لشتاء بلا مضاعفات، صيادلة يؤكّدون:

التلقيح المبكر يمنح مناعة أقوى ضدّ الأنفلونزا

التلقيح المبكر يمنح مناعة أقوى ضدّ الأنفلونزا
  • 173
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يوجّه خبراء الصحة خلال هذه الأيام، نداء علميا وإنسانيا ملحّا في إطار حماية الصحة العمومية، لتلقَي لقاح الأنفلونزا الموسمية. ففي ظلّ التغيّرات المناخية، وانتشار أمراض الجهاز التنفسي، وتزايد حالات الهشاشة الصحية في فئات معيّنة، لم يعد التلقيح خيارا ثانويا، بل ضرورة وقائية من الطراز الأوّل؛ حيث تطلق وزارة الصحة، كما جرت العادة كلّ عام، حملة التلقيح الوطنية ضدّ الأنفلونزا الموسمية، التي ستنطلق اليوم 21 أكتوبر، في كافة أنحاء الوطن، وتستمر طوال موسمي الخريف والشتاء.

تُعدّ الأنفلونزا من الأمراض الفيروسية شديدة العدوى، والتي تصيب الجهاز التنفسي العلوي. وقد تكون بسيطة لدى الأصحاء، لكنّها خطيرة إلى حدّ الوفاة لدى كبار السن، والأطفال، والنساء الحوامل، والمصابين بأمراض مزمنة مثل السكري، والربو، وأمراض القلب. وهنا يتدخّل دور اللقاح الموسمي باعتباره وسيلة علمية مجرّبة للوقاية من المضاعفات المحتملة للفيروس.

وتحرص الدولة في كل سنة على توفير مضادات لتلك الحالة الفيروسية الموسمية، لتخفيض الإصابات، وتوفير لقاحات وقائية ضدّ الفيروس، ليكون حينها اللقاح متوفرا منذ انطلاق الحملة في الهياكل الصحية العمومية بالمجان. ويمكن الحصول عليه، كذلك، من الصيدليات الخاصة، حيث يصرف للمستحقين مع تعويض من هيئات الضمان الاجتماعي، لا سيما للمرضى المزمنين وكبار السن. 

ويتم إعطاء اللقاح عن طريق الحقن العضلي، وغالبا في أعلى الذراع، وهو آمن، ومعتمَد من منظمة الصحة العالمية؛ إذ لا يحتوي على فيروس حيّ؛ ما يعني أنّه لا يمكن أن يسبّب الأنفلونزا كما يعتقد البعض وإن كان احتمال الإصابة بالفيروس موجودا، إلاّ أنّه يكون بدرجة خفيفة؛ لا مضاعفات خطيرة على الصحة.

اللقاح متوفّر في كلّ الصيدليات 

في زيارة إلى إحدى الصيدليات وسط العاصمة، تحدّثت "المساء" مع الصيدلانية سوسن بوشامة، التي أوضحت بعض الجوانب التقنية المتعلقة باللقاح. وقالت: "إنّ اللقاح ضدّ الأنفلونزا الموسمية هذه السنة، متوفّر لدينا منذ منتصف أكتوبر. وهو لقاح رباعي السلالات؛ أي أنّه يحمي من أربعة أنواع مختلفة من فيروس الأنفلونزا، وهي الأنواع المنتشرة عالميا حسب توصيات منظمة الصحة العالمية. ويعطى اللقاح عن طريق حقنة واحدة عضلية، وغالبا في الذراع، ولا يحتاج إلى جرعات معزّزة. فعاليته تبدأ بعد حوالي 14 يوما من التلقيح. وتستمر لعدّة أشهر، تغطي كامل موسم الشتاء ".

وعن الفئات المستهدفة تضيف: "نحن نوصي بشدّة كبار السن، والنساء الحوامل، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب والربو وحتى الأطفال ابتداء من عمر 6 أشهر، وأيضا العاملين في القطاع الصحي والتعليمي، من الضروري بأن يتلقوا اللقاح؛ لأنّهم أكثر عرضة لنقل العدوى، أو الإصابة بها ".

وتؤكّد الصيدلانية أنّ اللقاح متاح بالمجان في الهياكل الصحية العمومية. وتختم بالقول: "هذا اللقاح لا يباع في السوق السوداء، ولا يجوز اقتسام الجرعة؛ فهي معدّة للاستعمال الفردي فقط؛ فأي محاولة لتقسيمها أو إعادة استخدامها تُعدّ خطرا على الصحة، وتخالف قواعد السلامة". وأضافت محدّثتنا أنّ الصيادلة بصفتهم أحد أركان النظام الصحي، يلعبون دورا محوريا في توعية المواطنين، وتوجيههم، لا سيما أنّ الكثير من الناس يفضّلون استشارتهم قبل الإقدام على أيّ خطوة صحية.

ومن جهته، يقول الصيدلاني فيصل بلقاسم من الجزائر العاصمة: "نلاحظ كلّ عام أنّ الأشخاص الذين يتلقون اللقاح مبكرا، تكون مناعتهم أقوى خلال موجات البرد؛ لهذا نحرص على تبسيط المعلومات، وطمأنة الناس، وتوجيههم وفق ما تقتضيه الحالة الصحية لكلّ فرد ". وأشار إلى أنّ الحملة تنطلق سنويا في شهر أكتوبر؛ لأنّ فعالية اللقاح تحتاج ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع لتتكوّن الأجسام المضادة؛ لذا فإنّ أخذ اللقاح قبل ذروة انتشار الفيروس التي عادة ما تكون بين ديسمبر وجانفي، يعطي الجسم الوقت الكافي لبناء مناعة واقية.

ويشدّد على أنّ الهدف الأساسي هو تقليل معدلات الإصابة، والمضاعفات، والوفيات الناتجة عن الأنفلونزا، وتخفيف الضغط عن الهياكل الصحية، خاصة في فصل الشتاء، الذي يعرف اكتظاظا كبيرا في المستشفيات؛ بسبب أمراض التنفّس. كما تهدف الحملة إلى تعزيز ثقافة الوقاية لدى المواطن، ومنع الشائعات حول اللقاحات. وتؤكّد وزارة الصحة في كلّ بياناتها، أنّ اللقاح لا يغني عن الإجراءات الوقائية الأخرى؛ مثل غسل اليدين بانتظام، وتهوية الأماكن المغلقة، وتجنّب الاختلاط عند الشعور بأعراض الزكام أو الحمى.