمعرفة، وبالانتماء إلى وطن يؤمن بأن الثقافة هي عماد التنمية والهوية. بين رفوف الكتب وأصوات الحكواتيين، تنبض عنابة بالإبداع والحياة، مجسدة رسالة مفادها أن القراءة ما تزال وستظل جسرًا للتنوير ونافذة نحو المستقبل.