الملتقى الدولي "الجزائر في الحضارة" على هامش "سيلا 28"

إسهام أزلي في تراث الإنسانية وبناء قيمها المعرفية والروحية

إسهام أزلي في تراث الإنسانية وبناء قيمها المعرفية والروحية
  • 148
مريم. ن مريم. ن

ينظّم صالون الجزائر الدولي للكتاب يوم 4 نوفمبر بفندق الأوراسي، ملتقى دوليا عنوانه "الجزائر في الحضارة" ، يبرز الإبداع الحضاري الجزائري من خلال الآثار، والنقوش، والتراث المادي واللامادي. ويقف عند مساهمة الجزائر في الحضارة الإنسانية.

جاء في مقدمة الملتقى أن الجزائريين أبدعوا نصوصا مازال تأثيرها ساريا في الفكر الإنساني. فعبر مراحل التاريخ كان الإنسان الجزائري فاعلا حضاريا؛ إذ قامت على أرضه دول وإمارات ذات إشعاع. وأنشأت مدارس علمية انتشرت في ربوع البلاد. كما هاجر علماء جزائريون نحو بلدان عربية وغربية وإفريقية. وأشاعوا في تلك البلدان المعرفة، وكانوا مراجع في العلم، والأدب، والفكر والدين.

وما يعزّز هذه الفكرة، كما جاء في المقدّمة، أنّ ثقافتنا وتراثنا يتسمان بخاصية الحوار، والانفتاح؛ فقد تأثّر وأثّر، أخذ وأعطى، وعليه فإنّ إحياء هذه الخصائص الحضارية يساهم في ربط الأجيال بماضيهم المشرق، والاعتزاز به. ويؤكّد أن الحوار مع الثقافات الأخرى يكرّس القيم الإنسانية التي لا تكون إلاّ بالاجتهاد والإبداع، وهو الحصن المنيع للهوية الوطنية الموحّدة والهوية الجامعة.

كما تطرح إشكالية الملتقى مساهمة الجزائر في الحضارة الإنسانية من خلال إنجابها قامات علمية وأدبية وسياسية من القديس أوغسطينوس ولوكيوس أبوليوس، إلى يوغرطة، ويوبا، وميقيسا ابن ماسينيسا. وظلت الرسوم والنقوش الصخرية في ربوعها، تحكي قصة تطوّر الإنسان وحضارته على مرّ آلاف السنين.

كما امتدّ الإسهام الجزائري ليشمل الفكر الروحي، والنضال من أجل الكرامة الإنسانية. ومع تعاقب العصور برز علماء جزائريون أغنوا الفكر العالمي؛ مثل أبي يعقوب الورجلاني، وابن معطي الزواوي، وابن خلدون، وعبد الكريم المغيلي. وأشعّت مدارس علمية بأنوارها كمدرسة تيهرت وبجاية، ومازونة، وتلمسان، وتوات، وغرداية. واستمر هذا العطاء الحضاري على أيدي كبار العارفين والفقهاء؛ كأحمد التجاني، والأمير عبد القادر، وابن باديس. وقد كان للطرق الصوفية دورها الكبير في نشر الوعي، والتحرير في إفريقيا. 

وخلال توسّع أعمال المقاومة المسلحة وتنامي أصوات الحركة الوطنية واندلاع ثورة التحرير المجيدة، كانت نصوص الحرية والكرامة والمقاومة، حسبما تضمّنت الإشكالية، حاضرة بقوّة في أعمال فرانز فانون، ومحمد شريف ساحلي، ومحند تازروت، ومحمد ديب، وكاتب ياسين، ومفدي زكريا. وبعد الاستقلال برزت أسماء فاعلة كمصطفى لشرف، ومولود قاسم نايت بلقاسم، وعبد الحميد بن هدوقة، ومالك بن نبي، ومحمد أركون، والطّاهر وطار، وآسيا جبار وغيرهم من المبدعين الذين جمعوا بين المحلية والعالمية، ليعبّروا عن قوّة المقاومة، والانتصار للحقّ.

ومن ضمن ما جاء في إشكالية الملتقى أيضا، "ظلّت هذه الأرض المباركة مهدا للحضارة، هويتها أصيلة ومبدعة، ومنفتحة، وفيها من اللآلئ والقوة الإبداعية، فلم تكن الكتابة والمعرفة رجع صدى، بل إبداع جمع بين المحلية والعالمية، فيه الحوار، وقوّة المقاومة من أجل الوطن، والحرية، والدفاع عن الشعوب المستضعفة، والقضايا العادلة. وترتكز محاور الملتقى على قسمين، هما "الجزائر: موطن الفكر والإبداع والامتداد الثقافي" ، و"المحلية والعالمية: قيم التواصل والتفاهم ".

ومن أهدافه تثمين جهود قطاع الثقافة والفنون من خلال ما سيحقّقه هذا الملتقى من أهداف، وإظهار المكانة العالمية لتاريخ الحضارة والعلم، والاحتفاء بالفكر في الجزائر، مع تسليط الضوء على فضل الجزائر على الإنسانية في قضايا الدفاع عن الأرض، والحرية، وقيمة الإنسان. ومن الأهداف التي يصبو إليها الملتقى أيضا، الوقوف على الحضور الروحي للجزائر في إفريقيا؛ من خلال الطّرق الصوفية، وكذا إبراز قيمة المحلية في الكتابة والإبداع كجوهر العالمية.

للإشارة، يقدّم المحاضرة الافتتاحية للملتقى الدكتور بومدين بوزيد. ويدير الجلسة الدكتور جمال يحياوي، والتي سيتدخل فيها كلّ من أستاذ الفلسفة فتحي التريكي من تونس، وأوليفيي غلوغ  أستاذ الدراسات الكولونيالية من جامعة كارولينا الشمالية، والباحث البريطاني جيمس ماك دوغال، والباحث حسني كيتوني من الجزائر، فيما ينشّط الجلسة الثانية الدكتور حسان أعراب. ويتدخّل فيها كلّ من الأساتذة أحمد نسيم برقاوي مفكّر وشاعر من فلسطين، والخضر عبد الباقي مدير مركز الأبحاث في اللغة العربية من نيجيريا، وياسين بن عبيد مدير المركز الثقافي بجامع الجزائر، وفارح مسرحي أكاديمي من جامعة باتنة، وبرونا بانياتو أستاذة التاريخ بإيطاليا.