بينما يعمل الكيان الصهيوني على إفشاله

ترامب يدفع باتجاه تثبيت وقف إطلاق النار في غزة

ترامب يدفع باتجاه تثبيت وقف إطلاق النار في غزة
  • 163

يواصل الاحتلال الصهيوني قتل الفلسطينيين في غزة حتى بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار برعاية أمريكية ويلقي باللائمة على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بأنها السباقة لخرقه في اتهام شهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بنفسه على أنه لا أساس له من الصحة ليضع حكومة الاحتلال أمام التزاماتها التي تريد التنصل منها كما تفعل في كل مرة بحجج واهية.

تشير إحصائيات سلطات قطاع غزة إلى استشهاد ما لا يقل عن 45 فلسطينيا منذ فجر أول أمس برصاص وغارات جيش الاحتلال الصهيوني في خرق خطير لاتفاق وقف إطلاق النار المتوصل إليه في التاسع أكتوبر الجاري بعد جهود حثيثة ومفاوضات شاقة، ودخل حيز التنفيذ في اليوم الموالي بعد عامين كاملين من حرب إبادة مروعة أتت على الأخضر واليابس في القطاع.

وراحت حكومة الاحتلال وكعادتها تبرر خروقاتها المتواصلة للاتفاق، والتي بلغ تعدادها 80 خرقا إلى غاية أمس، بالزعم أن المقاومة هي من بدأت أولا في خرقة، في اتهام سارعت حركة "حماس" لنفيه، وأكدت عدم تورط مقاوميها في الاشتباكات التي اندلعت أول أمس برفح  جنوب القطاع واتخذتها حكومة الاحتلال ذريعة لتبرير مواصلة قصفها لغزة.

والمفارقة أن الرئيس الأمريكي لم ينصع هذه المرة للأكاذيب التي اعتادت حكومة الاحتلال تلفيقها لـ"حماس" لتبرأة نفسها، وقال إن الولايات المتحدة تعتقد أن قيادة "حماس" ربما لم تكن متورطة في إطلاق النار في رفح، وأن من قام بذلك كانوا مسلحين خارجين عن السيطرة، وأضاف أنه سيعالج الأمر بحزم، كما يجب.

ومثل هذا التصريح من الرئيس ترامب يشكل في حد ذاته تأكيدا على رغبة الولايات المتحدة في استمرار الهدنة ودليل على إدراكها للمناورات التي يريد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إحاكتها لإفشال الاتفاق ليعيد المنطقة إلى دوامة الحرب باعتبارها ورقة رابحة لإنقاذ مستقبله السياسي، المتواجد على المحك، على حساب مزيد من حياة العزل من أبناء الشعب الفلسطيني.

وعندما تلقي الإدارة الامريكية بكل ثقلها الدبلوماسي من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وتسارع لإرسال مبعوثين عنها ولا تكتفي بواحد إلى الكيان الصهيوني غداة خروقاته الفظيعة لهذا الاتفاق، الذي كان ترامب نفسه مهندسه، فهذا دليل آخر على اهتمامها على ترسيخ الهدنة في غزة من أجل إنقاذ صورتها كوسيط  يحترم كلمته وليس كشريك متورط في حرب إبادة غير مسبوقة بالقطاع الجريح. وحل أمس كل من المبعوثين الأمريكيين، ستيف ويتكوف وجريد كوشنير في الكيان المحتل للوقوف على متابعة تطبيق الاتفاق، الذي أكد ترامب أنه لا يزال قائما في رسالة مبطنة باتجاه نتنياهو بضرورة احترام سريانه.  

وهو ما يطرح التساؤل ما إذا كانت إدارة ترامب ستضغط بشكل جاد على حليفتها الاسرائيلية لحملها على وقف انتهاكاتها والايفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق على غرار فتح كل المعابر والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية وعبورها إلى القطاع بالكميات الوفيرة لسد الاحتياجات الهائلة لما يقل عن مليوني و400 ألف شخص حاصرهم الاحتلال على مدار عامين كاملين ومنع عنهم أبسط الحقوق الإنسانية في العيش.

وفي سياق جهود إنقاذ الهدنة، التقى وفد عن "حماس" بقيادة، خليل الحية، أمس بمسؤولين مصريين وقطريين لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع الوسطاء والفصائل والقوى الفلسطينية وبحث مرحلة ما بعد الاتفاق في ظل مواصلة الاحتلال خروقاته له. ولأن هذا الاتفاق يعتبر، بإجماع الكثير من المتتبعين، بالأصعب والأكثر تعقيدا في التنفيذ على الأرض،  فإن تثبيته أيضا يواجه تحديات كبيرة تفرض على الوسطاء وخاصة والولايات المتحدة بدل المزيد من الجهود وتقديم الضمانات الضرورية لحمايته من تعنت الاحتلال الصهيوني، خاصة مع الاستعداد لانطلاق مفاوضات المرحلة الثانية التي ستكون أكثر شدا وجذبا بين "حماس" وحكومة الاحتلال.


أقرّ بإمطار غزّة بـ153 طن من المتفجرات في ظرف 24 ساعة

نتنياهو يثبت تهمة الإبادة على نفسه

أقر رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، أمس، بأن جيشه المحتل أمطر قطاع غزّة بـ153 طن من القنابل خلال 24 ساعة فقط، في اعتراف كفيل بأثبات ارتكابه لإبادة جماعية في هذا الجزء الصغير من الأراضي الفلسطينية المحتلّة لا تتجاوز مساحته 36 كلم مربع، ويضم مليوني و400 ألف نسمة والمصنّف من الأكثر المناطق كثافة إنسانية في العالم.

وقال نتنياهو، وكأنه يتفاخر برد جيشه العنيف والهمجي على مقتل اثنين من جنوده في اشتباكات اندلعت أول أمس، برفح وشكلت خرقا خطيرا لوقف إطلاق النّار، إنه تم قصف يوم الأحد، مناطق مختلفة من القطاع بـ153 طن من المتفجرات، وهو ما تسبب في استشهاد 45 فلسطينيا من بينهم أطفال ونساء.

وإذا كان الاحتلال قد ألقى في ظرف 24 ساعة هذا الكم الهائل من المتفجرات، فكم تبلغ كمية القنابل التي ألقاها طيلة حرب إبادة دامت 730 يوما كاملا، ثم أليس مثل هذا التصريح دليل إضافي وقاطع على أنه مسؤول رئيس عن حرب الإبادة على غزّة، وبالتالي التهمة ثابتة عليه ويجب معاقبته على جرائمه المروّعة في قطاع غزّة أمام القضاء الدولي.

وتشير إحصائيات سلطات قطاع غزّة، إلى أن جيش الاحتلال أمطر قطاع غزّة بما لا يقل عن 200 ألف طن من المتفجرات خلّفت حجم دمار وركام هائلين بلغا مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث، حيث تشير التقديرات الحكومية حتى منتصف شهر أكتوبر الجاري، إلى وجود ما بين 65 إلى 70 مليون طن من الركام والأنقاض. 

وهذا الركام يضم آلاف المنازل والمنشآت والمرافق الحيوية التي دمرها الاحتلال عمدا مما حول القطاع إلى منطقة منكوبة بيئياً ومن ناحية المنشآت. وأدى إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية وعرقلة جهود الإنقاذ والإغاثة.

وستواجه عمليات إزالة الركام معوقات جسيمة أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع الاحتلال إدخالها وإغلاق المعابر بشكل كامل، إلى جانب المنع الصهيوني المتعمد لإدخال أي معدات أو مواد لازمة لانتشال الجثامين.

وهو واقع مأساوي يفرض على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية بالضغط على الاحتلال لفتح المعابر والتمكين من البدء الفوري بإزالة الركام وأنقاض المباني بعدما دمّرته آلة الحرب الصهيونية. وتشير التقديرات الأولية إلى وجود حوالي 20 ألف جسم متفجر لم ينفجر بعد، من قنابل وصواريخ ألقاها جيش الاحتلال، تمثل تهديدا كبيرا لحياة المدنيين والعاملين في الميدان وتتطلب معالجة هندسية وأمنية دقيقة قبل بدء أي أعمال إزالة.

وبالنظر إلى كل هذا الدمار والخراب والجرائم المروّعة والكوارث الإنسانية، فإن نتنياهو وباقي المسؤولين الصهاينة وحتى المتورطين معهم من الغرب في حرب الإبادة على غزّة، سيجدون أنفسهم مهما طال الزمن أو قصر ماثلين أمام القضاء الدولي لأنه "ما ضاع حق وراءه مطالب".

وذلك اليوم الذي يشهد فيه العالم انتهاء حالة الإفلات من العقاب لكيان نصب نفسه فوق القانون على مدار عقود من الزمن، لم يعد مجرد حلم باعتبار أن العديد من قادة ومسؤولي الدول أكدوا امتثالهم لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو إذا وطأة قدماه بلادهم. 

بدوره رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أكد أمس، أن بلاده ستحترم أمر الاعتقال الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ووزير الحرب السابق يوآف غالانت. وأشار كارني، في تصريحات إعلامية نقلتها على نطاق واسع وسائل إعلام عبرية إنه "إذا وصل نتنياهو إلى كندا فسيتم اعتقاله".


شنّ سلسلة اعتداءات في الضفّة الغربية والقدس المحتلّة

الاحتلال الصهيوني يواصل سياسة ترويع الفلسطينيين

يواصل الاحتلال الصهيوني سياسة ترويع الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلّة، من خلال شن قواته لاقتحامات عنيفة للأحياء السكنية والمدارس ومخيمات اللجوء، واعتقالات واسعة وتجريف أراض زراعية وسط تصاعد في وتيرة التضييق على الفلسطينيين وحماية المستوطنين.

ففي القدس المحتلّة، اقتحمت قوات الاحتلال أمس، حي الشيخ جراح شمال البلدة القديمة بمرافقة مجموعات من المستوطنين، فيما داهمت طواقم بلدية الاحتلال بلدة "سلوان" جنوب المسجد الأقصى ونفذت عمليات تفتيش ومضايقة بحق السكان وسط انتشار أمني مكثف. واعتقلت في سياق متصل، شابا من بلدة "بيت دقو" شمال غرب القدس بعد اقتحام منزله والعبث بمحتوياته. كما اعتقلت شابا من حي "أم الشرايط" بمدينة البيرة في إطار حملة اعتقالات شملت مناطق متفرقة من الضفة.ش

وواصلت حملة الاعتقالات في طوباس ونابلس وقلقيلية ورام الله بالضفة الغربية، بينما احتجزت قوات الاحتلال أكثر من 15 فلسطينيا في قرية "المغير" شمال شرق رام الله وأخضعتهم لتحقيق ميداني خلال حملة مداهمة واسعة.

وفي خربة "ابزيق" شمال طوباس، اقتحم مستوطنون بحماية جيش الاحتلال مدرسة التحدي وهددوا طواقمها بالرحيل الفورين وفق ما أفاد به رئيس مجلس قروي ابزيق عبد المجيد خضيرات، كما أقدم المستوطنون على سرقة خزانات مياه تعود للمواطن الفلسطيني، نبيل أحمد صوافطة، في حادثة تعد امتدادا لسلسلة اقتحامات متكررة للمدرسة في الأسابيع الأخيرة. أما في محافظة الخليل، فقد داهمت قوات الاحتلال منطقة "بئر عكة" شمال غرب المدينة وجرفت حوالي 70 دونما من الأراضي الزراعية والسلاسل الحجرية تعود لعائلات فلسطينية. كما اقتحمت أراضي مزروعة بأشجار العنب قرب "بيت البركة" شمالا وجرفت أراض تعود لفلسطينيين. وأغلقت في شمال رام الله البوابة الحديدية عند مدخل عطارة بما اضطر الفلسطينيين لسلك طرق بديلة طويلة.

ونصبت حاجزا قرب مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي النبي صالح وأوقفت المركبات ودققت في هويات ركابها ما أعاق حركة المرور. وبحسب تقرير صادر عن "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان"، وهي هيئة مستقلة، فقد بلغ عدد الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية في الضفة الغربية 910 حاجزا وبوابة منها 83 بوابة نصبت منذ بداية عام 2025، و247 بوابة منذ السابع من أكتوبر 2023. وفي بيت لحم، اقتحمت قوات الاحتلال قرية العساكرة وتمركزت في عدد من أحيائها وداهمت منزل الفلسطيني سليم عساكرة، وفتشته دون تسجيل اعتقالات، بينما اقتحمت في نابلس قرية "اللبن الشرقية" وتمركزت في حارة "القناطر" وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه الفلسطينيين في حارة البيادر ما أدى إلى حالات اختناق وذعر بين السكان.

وتواصلت سلسلة الاعتداءات الصهيونية غداة اقتحام قوات الاحتلال بلدة يعبد بمحافظة جنين بالضفة الغربية المحتلة، حيث داهمت عددا من المنازل في منطقتي البعاجوة والبيارة شرق البلدة، كما داهمت معصرة زيتون ومحلا تجاريا وسط تحليق طائرة مسيرة في الأجواء دون أن يبلغ عن اعتقالات. وتأتي حملات الاحتلال الصهيوني هذه في إطار السياسة المتصاعدة التي ينتهجها الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية والتي تستهدف ترويع الفلسطينيين والتضييق على حركتهم وملاحقة النشطاء والأسرى المحررين.

وتصعد قوات الاحتلال من جرائمها واعتداءاتها في مدن ومناطق الضفة الغربية منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزّة في السابع من أكتوبر عام 2023، والذي خلّف أكثر من 238 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء وما يزيد عن 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النّازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال علاوة عن دمار شامل ومحو معظم مدن ومناطق القطاع من على الخريطة.