افتتاح الطبعة العاشرة لمهرجان إبداعات المرأة

ترقية الإبداع النسوي والأولوية للجنوب

ترقية الإبداع النسوي والأولوية للجنوب
وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة
  • 154
 مريم . ن مريم . ن

افتتحت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، أول أمس، الطبعة 10 للمهرجان الثقافي الوطني لإبداعات المرأة المنظم بشعار "امرأة الجنوب.. أصالة تروى وإبداع يضيء"، وذلك بفيلا "بولكين" بحسين داي، مثمّنة إبداعات وابتكارات النساء في شتى الفنون والصناعات التقليدية.

طافت السيدة بن دودة رفقة وزيرة التكوين والتعليم المهنيين نسيمة أرحاب بمختلف الفضاءات والورشات المخصّصة للحرف التقليدية على غرار الصباغة الطبيعية وصناعة الزرابي والجلود والخزف التقليدي والنسيج وكذا تصميم الأزياء. وأكدت في كلمة ألقتها بالمناسبة أنّ هذا الموعد الذي أصبح تقليدا راسخا، يحتفي بالأنوثة المبدعة، ويكرّس حضور المرأة الخلاقة لفعل ثقافي مختلف، هو أحد أشكال المقاومة الجمالية التي تصنع الحياة، في ثرائها المتجدّد، وحيويتها الباذخة.

قالت الوزيرة أيضا "لا شك أن تكريس هذه الطبعة لإبداعات المرأة الجنوبية، ينبع من تصوّر يؤمن بأنّ الجنوب ليس مساحة جغرافية فقط، بل هو ذاكرة حضارية، وفضاء روحي ينطوي على أبهى ما أبدعته الجزائر في تاريخها العريق"، وأضافت "إنّ الحديث عن المرأة في الجنوب الجزائري، هو حديث عن حكاية طويلة، من الكفاح والمثابرة، لإثبات الوجود، والقدرة العجيبة على تحويل القسوة إلى جمال، والعزلة إلى حيوية مبدعة، والتراث إلى روح تسكن الحاضر.. لهذا تقف هذه المرأة شامخة منذ الملكة تين هينان، تعتزّ بأصولها، وتنتصر لحريتها المسؤولة، وتبدع في تفاصيل لباسها التقليدي، وفي حليّها الفضية، وأناشيدها وطبوعها الغنائية، ومنسوجاتها، وتنظيمها لبيتها وللفضاء، ما يجعل من الصحراء واحة ونبعا.. فالمكان الذي لا يؤنّث، لا يعوّل عليه كما يقول أحد المتصوّفة...".

في سياق حديثها، أشارت الوزيرة إلى أنّ الاستراتيجية الثقافية الجديدة تركّز على "ترقية الإبداع النسوي وتثمينه في مختلف ولايات الوطن، مع إيلاء الجنوب الجزائري أولوية خاصة تليق بثرائه المادي وغير المادي"، مبرزة في هذا السياق سعيها لـ«تثمين هذا الإبداع وتصنيفه وطنيا ودوليا".

وصفت المتحدّثة النساء بأنّهن الحاملات للرأسمال الرمزي لحضارات عريقة، تتواصل جيلا بعد جيل، وهنّ المُستأمنات على الذاكرة والحكمة المتوارثة، قائلة "فيكفي أن نقف بتأن أمام ما تبدعه هؤلاء النساء لنكتشف أهمية الدور الذي تقمن به في مختلف المظاهر الحضارية والثقافية، في الشعر والغناء، والحرف التقليدية، والعادات والتقاليد.. ولا نذكر بعض الأسماء إلا بالمهابة اللائقة، والتقدير الكبير، مثل شاعرتي الطوارق "ماسين"، و«تامغلت"، والمغنيتين لالة بادي في طابع التندي، وحسنة البشارية، الديفا العظيمة لبشار.. هذه الأسماء وغيرها، هي سلسة متواصلة تجسّد الإصرار والعناد، وتؤكّد أنّ الإبداع النسوي في الجزائر ليس استثناء، بل هو أحد أعمدة الهوية الثقافية الوطنية".

قالت الوزيرة بن دودة أيضا "إنّ دعم المرأة المبدعة ليس مجرّد واجب مؤسّساتي، بل هو رهان حضاري على مستقبل تكون المرأة فيه أكثر حضورا وفاعلية، وتساهم في تكوين أجيال الغد، الذي نريده مزدهرا ومتقدّما.. إننا من خلال هذه الطبعة نوجّه رسالة واضحة مفادها أنّ المرأة الجزائرية لا تزال، وستظلّ، ركيزة من ركائز الثقافة الوطنية، وصوتا صادقا للجمال والإبداع والحرية". من جهته، أشاد محافظ المهرجان سيد علي بن مرابط بـ«شجاعة وصمود النساء الجزائريات ونساء الجنوب الجزائري بشكل خاص" واصفا اياهن بـ"رمز الوفاء للجذور والهوية الوطنية".

بالمناسبة، التقت "المساء" بفرقة "تهمات" من جانت وهي تحمل تراث منطقة اهرير السياحية، وعن هذه الفرقة الموسيقية التي تأسّست سنة 2008، قالت خديجة هراري إنّها تؤدي التندي الأصيل، أما أحمادو تهمير من نفس الفرقة فأشار إلى أنّ الفرقة جاءت بغناء المرأة التارقية وهو التندي  وما تقترحه على الجمهور في هذا المهرجان أغاني قديمة من التراث منها "إهاي إهيا" و"هيا ايماني ايهيا" وغيرها وكلّها تحكي عن المرأة، وقالت بعض عضوات من الفرقة إنّ هذه الأغاني تؤدى في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، علما أنّ أغلب ما تقدّمه هو من تراث الأجداد ولا يزال شباب المنطقة الهاوي مقبلا عليه ومتمسّكا به .

كما التقت "المساء" بالسيدة الغالية برناوي وهي حرفية من منطقة تمنطيط بأدرار عرضت الكثير من التحف ذات اللون الأسود وقالت إنّ هذه الصناعة موجودة بالمنطقة منذ قرون وهي رائجة ومطلوبة لكنّها تعاني من نقص اليد العاملة المؤهّلة، وقالت أيضا إنّها تستعمل فيها الطين الأحمر العادي (تقوم بتنشيط ورشة حية في هذه الصنعة خلال المهرجان ) يتم عجنه وتركه ليصبح قديما ويتحوّل لغراء يوضع في قوالب ويترك ليجفّ لعدّة أيام  بعدها تنقش أو يتم الرسم عليها كما تملس بمادة قلم الرصاص على طبقات ثم تدخل الفرن لتطهى على الحطب.

للإشارة، تشارك في هذا المهرجان الممتد إلى غاية 24 أكتوبر الجاري، 7 جمعيات ناشطة في حرف تقليدية على غرار الصباغة الطبيعية، نسيج الزرابي (عرض سيدات يشتغلن على المنسج) الجلود والخزف التقليدي، النسج والطرز من عديد ولايات الجنوب. وتتضمّن الطبعة أيضا عرضا مسرحيا وآخر للحكواتي، إضافة إلى ندوات فكرية وتكريمات لكلّ من الشاعرة صليحة رقاد وأيقونتي موسيقى القناوي والتيندي الراحلتين حسنة البشارية وبادي لالة.